نابغ نورالهدى
توقع خبراء عملة، أن تُدفَع روسيا إلى استخدام احتياطيها من الذهب لدعم الروبل المتهاوي . وسرت في ذلك الإطار، شائعات مفادها أن روسيا باتت على وشك بيع احتياطيها من الذهب . غير أن أنباء أخرى معاكسة دحضت تلك الشائعات، بعدما أشارت إلى أن روسيا تواصل في الواقع، إضافة المزيد من الذهب إلى حيازاتها .
نقلت شبكة “سي إن بي سي”، عن جون بتلر، رئيس قسم الاستثمار لدى شركة “ألتوم كابيتال”، وألسدير ماكليولد، رئيس الأبحاث لدى بورصة السبائك على الإنترنت “غولد موني”، اعتقادهما بأن الرئيس فالديمير بوتين قد يلجأ إلى نظام “معيار الذهب” النقدي، لدعم اقتصاد بلاده .
وقال ماكلويد في رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى شبكة التلفزة الأمريكية: “روسيا كانت، ولا تزال قادرة على تبني معيار الذهب . ليس هناك شك في أن روسيا، والصين، إضافة إلى دول يوراسيا الأخرى، تقوم بتكديس الذهب، وهناك مؤشرات على أنها تراه محورياً للحلول مكان الدولار الأمريكي في تجارتها العابرة للحدود” .
وأضاف: “ما إذا كانت روسيا ستفعل ذلك حقاً، فتلك مسألة أخرى”، لكنه توقع أن يفتقد بنك روسيا المركزي الجرأة لفعل ذلك . وقال انه إذا أثير بوتين بما يكفي، فقد يحكم بأنه الأفضل لمصالح روسيا، ومن ثم قمع كل الأصوات المعارضة داخل البنك المركزي .
وتابع قائلاً إن من مصلحة روسيا أن تنأى بنفسها عن العملات الغربية المتضخمة، وأن تؤسس اقتصادها على عملة سليمة مثل الذهب . بيد أن الدول المدينة التي توفر رفاهاً حقيقياً لمواطنيها ستكون الأكثر عرضة للتهديد عند أيِّ عودة إلى تحويل الذهب، ولذلك يرى ماكلويد أن روسيا ربما تعمل بالتالي على بناء “أسلحة دمار شامل مالية” .
فك ارتباط الذهب والدولار
لقد تم اطراء إدارة الرئيس الأمريكي الراحل نيكسون، عندما كسرت الرابطة بين الذهب والدولار في بداية سبعينات القرن الماضي، وسط تضخم جامح، وتصاعد في التكاليف نتيجة لحرب فيتنام، وأزمة النفط . وقبل ذلك، كانت هناك كمية ثابتة من الذهب، قابلة للتحويل مباشرةً إلى الدولار وبالعكس . ويعني ذلك من الناحية النظرية، أن عرض النقود يتم تحديده بكمية الذهب التي تدعمه، بينما كانت أسعار الصرف تُبنى على الفرق في سعر أونصة الذهب بين الدولار وعملة أجنبية أخرى .
شراء المعدن النفيس
وقد لجأت روسيا خلال السنوات الأخيرة إلى شراء الذهب بقوة، وأنشأت روابط عملة وثيقة مع الصين المجاورة خلال هذه العملية . ونتيجةً لذلك قفزت حيازتها من الذهب إلى 2 .38 مليون أونصة كما في الأول من ديسمبر/كانون الأول ،2014 وفقاً لبيان صادر عن البنك المركزي الروسي في 19 من الشهر الجاري، وذلك صعوداً من 6 .37 مليون أونصة قبل شهر، وبالتالي بددت مخاوف أنها باعت المعدن النفيس للحصول على الدولار لأجل إعادة التوازن للروبل، قبل أن تمر العملة الروسية بأسبوع عصيب فقدت فيه 11 في المئة من قيمتها خلال يوم واحد، وهو أكبر انخفاض في يوم واحد منذ عام 1998 .
نظام جديد
أبلغ جيم ريتشارد، كبير المديرين لدى “تانجنت كابيتال”، والذي كتب باستفاضة عن هذا الموضوع، “سي إن بي سي” في رسالة عبر البريد الإلكتروني، أن روسيا ستتجه إلى نظام العملة المدعومة بالذهب، ولكنه يعتقد أن هذه الخطوة لا تزال بعيدة .
وقال: “روسيا ستستمر في الاستحواذ على الذهب، ولكنها بحاجة إلى احتياطيات عملة صعبة لتقليل الهوة بين وضعها الراهن، وأهدافها المستقبلية” . ويشار أيضاً إلى أن هناك عقبة رئيسية أخرى تعترض روسيا، وتتمثل في ارتباط عملتها القوي بأسعار النفط، وبالتالي سيعني نظام العملة المدعومة بالذهب، ربطها بسلعة ثانية .
ومن ثم سيعوق ذلك استخدام التعويم الحر للعملة كآلية لامتصاص الصدمات في اقتصادها . ولذلك لا تُرجِح فونكس كالين، مديرة استراتيجية الأسواق الناشئة لدى “سوستيه جنرال”، أن تتجه روسيا إلى نظام العملة المدعومة بالذهب .
واستطرد “في هذه النقطة من الزمن، ربما يكون منطقياً بالنسبة لروسيا تكديس احتياطيات الذهب، لكونه سيساعدها في التنويع بعيداً عن الأصول الأمريكية، والبقاء في وضعية متقدمة على دورة التشدد في السياسة النقدية للولايات المتحدة، والتي قد تؤثر سلباً في حيازات سندات الخزانة الأمريكية، كما أنها ستستفيد من الحماية ضد التضخم التي ستوفرها أصول الذهب .