ايفا ابي حيدر
للسنة الثالثة على التوالي، ظلّ اقتصاد لبنان تحت تأثير الأزمات التي تمر بها الدول المجاورة، سيما منها سوريا. وقد أضيفت اليها هذا العام التطورات الأمنية التي حصلت في العراق والتي أثرت بشكل رئيسي على التصدير الصناعي. هذه الخيبات التي أصيبت بها قطاعات الاقتصاد خلال العام 2014 لم تمنع بعض الانجازات سيما في قطاع المصارف الذي حافظ على نمو مقبول.
طبع العام 2014 بسلسلة من الاحداث الاقتصادية بحيث جاءت نتائجها السلبية أكثر من الايجابية. لعلّ السبب الرئيسي وراء تراجع معظم المؤشرات الاقتصادية الأزمة السورية وزيادة ضغط النازحين السوريين.
وقد وصف هذا الملف بالأخطر على لبنان بحيث تخطّى عدد النازحين السوريين المليون ونصف المليون ما أضاع على لبنان فرصة نمو قدّرت بـ 4% تقريبا، وخسارة آلاف فرص العمل، وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب اللبناني الى نحو 25 في المئة. وكانت كلفة النزوج على لبنان باهظة بحيث ما عاد للبنان القدرة على تحملها خصوصاً مع الاعلان عن شح المساعدات الدولية في هذا الملف.
حملة سلامة الغذاء
ومن الابرز هذا العام ايضاً، حملة سلامة الغذاء التي أطلقها وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور وتشهيره بأسماء المطاعم او المحلات التجارية التي تبيع منتجات غير مطابقة لمواصفات سلامة الصحة الغذائية.
كما أرفقت هذه الخطوة بإقفال العديد من المسالخ والمصانع والمحال بالشمع الاحمر الى حين استيفائها شروط السلامة العامة. كما طال الكشف المطار ومرفأ بيروت فتكشفت الكوارث والفضائح. لكن اسلوب عمل ابو فاعور لقي انتقادات بسبب تاثيره السلبي على بعض القطاعات.
اسعار النفط
اقفل العام مع تراجع ملحوظ في اسعار النفط عالمياً من115 دولار في حزيران الماضي الى 60 دولارا مع نهاية العام الراهن، حيث يتوقع أن تتظهّر في القريب المزيد من تداعياته الايجابية على السوق الاستهلاكي اللبناني، خصوصاً بعدما تراجع سعر صفيحة البنزين نحو 10 الاف ليرة في السوق المحلي.
السلسلة
تمّ ترحيل ملف سلسلة الرتب والرواتب الى العام 2015، ، بعد تحركات شعبية قادتها هيئة التنسيق النقابية وارفقت بتظاهرات واعتصامات واقفال المؤسسات والادارات الرسمية والمدارس. وقد أُعيد درس السلسلة مرات عدة من قبل اللجان النيابية المشتركة، بعد إعادتها من المجلس النيابي حتى خفضت كلفتها الى حدود 1800 مليار ليرة، ومع ذلك لم تقر.
تصنيف لبنان
في تصنيف لبنان، توقعت وكالة «فيتش» نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.8% في عام 2014، بعد أن كان 1.5% في عام 2013. كما أكدت الوكالة على تصنيف لبنان الطويل الأجل عند درجة «B» مع توقعات سلبية. وأكدت تصنيفات السندات بالعملة الأجنبية والمحلية غير المضمونة عند «B» أيضا. هذا التصنيف لـ»فيتش» يعكس ارتفاعاً في أعباء الدين العام في ظل وجود مخاطر سياسية وجيوسياسية عالية.
بدورها، خفضت وكالة التصنيف الدولية موديز تصنيف لبنان السيادي الى B2 في تقريرها الاخير من B1 في تقريرها السابق، في حين اكدت نظرتها المستقبلية السلبية.
بالاضافة الى ذلك، خفضت وكالة التصنيف السقف على الودائع المصرفية بالعملات الاجنبية الى B2، من B1 في تقريرها السابق، في حين حافظت على تصنيفها للسقف على سندات الدين بالعملات الاجنبية على Ba3. في المقابل، خفضت وكالة موديز السقف على الودائع المصرفية وسندات الدين بالليرة اللبنانية الى Ba2، من Ba1 في تقريرها السابق.
وبحسب الوكالة، ينسب هذا التخفيض الى ارتفاع الدين العام في الاونة الاخيرة بحيث تتوقع الوكالة ان تصل نسبة الدين العام الى 140% من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2015، اضافة الى تداعيات التوترات السياسية السائدة في المنطقة على لبنان. وتوقع التقرير ايضا ان تتدهور المالية العامة في السنوات القادمة نتيجة التوترات السياسية الناجمة عن الحرب في سوريا والتي انعكست سلبا على الوضع الاقتصادي في لبنان.
المؤشرات
أظهرت إحصاءات شركة «كفالات» إنكماشاً سنويّاً بنسبة ٦٫٦٢% في عدد التسليفات الممنوحة من الشركة إلى ٧٩٦ خلال الـ11 شهرا الأولى من العام ٢٠١٤، في مقابل ٨٠١ كفالة خلال الفترة نفسها من العام ٢٠١٣. أمّا بالنسبة للحجم الإجمالي للقروض المكفولة من الشركة، فقد إنخفض بنسبة ٤٫٤٥% على صعيدٍ سنويٍّ إلى حوالي ١٥٥٫٧٠ مليار ليرة لغاية شهر تشرين الثاني من العام ٢٠١٤، مقارنةً مع ١٩٥،٦٠ مليار ليرة في الفترة ذاتها من العام السابق.
