يتوقع ان تواجه الأسواق العالمية بشكل عام، والأوروبية بشكل خاص، حالاً من التخبط خلال الأسابيع المقبلة في انتظار نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة في اليونان المقررة في 25 كانون الثاني (يونيو)، والتي ستحدد مستقبل هذا البلد وعلاقته مع الإتحاد الأوروبي. ويتنافس في الإنتخابات رئيس الوزراء الحالي أنطونيس ساماراس المؤيد لبقاء اليونان في منطقة اليورو، مع زعيم المعارضة الكسيس تسيبراس من “حزب سيريزا” اليساري المتطرف المعارض لسياسة التقشف التي تتبعها الحكومة، والمطالب بإعادة هيكلة الديون وإعادة التفاوض حول شروط القروض. وتشكل التصريحات التي نقلتها “دير شبيغل” الألمانية أمس (السبت) عن عدم ممانعة المستشارة الألمانية انغيلا ميركل في خروج اليونان من منطقة اليورو تغييراً في الموقف الألماني التقليدي، ومحاولة لطمأنة الأسواق بعد استطلاعات الرأي الأخيرة التي توقعت فوز اليسار اليوناني. ويشير الخبراء الاقتصاديون إلى وصول أزمة الديون الأوروبية إلى مرحلة حرجة بات فيها التخلي عن وحدة منطقة اليورو أكثر صعوبة وتكلفة من الحفاظ عليها. ويشبه الباحث باري ايكنغرين خروج اليونان من العملة الأوروبية بانهيار بنك “ليمان براذرز” الأميركي خلال الأزمة المالية العالمية في 2008، متوقعا تقديم الاتحاد الأوروبي تنازلات جديدة للحفاط على اليورو. وتتفاوت تقديرات الخبراء للخسائر المباشرة وغير المباشرة التي ستترتب على خروج اليونان، لتتجاوز بأحسن الأحول تريليون دولار. وتوقع “صندوق النقد الدولي” في وقت سابق خسارة الاتحاد الأوروبي نحو 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال السنة الأولى، وهو السيناريو الأقل تشاؤماً، في حين تصل الخسائر في السناريوهات الأكثر تشاؤماً إلى 6 في المئة من الناتج المحلي. ومن المتوقع أن يرفض “البنك المركزي الأوروبي” الاستمرار في إعادة تمويل المصارف اليونانية عبر مساعدات تقدر بنحو 40 بليون يورو. وستواجه الدراخما (العملة اليونانية قبل اليورو) نتيجة ذلك تراجعاً حاداً بعد عودة التعامل بها وتحويل ديون اليونان السيادية من اليورو إلى العملة المحلية، الأمر الذي سيترافق مع ارتفاعات متتالية في معدلات التضخم وهروب الاستثمارات إلى خارج البلاد. وأشار الخبير الاقتصادي مارتن فيلدسترين أن الحل الأفضل في رأيه توجه دول الاتحاد الأوروبي إلى سن تشريعات ضريبية خاصة بها، وخفض ضريبة القيمة المضافة لتشجيع الاستهلاك خلال السنوات الخمس المقبلة.