Site icon IMLebanon

رياض سلامه: لا ضغوط على المصارف وتدعيم القطاع من خلال الدمج…وتراجع أسعار النفط تحدي بارز

RiadSalameh3
هلا صغبيني
توقع حاكم مصرف لبنان رياض سلامه ان تصل نسبة ملاءة القطاع المصرفي الى 12 في المئة عام 2015، مشيرا الى ان توجه المصرف المركزي هو «ان ندعّم القطاع المصرفي من خلال الدمج، اذ ان أي مصرف ليست لديه دورة عمل كافية، سيرفع الفائدة ويؤثّر في باقي المصارف ويضع تكلفة على الاقتصاد«. وطمأن الى ان القطاع المصرفي اللبناني «سيبقى بمنأى عن كل الضغوط ما دام لبنان يحترم القوانين المعمول بها عالمياً«، مشددا على عدم وجود أي ضغوط أو حملات على القطاع المصرفي، وقال ان «مصرف لبنان، ملتزم المعايير والقرارات الدولية، بما لا يعرّض أي مصرف من مصارفنا اللبنانية للاهتزاز«.

اما ابرز التحديات التي تواجه الاقتصاد والليرة في العام 2015، بحسب سلامه، فهو انخفاض سعر النفط، كونه يؤثر على حركة الاقتصاد في الخليج، منبع التحويلات الى لبنان. لكن هذا الانخفاض، في المقلب الاخر، قد يحد من الاثار السلبية لتراجع التحويلات اذا ما ترافق مع انخفاض في اسعار المواد الاولية الاخرى المرتبطة بالنفط، وهو ما يجعل ميزان المدفوعات ايجابيًا.

والى تقّلب اسعار النفط، هناك تحديان سيواجههما الاقتصاد في العام 2015، يتمثلان باستمرار نمو معدلات البطالة والركود في منطقة اليورو.

واذ لا يتوقع سلامه ارتفاعاً في معدلات الفوائد في العام 2015 «رغم التوقعات العالمية بارتفاعها»، دعا الى اجراء اصلاحات في المالية العامة بهدف خفض مخاطر لبنان وحض الاسواق على قبول فارق فائدة بيننا وبين الخارج.

وعن مصادر النمو في العام 2015، اشار سلامه الى انه لا يزال يعتمد الى حد كبير على التحفيزات التي يطلقها مصرف لبنان (وكان سلامه اعلن سلة تحفيزية بقيمة مليار دولار في 2015)، في ظل الاوضاع غير المستقرة المحيطة بلبنان. ويتوقع ان يكون لبنان حقق نسبة نمو بين 1،5 في المئة و2 في 2014 ، 50 في المئة منها متأتية من سلة تحفيزات «المركزي».

وعن التباين بين السلة التحفيزية التي يطلقها مصرف لبنان والضوابط التي وضعها امام تسليفات المصارف، طمأن سلامه الى ان التدابير التي اتخذها مصرف لبنان لن تؤثر على التسهيلات التي يوفرها، لكن ما قام به تجنبًا لاي مشكلة قد تواجه الاسر اللبنانية في المستقبل، فـ» التدابير المتخذة احترازية اكثر منها لمعالجة مشكلة موجودة«.

يذكر ان مصرف لبنان كان اتخذ سلسلة اجراءات مشددة لضبط القروض الاستهلاكية، فأصدر مثلًا في تشرين الثاني تعميمًا وسيطاً حمل الرقم 376 الذي يفرض على المصارف تكوين مؤونات على محفظة القروض والتسليفات المنتجة للفوائد. وهو ما اثار حفيظة المصارف التي قالت ان التعميم المذكور يرتب تكلفة إضافية على التسليفات ستنعكس ارتفاعاً في معدلات الفوائد المدينة للزبائن في فترة ركود اقتصادي، وانه يضع عبئاً إضافياً على المقترضين لناحية ضرورة ان يوفروا دفعة أولى مسبقة قد تقارب 40 في المئة من تكلفة المسكن (أو السيارة) إذا أخذت بالاعتبار تكلفة التأمين، فيما لا يتناسب ذلك مع مستوى مداخيل فئات الدخل المحدود.

