علي حرب
عرف لبنان طفرة سياحية عشية الحرب الأهلية، حيث بلغ عدد الوافدين إليه 1449940 سائحا، ولقب آنذاك بـ «سويسرا الشرق». ومع اندلاع الحرب الأهلية، أصيب القطاع السياحي بخسائر فادحة، وتأثرت مكانته على الخريطة السياحية العالمية.
مع الاستقرار السياسي والأمني الذي وفره اتفاق الطائف، وضعت وزارة السياحة خطة للنهوض بالقطاع، فانطلقت أعمال ترميم وإعادة إعمار المؤسسات السياحية والفندقية، بالإضافة إلى تأهيل وإنارة الأماكن الأثرية والتاريخية.
شهدت الفترة الممتدة من مطلع التسعينيات حتى العام ألفين حركة سياحية ناشطة، وقد وفرت الاستثمارات في القطاع الفندقي، على سبيل المثال لا الحصر، آلاف الغرف الفندقية الجديدة نسبة إلى زيادة الطلب عليها من قبل الوافدين وأمنت بذلك آلاف فرص العمل وعودة كوادر فندقية لبنانية للعمل في وطنها الأم.
وبرغم تعرض لبنان خلال هذه الفترة لاعتداءات اسرائيلية متكررة ووحشية، سجل ازدياد في عدد السائحين الوافدين إليه ليصل عام 1995 إلى 410195 سائحا، بينما وصل العدد إلى 741648 سائحا عام 2000، أي بزيادة مقدارها نحو 81 في المئة مقارنة بالعام 1995 ما انعكس إيجابا على إيرادات الخزينة وعلى النمو الاقتصادي تحديدا.
وبرغم التوترات الأمنية التي شهدها لبنان، بدءا من اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في العام 2005، مرورا بحرب تموز 2006، وما نجم عنها من خسائر كبيرة، وصولا إلى أحداث أيار 2008، بقيت مناعة السياحة أقوى من هذه المحن، إذ استمرت الاستثمارات السياحية حتى وصل عدد الفنادق إلى 330 فندقا بحسب إحصائيات نقابة أصحاب الفنادق في لبنان.
أظهرت إحصائيات وزارة السياحة بلوغ عدد الوافدين إلى لبنان عام 2001، 887072 سائحا، بينما وصل العدد إلى 2167989 سائحا سنة 2010 أي بزيادة نحو 169 في المئة مقارنة بالعام 2001 واعتبر من أفضل الأعوام من حيث عدد الوافدين في تاريخ السياحة اللبنانية، وجاء تتويجا للاستقرار الأمني الذي نعم به لبنان خلال السنوات 2008، 2009 و2010.
وتعتبر فترة 2011 إلى 2014 من أسوأ الفترات التي عصفت بقطاع السياحة في العقدين الأخيرين بسبب الحرب السورية وتأثر لبنان بها، فضلا عن عناصر أمنية أخرى أبرزها قطع طريق المطار أكثر من مرة وبروز ظاهرة الخطف لأجل الفدية المالية وغيرها.
كل هذه العوامل كان لها انعكاس سلبي على معظم القطاعات الإنتاجية بدءا من حركة النقل والترانزيت، تصدير المحاصيل الزراعية، توقف الاستثمارات، وأخيرا القطاع السياحي الذي سجل هبوطا حادا خصوصا في ضوء القرار الذي اتخذته بعض دول الخليج بمنع رعاياها من التوجه إلى لبنان باعتباره بلدا غير آمن، علما ان أولئك الرعايا يشكلون 35 في المئة من إجمالي الوافدين العرب، ناهيك عن نسبة الإنفاق العالية التي يضخونها في السوق السياحي.
وأظهرت الأرقام أن الحركة السياحية تقلصت في السنوات الأربع الأخيرة (2011 ــ 2014) بنسبة 40 في المئة وهي تفسر الى حد كبير تراجع البريق السياحي وظاهرة اقفال فنادق ومؤسسات سياحية وتجميد استثمارات في مشاريع سياحية وصرف أعداد كبيرة من عمال المؤسسات الفندقية والسياحية.
وبرغم هذه الأرقام التي تظهر مدى الكارثة التي حلت بالقطاع السياحي، نظرا لما يشكله كإحدى دعائم الاقتصاد الوطني، فان لبنان يقاوم التحديات الأمنية كما اظهر التقرير السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في العام 2013، فقد احتلّ لبنان المركز 70 بين 139 دولة في العالم، والمركز الثامن بين 14 دولة عربية، والمركز 19 بين 33 دولة ذات الدخل المتوسط إلى المرتفع.
وصنف المنتدى الاقتصادي العالمي لبنان بالمرتبة الأولى لجهة قابليته للسياحة والسفر، إذ إن قطاع السياحة والسفر يشكل جزءا كبيراً من نشاطه الاقتصادي، ويتمتع بنظرة ايجابية تجاه المسافرين الأجانب، مع تقدير لميزاته السياحية خصوصا أن لبنان لديه خصائص ثقافية ومناخية فضلا عن خمسة مواقع أثرية مصنفة كمواقع تراثية عالمية.
كيف يمكن الاستفادة من هذه العناصر ومن التحسن الأمني في الشهور الأخيرة، لرسم خريطة طريق ايجابية للعام 2015؟
هنا، تبرز الحاجة الى القيام بخطوات إنقاذية يمكن تعداد عناوينها على الشكل الآتي:
] عدم قطع طريق مطار بيروت الدولي.
] اقامة مهرجانات تسوق على مدار السنة.
] تخفيض قيمة الرسوم في مطار بيروت على الوافدين.
] نقل الوافدين ضمن رحلات خاصة وباسعار تشجيعية.
] تنظيم رحلات سياحية ضمن رزمة خدمات باسعار تناسب ميزانية الفئات الاجتماعية كافة.
] توحيد اسعار غرف الفنادق بحسب تصنيف درجة كل فندق على جميع الاراضي اللبنانية.
] تفعيل السياحة الريفية المناطقية وتعزيز وتطوير المهرجانات الصيفية في جميع المناطق.
] تطوير البنية التحتية للنقل البري بحدودها الدنيا وإنارة الأوتوسترادات خصوصا في المناطق التي تشهد مهرجانات صيفية سنوية.
] العمل على تفعيل الترويج السياحي في دول الجوار.
] اقامة معارض سياحية في الخارج لتشجيع المغتربين اللبنانيين على المجىء الى وطنهم.