عدنان الحاج
لن تكون مؤشرات العام 2015 الاقتصادبة والمالية، كما كانت في العام الذي سبقه لأكثر من سبب وعلى أكثر من صعيد، استناداً الى النتائج المحققة خلال العام 2014 من جهة، مضافاً اليها عنصر الفراغ الذي سيضرب، أو سيؤثر في باقي المؤشرات والنتائج التي جاءت مستقرة خلال العام المنصرم. وهي عناصر ستؤثر في ما تبقى من فرص الاستثمار القائمة.
كل القطاعات تتهيب الوقوع في مؤشرات اسوأ، بما فيها القطاع المالي والمصرفي الذي حقق نموا جيداً في ظروف تشغيلية صعبة، على الرغم من نمو الودائع بأكثر من 7 مليارات دولار، مقابل حوالي 8.1 مليارات دولار للفترة ذاتها من العام 2013. لكن القدرة لن تكون سهلة التناول خلال العام الجديد في حال استمرار ظروف المنطقة، على ما هي عليه من عدم الاستقرار وضعف التوظيفات .
مؤشرات مقلقة للقطاعات
البداية هذه المرة ستنطلق من موضوع ميزان المدفوعات، الذي سجل عجزاً قاربت قيمته حوالي 1250 مليون دولار، مقارنة مع حوالي 1665 مليونا خلال العام 2013. مع العلم هنا أن المصارف استحضرت خلال العام 2014 حوالي 2.5 مليار دولار من ودائعها الخارجية لتوظيفها لدى مصرف لبنان وفي السوق الداخلية، نتيجة عدم وجود توظيفات، وقلة المردود في الخارج. هذا المبلغ جمل صورة العجز وخفف منها. هذا الواقع يطرح السؤال الآتي: ماذا ستفعل المصارف وماذا سيكون حجم ميزان المدفوعات في حال استمر الوضع القائم من دون تراجع؟
التحويلات والرساميل الوافدة
النقطة الثانية تتعلق في حجم التحويلات والرساميل الوافدة إلى لبنان، وأكثرها من تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج، التي حافظت على مستواها كما العام 2013 نتيجة استقرار تحويلات اللبنانيين في الخارج أولاً والتي تفوق 8.4 مليارات دولار، وبفعل دخول التحويلات المصرفية من نشاطها وموجوداتها الخارجية، بما قيمته حوالي 2.5 مليار دولار. هذا مع تراجع حركة الاستثمارات والتوظيفات المالية في المشاريع الجديدة حوالي 55 الى 60 في المئة، حسب الإحصاءات القريبة لغياب التقديرات الرسمية. هذا الجانب يحمل أخطر مؤشر اجتماعي لجهة المزيد من نمو البطالة وتراجع فرص العمل الجديدة وتقلص القديمة.
لقد بلغت قيمة الرساميل الوافدة حتى نهاية الشهر ما قبل الأخير من السنة الماضية حوالي 14.5 مليار دولار، مقابل حوالي 14.1 للفترة ذاتها من السنة التي سبقتها، مستفيدة من تحويلات القطاع المصرفي لبعض موجوداته من فروعه الخارجية، مما ساهم بتجميل الصورة، ولو مرحلياً ضمن توجهات شراء الوقت والبحث عن التوظيف الأفضل لها. ومع كل المحاولات فقد تراجعت أرباح المصارف حوالي 2.7 في المئة، وهو أمر لن يكون من السهل المحافظة عليه في العام الجديد، في حال استمرار الظروف القائمة، من التطورات في لبنان والمنطقة التي ضربت وانعكست مباشرة على مثلث النمو الاقتصادي في لبنان، مع تسجيل بعض الملاحظات التي ضربت هذه الفرص بفعل عدم الاستفادة، ولو مرحلياً، من تراجع النشاط الاقتصادي والاستثماري والسياحي في الدول المجاورة، بفعل أزمات المنطقة وتضرر القطاعات التي كان للبنان إمكانية الاستفادة منها وتحسين مؤشراته ونتائجه، وقد خسر أكثر من فرصة لانخراطه في محاور حروب المنطقة.
خسارة القطاع السياحي
تكفي إشارة أولاً الى القطاع السياحي الذي لم يتحسن والذي اقتصر على نشاط اللبنانيين، وخسر الآلاف بل عشرات الآلاف من السياح العرب الأكثر إنفاقاً وتعزيزاً للنمو. ومع ذلك فان عدد الوافدين بلغ حوالي المليون و30 الف وافد أكثرهم من اللبنانيين بزيادة بسيطة عن العام الماضي حوالي 4 في المئة. غير ان هؤلاء في أكثرهم يملكون منازل في لبنان أو لدى ذويهم، وهم لا يشغلون المطاعم والفنادق وشركات السيارات بشكل عام.
تراجع الصادرات الزراعية
الصادرات الزراعية كانت ضعيفة جداً، حيث تراجعت بما قيمته حوالي 30 مليون دولار، وهي بلغت في 11 شهراً تقريبا حوالي 230 مليون دولار، مقابل حوالي 260 مليون دولار للفترة ذاتها من العام 2013، اي بتراجع نسبته 10.8 في المئة، مقارنة مع سنة 2013 وهي كانت سيئة في نتائجها.
الصادرات الصناعية أيضاً تراجعت بشكل أكبر، بما نسبته حوالي 21.3 في المئة وبلغت حوالي 2.8 مليار دولار مقابل حوالي 3.55 مليارات دولار للفترة ذاتها من السنة السابقة.
مع الاشارة هنا الى ان القطاعات الكبرى في لبنان من حيث تشغيل اللبنانيين تكمن في الصناعة والسياحة والزراعة وضمنا قطاع الخدمات.
تراجع المبيعات العقارية
حتى القطاع العقاري تأثر بشكل كبير، حيث تراجعت قيمة المبيعات العقارية حوالي 100 مليون دولار بما نسبته حوالي 17.2 في المئة، وهو القطاع الذي يقوم في الفترة الأخيرة على مبيعات الشقق المتوسطة، مع تراجع حجم المستثمرين والمشترين من العرب والأجانب نتيجة الظروف القائمة حول لبنان وفي داخله. وتبقى الإشارة الى أن الحوافز والتسهيلات التي قدمها مصرف لبنان، بما يقارب الملياري دولار خلال السنوات الأخيرة، وضمنها حوافز 2015، نشطت القروض السكنية وحسنت الحركة.
في القطاعات السياحية والصناعية والتجارية والزراعية، فان الاستهلاك والطلب الداخليين عَوَّضَا بعض الطلب من دون الذي يرهق قدرة الخزينة على تغطية حجم العجز الذي يتفاقم كلما طالت الأزمة واستمر الفراغ في لبنان على الصعيد الرئاسي والإداري والمؤسساتي، مما يزيد الهدر ويكبر حجم الفساد على حساب نمو عجز الموازنة الغائبة، وتراجع النمو الاقتصادي المضروب أصلاً والمتراجع الى ما دون 1.5 في المئة.