وبرأي سلامه اخيرا، فان لبنان اظهر مناعة في العام 2014 رغم كم الازمات والتحديات التي مر بها، مشددًا على انه «لا يجب التقليل من شأن هذه المناعة» في وقت تعيش المنطقة صعوبات اقتصادية ناتجة عن اضطرابات سياسية.

في ما يأتي نص الحوار الذي اجرته «المستقبل» مع الحاكم سلامه:

[ما هي قراءتكم وتقويمكم لأداء الاقتصاد في العام 2014؟

ـ يرتبط الوضع الاقتصادي في لبنان الى حد كبير بالوضعين السياسي والامني. وفي العام 2014، مر لبنان بازمات وتحديات عدة، منها أعداد النازحين التي تخطت كل التوقعات، واستمرار اللااستقرار على صعيد المنطقة وفي الداخل، كما المشكلات الاقتصادية التي تتخبط بها البلدان المحيطة. وقد اظهر لبنان مناعة رغم أنه يتحمل تكلفة عدد كبير من النازحين، وحوله المنطقة كلها تعيش صعوبات اقتصادية ناتجة عن اضطرابات سياسية، ومعظم هذه الدول اتجهت إلى الخارج لتأمين النقد لتستكمل حركتها الاستيرادية. كما شاهدنا في منطقة البحر المتوسط افلاسات لدول، لذلك لا يجب التقليل من شأن هذه المناعة الموجودة في لبنان.

ما زلنا نتوقع أن يراوح النموّ الفعلي للاقتصاد اللبناني بين 1,5 في المئة و2 في المئة. فعلاً، ان المقومات موجودة داخلياً لانطلاقة اقتصادية، ولا سيما القدرة التمويلية. ونحن كمصرف مركزي نعمل للمحافظة على السعة والقدرة التمويلية. اما الباقي فهي امور خارجة عن سيطرتنا، وهي تستطيع ان تخدم او تضر الاقتصاد اللبناني.

[برأيكم، ما هي أبرز ثلاثة تحديات سيواجهها الاقتصاد في العام 2015؟

ـ لا تزال التحديات الأبرز التي يواجهها الاقتصاد العالمي تتمثل بتقلب أسعار النفط، واستمرار نمو معدلات البطالة والركود الذي تعانيه منطقة اليورو. كما أن الأزمات السياسية والجيوسياسية ترخي بثقلها على الاقتصاد العالمي.

أما في لبنان، فلا تزال نسبة المخاطر وتداعياتها على توقعات النمو الاقتصادي وازنة. فإلى جانب التحديات قصيرة الأمد التي تواجه الاقتصاد بسبب الصراع السوري وتدفق النازحين السوريين، دخل لبنان في عنق الزجاجة بسبب بنيته التحتية المتدهورة: من المياه، إلى النقل والاتصالات والكهرباء. ومن أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد والليرة، انخفاض سعر النفط عالميا وتداعياته المباشرة وغير المباشرة.

[كيف ترون تأثير ارتفاع سعر الدولار على الاقتصاد اللبناني؟ وما هو تأثير ارتفاع الفوائد عالمياً على بنية الفوائد في لبنان وعلى اصدارات الدولة اللبنانية وعلى المالية العامة؟ وبرأيكم هل سيستمر هذان التوجهان ( أي ارتفاع الدولار والفوائد) في العام 2015؟

ـ لبنان بلد مدولر، وبالتالي فان ارتفاع سعر الدولار مقابل العملات الأخرى له مفعول ايجابي على الاقتصاد من نواح عدة: فنحن نستورد أكثر من 60 في المئة من السلع باليورو، وعلاقتنا باوروبا تجاريا قوية، وبالتالي فإن انخفاض سعر اليورو مقابل الدولار يخفف من فاتورة الاستيراد. وكوننا نصدر بالدولار، فاننا نعزز فاتورة التصدير.

