ايفا ابي حيدر
أعلنَ وزير المال جهاد أزعور أن لا خوف على تراجع تحويلات المغتربين للبنان نتيجة تراجُع أسعار النفط، خصوصاً وأنّ موازنات الدوَل الخليجية تؤكّد أن لا تغيير في السياسة المالية والاستثمارية المتَّبعة. وأكّد لـ»الجمهورية» أنّ «الإصلاح يكون بالتطوير وليس بإقالة موظفين واستبدالهم».
إعتبرَ وزير المال السابق جهاد أزعور أنّ عام 2014 شهدَ تراجعاً كبيراً على صعيد المالية العامة، بعدما ارتفع عجز الدولة الى رقم قياسي تخطّى أربع مليارات دولار، وفق التوقّعات، كما سجّل الميزان الأوّلي عجزاً، وهذا مؤشّر سلبي لأنه يدلّ على تنَامٍ سريع للدَين العام. وما زاد هذا العام صعوبةً أيضاً العجز المسجّل في ميزان المدفوعات، الأمر الذي يتكرر للعام الثاني على التوالي، ما شكّلَ تراجعاً على الصعيد المالي.
في المقابل، بقيَت الفوائد العالمية منخفضة، فلم ترتفع كلفة خدمة الدين. وبقيَ النمو منخفضاً نسبياً للسنة الرابعة على التوالي، أي من العام 2011، بحيث لم يتجاوز الـ 2 في المئة. ولا يزال لبنان يعاني من المشاكل الاقتصادية نفسِها من ضعف في البنى التحتية، خصوصاً في موضوعَي الكهرباء والاتصالات، ولم يساهم القطاعان حتى اليوم في تحريك العجلة الاقتصادية ورفع مستوى الإنتاجية في الاقتصاد.
هذا إلى جانب تأثير الأزمة السورية على لبنان، أكانَ على الصعيد الاجتماعي الإنساني مثل أزمة النزوح، أو على الصعيد الاستثماري بسبب نسبة المخاطر التي ارتفعَت نتيجة الوضع السياسي الداخلي، والفراغ في رئاسة الجمهورية.
ردّاً على سؤال عن توقّعاته للعام 2015، قال أزعور لـ»الجمهورية»: لا شكّ في أنّ هناك عوامل إيجابية وأخرى سلبية. في الإيجابيات يبرز التراجع الكبير الذي شهدَته أسعار النفط في الفصل الأخير من العام 2014 وهذا مؤشّر إيجابي، خصوصاً وأنّنا دولة مستوردة للنفط، ما يشكّل عنصراً مهمّاً في وارداتنا.
أضاف: من المتوقع أن يخفّف هذا العامل من الكِلفة على ميزان المدفوعات، ومن العبء على خزينة الدولة، بحيث من المتوقع أن يتراجع عجز كهرباء لبنان مع تراجع أسعار النفط. وتالياً في حال استقرّت أسعار النفط عالمياً على ما هي عليه من المتوقّع أن تؤمّن الدولة وفراً بأكثر من 500 مليون دولار.
على صعيد المستهلك، فإنّ تراجعَ سعر النفط وتراجعَ سعر اليورو يزيدان من القدرة الشرائية للدَخل. من ناحية تراجُع سعر صفيحة البنزين في لبنان نحو 10 آلاف ليرة، فهو يزيد من القدرة على الصرف، ومن ناحية أخرى تراجع اليورو يفيد المستهلك اللبناني، خصوصاً وأنّ 50 في المئة من وارداتنا هي في اليورو، ما يشكّل عنصراً إيجابياً إضافياً يساعد على الاستهلاك. إلى هذه الإيجابيات، من المتوقّع أن تظلّ الفوائد على الدولار وغيره منخفضة جدّاً في العام 2015، بما يساعد جدّاً دولةً مثلنا لديها حجم دَين خارجي كبير.
من جهة أخرى، لفتَ أزعور إلى أنّ غياب النموّ عن لبنان لأربع سنوات متتالية أضعَف البنية الاقتصادية، لذا المطلوب اليوم اتّخاذ مجموعة من الإجراءات. أضِف إلى ذلك أنّ استمرار ارتفاع العجز في ميزانية الدولة يشكّل عنصراً سلبياً، إلى جانب عدم الاستقرار الداخلي والإقليمي وتأثيره على الوضع الاقتصادي.
هذا الواقع يتطلب استراتيجيةً أو خطّة عمل للعام 2015 على صعيد السياسة الاقتصادية، تكون أكثر فاعلية ممّا رأيناه في العام 2014.
