IMLebanon

برنامج التسهيل الكمي: تغليف ذكي يخفي السياسات الاقتصادية البالية لأوروبا

MarioDragui2
فولفجانج مونشو

ربما هي روح الأعياد. أشعر كأني شخص حصل تقريباً على كل ما تمنّاه. عندما اندلعت أزمة منطقة اليورو، طلبت مساندة طارئة من البنك المركزي الأوروبي. بعد ذلك طالبت باتحاد مصرفي، ومن ثم برنامج استثمار كبير. في كل مرة كان صنّاع السياسة في أوروبا يقولون نعم. أردت برنامج التسهيل الكمّي، وهو عملية شراء السندات السيادية من قِبل البنك المركزي الأوروبي الذي لم يحدث بعد، لكنه ربما يحدث هذا الشهر. وكانت سندات اليورو هي الشيء الوحيد الذي لم أحصل عليه.

النتيجة أربعة من خمسة، فلماذا لا أزال غير سعيد؟ الجواب هو أنني أشعر أني حُرِمْتُ مما أريد. لقد كان مجرد وهم. فأنا لم أحصل على أي شيء.

“الاتحاد” المصرفي سيكون اتحادا فيه كل بلد مسؤول عن نظامه المصرفي الخاص به. الابتكارات الهيكلية الأكثر أهمية هي الإشراف المصرفي المشترك وتمويل ضئيل لتغطية الخسائر عندما يهرب أحد المصرفين بالأموال. عندما طلبت نهجا مُنسقا للتعامل مع المصارف الفاشلة لم يكُن هذا ما قصدته.

يبدو كما لو أن الشيء نفسه سيحدث مع برنامج التسهيل الكمي. أنا واثق أن الأسواق المالية ستحتفل بالقرار. اليورو سينخفض – حتى يقوم شخص ما بقراءة النص المطبوع بحروف صغيرة (الذي يشتمل في العادة على الأمور الدقيقة والاستثناءات). التسوية التي هي قيد المناقشة تسمح للبلدان الدائنة بإعفاء نفسها من مسؤولية أي مخاطر. الفكرة هي أن كل بنك مركزي وطني سيقوم بشراء السندات السيادية الخاصة ببلده – وإذا أدّى ذلك إلى خسائر، فستقوم الحكومة الوطنية المعنية بتسديد الالتزامات إلى البنك المركزي. لنفكر في هذا للحظة. حكومة إيطاليا تقترض الأموال، وبنك إيطاليا يشتري السندات، والحكومة تتعهد بتعويض البنك إذا انخفضت قيمة سنداته (مثلا، لأن الأسواق تتوقف عن الوثوق بوعود الحكومة). هذا التفكير الدائري الذي يطارد بعضه بعضا يشكل حلقة منافية للعقل.

في حال سلك البنك المركزي الأوروبي هذا الطريق، ستكون هذه نهاية السياسة النقدية الموّحدة. مع ذلك، منطقة اليورو من المفترض أن تكون اتحادا نقديا، وليست نظام سعر صرف ثابت يستخدم فيه الجميع العملات الورقية والمعدنية نفسها.

التسوية المطروحة للنقاش تحد أيضاً من حجم أي برنامج للتسهيل الكمي. فلا توجد سوى مخاطر محدودة من التي يمكن أن تستوعبها الحكومات التي تعاني ضائقة مالية في محيط منطقة اليورو. ومن غير المرجح أن تكون قادرة على القيام بما يكفي لتثبيت توقعات التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ أقل من 2 في المائة بقليل.

أنا أدرك أن هذه التسوية لا تزال قيد المناقشة ولم يتم اتخاذ أي قرار، وليس الجميع موافقين. وليس واضحاً بالنسبة لي لماذا يقبلها محافظو البنوك المركزية الذين يؤيدون برنامج التسهيل الكمي.

ربما يقوم تفكيرهم، على ما أظن، على أن وجود برنامج غير كاف للتسهيل الكمي أفضل من عدم وجوده على الإطلاق. إذا كان الأمر كذلك، فهم مخطئون. عادة قبول الحلول غير الكاملة هو السبب في كون منطقة اليورو في الفوضى الحالية. مثلا، قبلت الحكومات التقشف الدائم مقابل إعطاء نقود طارئة في أعوام الأزمة، لكن تلك السياسة لم تفعل سوى توسيع عبء الدين الحكومي. برنامج غير كامل للتسهيل الكمي قد يكون خطوة ليست صغيرة نحو الحل، لكن خطوة كبيرة بعيداً عن الحل. من المهم أن نكون واضحين بشأن الأسباب التي تجعل برنامج التسهيل الكمي ضرورياً.

هناك نوعان من المبررات الممكنة. الأول قد يكون تسييل السندات – تحويلها إلى سندات تدفع فائدة بمقدار صفر ومن المُقدّر ألا يتم سدادها أبداً. هذا قد ينجح، وقد يجلب منافع اقتصادية. لكنه سيكون أيضاً غير قانوني نهائيا، بموجب كل من معاهدة ماستريخت والقانون المحلي الألماني.

السبب الآخر لإجراء برنامج التسهيل الكمي – والسبب الوحيد المقبول قانوناً – هو مساعدة البنك المركزي الأوروبي على تحقيق هدفه المتمثل في استقرار الأسعار.

بإمكاننا خوض نقاش طويل حول ما يعنيه هذا. لكن أي برنامج للتسهيل الكمي يجب أن يكون بنهاية مفتوحة حتى يحصل على أي فرصة لإنتاج هذا التأثير. يمكنك إما القول “كل ما يلزم”، وإما “ليس أكثر من كذا وكذا مليار يورو”. لكن لا يمكنك قول كلا الأمرين في نفس الوقت، وتتوقع أن يصدّقك الناس.

إذا كانت التسوية غير المتماسكة هي الخيار الوحيد المتاح، فينبغي رفضها، لأن منطقة اليورو لا تستطيع تحمّل أي تدبير سياسي آخر فاشل مع فوائد مشكوك فيها وآثار جانبية كبيرة.

إذا قرروا عدم القيام بأي شيء، فسيكون محافظو البنوك المركزية جاهزين للتحدّي. ضربة متأخرة، لكن محددة الهدف جيداً من التحفيز النقدي أفضل بكثير من فرقعة سابقة لأوانها من مدافع البنك المركزي الأوروبي.

قد يتم تغليف السياسة الناتجة بلغة تجعلها تبدو كأنها ما طلبته، لكن التشابه سطحي. هذه هي المشكلة عندما تحاول إرضاء الجميع، لأن ذلك سيجبرك على اتخاذ قرارات نفعية وواقعية – حتى لو كانت خاطئة.