ايضا، كلما انخفض اليورو تحسن وضع لبنان، لان شريحة كبيرة من اللبنانيين تقبض بالدولار، وتشتري باليورو، وخاصة ان لبنان يستورد معظم حاجاته من اوروبا، وبالتالي نستفيد عندما ينخفض اليورو. نحن نستورد من اوروبا ونصدر الى دول الخليج المرتبطة بالدولار.

في جانب اخر، لا نتوقّع ارتفاعا في الفوائد رغم التوقعات العالمية بارتفاعها. الفائدة في لبنان تتأثر بالفائدة قصيرة الأجل خارجياً، واليوم، نظراً للأوضاع القائمة في كثير من الدول الغربية والآسيوية، من الصعب أن يحدث ارتفاع سريع للفوائد قصيرة الأجل، ولذا لدينا مساحة. غير أننا نأمل بأن تُستغلّ هذه المساحة لإصلاح المالية العامة، بما يساعدنا على خفض مخاطر لبنان وحض الأسواق على قبول فارق فائدة أقل بيننا وبين الخارج.

[ما هو تأثير انخفاض سعر برميل النفط على تحويلات المغتربين وعلى الاقتصاد ككل، سيما وأنكم قلتم إن هذا الأمر سيشكل تحدياً لنا في العام 2015؟

ـ لقد سبق وأشرنا الى كون انخفاض سعر النفط هو من أبرز التحديات الاقتصادية التي يواجهها لبنان، كون هذا الانخفاض يؤثر على حركة الاقتصاد في الخليج، منبع التحويلات الى لبنان والتي تشكل نحو 60 في المئة من اجمالي تحويلات المغتربين. لذلك من الممكن أن تتأثر هذه التحويلات نتيجة التباطؤ الاقتصادي الممكن أن ينتج عن هذا الانخفاض في سعر النفط. لكن في الوقت نفسه، هذا التراجع في سعر النفط، اذا ما ترافق أيضا بانخفاض في اسعار المواد الأولية الأخرى المرتبطة به، سيحد من الآثار السلبية في حال حصل تراجع في التحويلات تجاه لبنان، ما يجعل ميزان المدفوعات ايجابيا.

ان لبنان يستورد كل المحروقات التي يحتاج إليها، وكلما انخفض سعر النفط، كلما ساعد ذلك في تحقيق فوائض في ميزان المدفوعات وفي عدم الضغط على الاسعار داخل لبنان، وهذا أمر يساهم في لجم التضخم والمحافظة على القدرة الشرائية لدى اللبنانيين.

[ برأيكم ما هي مصادر النمو في العام 2015؟

ـ ان نمو الاقتصاد حالياً يعتمد الى حد كبير على التسليفات والتحفيزات التي يطلقها مصرف لبنان، وهذا الأمر مرشح للاستمرار خلال الـ2015 في ظل الأوضاع الغير مستقرة المحيطة بلبنان.

كما سبق وأشرنا، لا يزال لبنان يواجه تحديات عدة. ادراكا منا للوضع الراهن، وبما ان الأسباب التي حملتنا على اطلاق الرزم التحفيزية سابقا ما زالت موجودة، أي عدم الاستقرار الأمني والسياسي وضعف الطلب الخارجي على الاقتصاد اللبناني، اطلق مصرف لبنان رزمة تحفيزات جديدة للعام 2015 بقيمة مليار دولار تقريبًا. هذه الرزمة ستساهم، بالاضافة الى انخراط المصارف يدا بيد مع المبتكرين في اطلاق اقتصاد المعرفة، في تأمين مصادر النمو بانتظار عودة الأمور الى طبيعتها.

[كيف تقيّمون سلة التحفيزات؟

ـ منذ ان بدأنا بالتحفيزات، كان هدنا أن نخلق طلبا داخليا، في ظل وضع إقليمي صعب انخفض في نتيجته الطلب الخارجي على لبنان. ونجحنا في هذه المهمة من دون أن نخلق تضخمًا، بحيث لم تتعد نسبة التضخم الاربعة في المئة سنويًا، بل كانت أقل، ودائمًا نأخذ قرارنا بعد أن نتحقق من وضع السيولة. والنتائج كانت مرضية، وبرنامج الرزم الذي وضعناه أفاد الاقتصاد، وسنواصل اعتماد هذه المبادرة طالما لا تخلق تضخمًا. كما نلاحظ أن منهج الرزم الذي اعتمدناه، بدأت الآن المصارف العالمية باعتماده.