على صعيد المالية، قال أزعور: المطلوب أوّلاً المحافظة على الاستقرار من خلال التمويل المسبَق لاستحقاقات الدولة في العام 2015، علماً أنّ كلّما اتّخذت الدولة خطوات مسبَقة وأراحت السوق في ظلّ وضعٍ سياسي غير مستقر في العالم تخفّف من مستوى الضغط ومستوى الترقّب عند المستثمر.
ودعا أزعور الى اتّخاذ خطوات واضحة للَجمِ الإنفاق.
وأشار الى أنّ رغم الكلام الذي صدرَ عن بعثة صندوق النقد الدولي إثر زيارتها للبنان، ورغم التقارير الصادرة في هذا الإطار، لم نرَ أيّ إجراءات فاعلة من قبَل وزارة المالية أو المصرف المركزي في موضوعَي لجمِ الإنفاق وعدم تمويل الدولة من قبَل المصرف المركزي، حيث يجب ان تتّخذ بعض الإجراءات على هذا الصعيد.
الصعيد الاقتصادي
على الصعيد الاقتصادي، قال أزعور: اليوم ورغم التراجع الاقتصادي، في مقدور بعض القطاعات أن تعطي نتائج أفضل في العام 2015، إذا ما أعطِي لها الزخم والدعم الكافيان من قبَل الدولة، لا سيّما منها كلّ القطاعات المرتبطة بالتصدير، الى جانب بعض القطاعات الزراعية والصناعية، خصوصاً تلك التي تحتاج الى طاقة مكثّفة، بحيث تصبح قدرتها على التصدير أفضل مع تراجع أسعار النفط.
تابَع: بإمكان الدولة من خلال إعداد برنامج تحفيزي هادف، أن تساعد هذه القطاعات، خصوصاً وأنّ المطلوب اليوم أيضاً خلق فرَص عمل. فإنّ 4 سنوات من النموّ الضعيف تتطلّب اليوم إجراءات هادفة، لا سيّما أنّ المطلوب اليوم جدّية أكثر بسياسة تعاطي الدولة في موضوع النازحين السوريين.
ورأى أزعور أنّ عام 2015 يجب أن يحمل حلولاً وتطوّراً نوعياً لملفَّين رئيسيَين، هما: ملفّ الكهرباء بحيث يجب أن يعالج بطريقة نوعية، لا سيّما مع تراجُع أسعار النفط عالمياً. فالمطلوب اليوم إصلاحات في هذا القطاع مع إعادة النظر بالتعرفة لتخفيف العجز وتحسين الخدمة.
والملف الثاني هو مكافحة الفساد الذي بدأ به وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور. فعملية مكافحة الفساد تعطي فاعلية أكثر للدولة وأجهزتها، ومستوى أقوى من الإنتاجية، إلى جانب تحريك العجلة الاقتصادية.
مفاعيل النفط
ردّاً على سؤال عن المفاعيل السلبية لاقتصاد لبنان التي قد تنجم عن تراجع أسعار النفط، قال: حُكي كثيراً عن احتمال عودة المغتربين وتراجع التحويلات الى لبنان، لكن برأيي أنّ موازنة الدوَل الخليجية الكبرى، مثل السعودية، والتي صدرَت من أيام، واضح أنّها ستستمر بمستوى الإنفاق نفسه، كذلك بالنسبة الى الإمارات والكويت وقطر.
تابَع: واضحٌ اليوم أنّ الدوَل الخليجية ستستمرّ بالسياسة المالية والاستثمارية نفسِها. لا أعتقد أنّ على المدى القصير في العام 2015 سيكون هذا الموضوع عنصراً أساسياً. ورجَّحَ أزعور أن يؤثّر هذا التراجع ربّما على تحويلات المغتربين في القارة الأفريقية أو في دوَل قد تعيد النظر بسياستها الماليّة. ولفتَ إلى أنّ تواجدَ اللبنانيين في دوَل العالم أجمع خلقَ نوعاً من التنوّع، بحيث لا يجعل التحويلات مرتبطة بسِلعةٍ واحدة أو رهن اقتصاد واحد.
إصلاحات المال
عن الإصلاحات التي بدأتها وزارة المال من دائرة الشؤون العقارية، قال: هناك مجموعة من المشاريع الإصلاحية موجودة في الدوائر العقارية في الجمارك تأخَّر تطبيقُها ويجب تفعليها. صحيحٌ أنّ مِن المهم إطلاق خطوات إصلاحية في هذا المجال، لكن أيضاً يجب تفعيل مجموعة من المشاريع الموجودة، مثل تطوير هذه الأنظمة الممكنة وتحديثها. أضاف: الإصلاح يكون بالتطوير وليس فقط إقالة موظفين واستبدالهم. يجب تطوير آليّات العمل، إستعمال التكنولوجيا وإصلاح القوانين.