تركّزت النسبة الأكبر من التسليفات في قطاعي الزراعة (٤٨٫١٩ %) والصناعة ( ٣٥٫١٨ %)، تلاهما قطاع السياحة(%١١٫٢٢).
من جهة أخرى، أظهرت تقارير إدارة الاحصاء المركزي ان مؤشّر تضخّم الأسعار زاد بنسبة ٠٫٨٩ % إلى ١٠٠٫٥٢ نقطة في شهر تشرين الثاني من العام الحالي، مقابل ٩٩٫٦٤ نقطة في شهر تشرين الثاني من العام السابق.
سياحة
القطاع السياحي من سيء الى أسوأ منذ ثلاث سنوات حتى اليوم، خصوصاً في ظل الاحداث الأمنية التي يتأثر بها لبنان. مطلع العام أصيبت الفنادق الجبلية بنكسة غياب الثلوج فلم تنتعش الحركة فيها، في الربيع ومطلع الصيف أدّى اعتقال مشتبه بهم في فندق ديروي وغيره الى نكسة في القطاع الفندقي، اذ بدا وكأن الفنادق اللبنانية تحوي ارهابيين. الحركة في الفنادق عادت لتتحسن منذ تشرين، ويمكن القول انها انتعشت خلال فترة الاعياد.
لكن اللافت هذا العام تراجع اسعار غرف الفنادق بنحو 50 في المئة مقارنة مع العامين 2009 و 2010، كذلك انخفضت حجوزات الفنادق خلال فترة الاعياد بنحو 10 الى 13 في المئة مقارنة مع أرقام العام 2013. بلغت نسبة الحجوزات في بيروت خلال هذه الفترة 80 في المئة، أما خارج بيروت فانخفضت الى 60 في المئة، وفي الجبال، كانت الحجوزات منخفضة جداً.
صناعة
بلغ مجموع قيمة الصادرات الصناعية اللبنانية خلال الاشهر الثمانية الاولى من العام 2014 نحو 2 مليار و119 مليون دولار في مقابل 2 مليار و333 مليون دولار خلال الفترة عينها من العام 2013 و2 مليار و401 مليون دولار خلال الفترة عينها من العام 2012، أي بانخفاض نسبته 9.2٪ مقارنةً مع العام 2013 و11.8٪ مقارنةً مع العام 2012.
بلغ المعدل الشهري للصادرات خلال الاشهر الثمانية الاولى من العام 2014 حوالي 264.9 مليون دولار في مقابل 291.7 مليون دولار خلال الفترة عينها من العام 2013، و300.1 مليون دولار خلال الفترة عينها من العام 2012.
من جهة أخرى، بلغ مجموع قيمة الواردات من الآلات والمعدات الصناعية خلال الاشهر الثمانية الاولى من العام 2014 نحو 193.2 مليون دولار في مقابل 217 مليون دولار خلال الفترة عينها من العام 2013 و201.4 مليون دولار خلال الفترة عينها من العام 2012 أي بانخفاض نسبته 10.9٪ مقارنةً مع العام 2013 وانخفاض نسبته 4.1٪ مقارنةً مع العام 2012.
زراعة
أصدرت سوريا قراراً بمنع استيراد المنتجات اللبنانية حماية لانتاجها المحلي والعملة السورية، ما سبب ضرراً للمنتجات اللبنانية وانعكست تراجعاً في اسعار بعض انواع الخضار والفاكهة. وأثر استمرار الأزمة السورية سلبا على القطاع الزراعي فتراجعت الصادرات جراء انخفاض الاستهلاك في السوق السورية، وتدنّي قيمة الليرة السورية. كذلك ارتفعت كلفة الترانزيت للصادرات الزراعية الى دول الخليج عبر سوريا بحدود الـ100 في المئة.
المصارف
أخيرا، ظل القطاع المصرفي شعلة مضيئة في عتمة الأزمة القائمة التي طاولت كل القطاعات تقريبا، ونجحت المصارف في الحفاظ على نسب الارباح التي حققتها في العام الماضي. وسوف تظهر الارقام التي تصدر ابتداءا من شباط 2015 هذا الواقع.
في المقابل، واصلت الودائع النمو، ولو بوتيرة ابطأ من الاعوام السابقة. كما ارتفع حجم القروض المصرفية الى القطاعين الخاص والعام بنسب جيدة. وتدخل مصرف لبنان بتعاميم جديدة هدفت الى الحد من ظاهرة النمو السريع للقروض الاستهلاكية التي بلغت السقف المسموح عالميا.
في الخلاصة، يمكن القول ان الوضع الاقتصادي في العام 2014 اقفل على خيبات اكثر بكثير من الانجازات. ولا تدل المؤشرات الى ان العام 2015 سيكون افضل، إلا اذا طرات تطورات ايجابية على المشهد العام الاقليمين وانعكس ذلك على لبنان.