ان مبادرات المصرف المركزي ترجمت في القروض السكنية، إذ أصبح لأكثر من مئة ألف عائلة مساكن بسبب القروض التي شجعنا عليها، اضافة الى القروض الاستهلاكية الاخرى. وكانت كلها في مصلحة إعادة تكوين الطبقة الوسطى وتحسين مستوى المعيشة، وشكلت 28 في المئة من القروض المصرفية الى القطاع الخاص.

كما ان اهتمام المصارف زاد بالشقّ البيئي، وفق ما يتبيّن من طلبات القروض المرسلة إلى المصرف المركزي بخصوص مشاريع صديقة للبيئة، لا سيما في قطاع البناء، والتي تجاوز مجموعها المئة مليون دولار.

بالفعل، في العام 2013 لوحظ أن 50 في المئة من النمو يعود إلى تحفيزات مصرف لبنان، كما لاحظنا ان الوضع نفسه استمر في العام 2014. لذلك قمنا بتخصيص مبالغ جديدة. وبعد اقتراب التحفيزات التي اعتمدت في العام 2014 إلى النفاد، بحثنا في إمكان رفع المساهمات المخصصة للاقتصاد الوطني، وقمنا بزيادة المبلغ الى 1400 مليار ليرة لبنانية. ثم أطلقنا تحفيزات جديدة للعام 2015 بقيمة 1500 مليار ليرة، فالسبب ما زال موجودا، وهو عدم الاستقرار السياسي والأمني، كما ان الطلب الخارجي ما زال ضعيفا على الاقتصاد اللبناني، وبالتالي علينا تحفيز الطلب الداخلي.

[برأيكم ما هي انعكاسات الاجراءات الأخيرة التي طلبتم من المصارف تطبيقها (لاسيما في ما يتعلق بالمؤونات والتسليف) على امكانية استخدام التسهيلات التي تقدمونها؟ ألا ترون أن هناك تناقضا بين الاجراءات التي فرضتموها على المصارف في ما يتعلق بالاقراض الشخصي أو السكني او غيره وبين التحفيزات التي منحتوها للاقراض؟

ـ يعمل المجلس المركزي على إصدار التعاميم اللازمة التي تمكّن لبنان من المحافظة على استقراره التسليفي ولا سيما تلك التعاميم التي ترتبط بتنظيم القروض الاستهلاكية. فهذه التعاميم وضعت ضوابط لهذا النوع من الإقراض، وطالبت باحتياطات ومؤونات عامة على هذه المحفظة وعلى بقية المحفظة الائتمانية للقروض غير الاستهلاكية.

لن تؤثر هذه التدابير على التسهيلات التي نقدمها، فنحن ما زلنا مستمرين في اطلاق الحوافز بهدف خلق امكانات وسيولة لتتمكن الناس من العيش بصورة أفضل، والنتائج تشير إلى ذلك. إذ أن 28 في المئة من القروض التي منحتها المصارف هي قروض استهلاكية. وهناك 100 ألف قرض سكني لم يكن موجوداً قبل تنظيم هذه البرامج التحفيزية. لذلك قمنا بوضع هذه الضوابط تجنبا لأي مشكلات قد تواجهها الأسر اللبنانية في المستقبل، خصوصا تلك التي أصبحت تدفع نصف مدخولها سدادا لقروض. هدفنا المحافظة على القدرة الشرائية لدى المواطن اللبناني في ظل الأوضاع الإقتصادية التي لا تحقق نموًا.

لذا فان هذا التدبير احترازي أكثر منه لمعالجة مشكلة موجودة، بعدما تبين من تجربة العديد من الدول أهمية التنبه باكراً، علماً أن أخذ الإجراءات مسبقاً أفضل من أخذها لاحقاً، فنبعد بذلك أي تهديد للنظام المصرفي.

[لا يزال صندوق النقد الدولي يلقي الضوء على الدور الذي يلعبه مصرف لبنان في تدخله بالاقتصاد وفي سوق الدين رغم انكم قلتم سابقا أنه يبدي تفهما لهذا الموضوع في الوقت الراهن. ولكنه يقول أن ميزانية مصرف لبنان باتت عرضة لأي تطور يحصل للدولة اللبنانية سيما وأن نسبة محفظة مصرف لبنان من سندات الخزينة ترتفع باطراد. فما هي قراءتكم لذلك؟

صندوق النقد يهمه أولاً خفض العجز في موازنة الدولة، وهذا الخفض يساعد على تحسين نوعية ميزانيات المصرف المركزي والمصارف اللبنانية.. هذا العنوان الكبير، إنما كل جهة لديها وجهة نظرها، ويبقى الاحتكام للسوق هو الأساس في مثل هذه الأمور، ويلحظ أن التوازنات المبنية في القطاع النقدي اللبناني هي حقيقية.

ليس لدى صندوق النقد الدولي اي ملاحظات على أداء لبنان، فهو متفهم لما تمر فيه المنطقة وتأثير ذلك علينا. ولقد طلبنا من مسؤولي الصندوق الذين التقيناهم في واشنطن خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، إرسال بعثة من الصندوق الى بيروت لتطلع على الاوضاع عن كثب، وإعادة تقييم الكلفة التي يتحملها لبنان من جراء استقبال النازحين السوريين.

وذكرنا هذه المؤسسات بأن جزءاً من العجز المتنامي، إضافة إلى الدَّين، ناتج عن عدد اللاجئين السوريين والأعباء الكبيرة التي تتحملها الدولة في ظل غياب أي مساعدات دولية.

[ لماذا أطلقتم مجدداً شهادات الايداع بالليرة اللبنانية بعد توقف؟

ـ يقوم مصرف لبنان بإصدار شهادات الايداع بالليرة اللبنانية في إطار سياسة ضبط السيولة بالليرة حيث أنه وبناء على وضع السيولة في السوق يتم تحديد كمية الشهادات المصدرة وأسعارها.

[كيف كان تطور احتياط مصرف لبنان من العملات في 2014؟ وكيف تتوقعونه في الـ2015؟ وما هو مدى استقرار هذا الاحتياط المؤلف في جزء كبير منه من ودائع المصارف؟ وما هو مستوى المؤونة التي تركنون اليها في سياستكم النقدية؟

ـ ان موجودات المصرف المركزي بالعملات الأجنبية هي الأعلى تاريخيًا اليوم، وتخطت 38 مليار دولار، من غير الذهب، وحركة الودائع سجلت ارتفاعًا عن العام الماضي. كما أن المصرف المركزي، كما تعرف السوق، لديه هندسات مالية تُضاف إلى هذه الإمكانات. ونحن باقون على الإستقرار النقدي الذي تشهدونه في السوق اليوم.

[ ما هي الأهداف من خلق وحدة خاصة بالمستهلك واخرى بالاستقرار المالي؟

ان قرار استحداث هذه الوحدات جاء تماشيا مع ما هو معمول به في المصارف المركزية الكبرى في العالم واستكمالا لخطة مصرف لبنان لتحديث المصرف المركزي. أطلق مصرف لبنان خطة تحديث شاملة تهدف إلى «تطوير مصرف مركزي حديث من الجيل الجديد». وتشمل برامج ومبادرات عدة، وتغطي مجموعة واسعة من المجالات المؤسساتية.

ان وحدة حماية المستهلك تابعة للجنة الرقابة، وهي تعمل ليس كصندوق شكاوى بل لمتابعة فعالية الأنظمة والتجهيزات والرأسمال البشري لدى المصارف ما يكفل تأمين التعاطي الشفاف والعادل مع الزبائن، ويحسن سمعة القطاع المصرفي اللبناني. هذه الوحدة استحدثت للتأكد من أن كل مصرف يضم الأشخاص المناسبين والأدوات المناسبة، ولديه التعاطي المناسب مع زبائنه بشكل شفاف وضمن الحق والعدل.

أما وحدة الاستقرار المالي، فتهدف الى مراقبة الوضع المالي والمصرفي في لبنان والعالم، واستشراف المخاطر والازمات المحتملة قبل وقوعها لاتخاذ التدابير الاحترازية المناسبة لمواجهتها والتعامل معها منعاً لانعكاسها على الداخل اللبناني عموماً، والقطاع المصرفي خصوصاً. وتعتبر هذه الوحدة ضمن مصرف لبنان المركزي أمراً ضرورياً جداً لكونها تساهم في رصد كل أنواع الازمات المالية والمصرفية والاقتصادية التي قد تقع والمحتملة في الاسواق الداخلية والخارجية، مما يمكننا من إتخاذ جميع الاجراءات المناسبة لمواجهتها.

[ ماذا سيكون مصير المصارف التي لن تكون قادرة على الالتزام بمعايير بازل 3 في ما يتعلق بنسب الملاءة الواجب بلوغها في العام 2015؟ هل تؤيدون الدمج في هذه الحال ام سيضطر المصرف الى الاقفال؟

ـ ننظر الى القطاع المصرفي من حيث إمكاناته الرأسمالية لمواكبة التسليفات التي يقدمها في الأسواق، ووفقًا لمقررات «بازل 3«. هذا القطاع يعمل بتوجيهات من مصرف لبنان من أجل تحقيق نسبة ملاءة مرتفعة أكثر مما هو مطلوب بمقررات «بازل 3«، ومن أجل منح الثقة بسلامة القطاع المصرفي، واليوم نسبة الملاءة المبنية على معايير بازل 3، تخطت العشرة في المئة في القطاع المصرفي اللبناني، ويتوقع أن تصل إلى 12 في المئة في العام 2015، علما أن «بازل 3« لا يفرض أكثر من سبعة في المئة. وهذا المعيار يشير إلى متانة القطاع المصرفي، إضافة إلى مؤشر المربحية، فالمصارف اللبنانية تحافظ على أرباحها.

توجهنا هو أن ندعّم القطاع المصرفي من خلال الدمج، اذ ان أي مصرف ليست لديه دورة عمل كافية سيرفع الفائدة ويؤثّر في باقي المصارف ويضع تكلفة على الاقتصاد. والهدف من عمليات الدمج هو أن نخلق مجموعات مصرفية جديدة وقادرة على المنافسة من دون أن تمثل ثقلاً على الأسواق.

[ هل انتم راضون عن نسبة تطور الودائع لدى القطاع المصرفي وعن الأرباح الصافية التي حققها في العام 2014؟

ـ قطاعنا المصرفي كان ولا يزال، سليما بفضل النموذج المصرفي المحافظ الذي اعتمده مصرف لبنان وطوره منذ العام والذي ساعده على تخطي مختلف أنواع الأزمات واستقطاب الرساميل. حركة الودائع ايجابية حيث سجلت نموا سنويا بحوالي 6 في المئة، وكذلك التسليفات التي تجاوز نموها الـ7 في المئة، أما عن أرباح المصارف فمستقرة وربما تكون أفضل من العام الماضي.

[لماذا تراجع حجم السيولة الجاهزة للاقراض لدى القطاع بين 2013 و2014؟

ـ ان التراجع في حجم السيولة الجاهزة، يعود لزيادة حجم اكتتابات المصارف بسندات الخزينة حيث ارتفعت حوالي الـ19 في المئة بين شباط 2013 وشباط 2014. تتمتع مصارفنا بمعدلات سيولة عالية، إذ باستطاعتها أن تسلّف حاليا 16 مليار دولار من دون أن تخالف تعاميم مصرف لبنان ان كان في السيولة أو كفاية رأس المال، لكن الطلب على التسليف غير متوافر من قبل القطاعات نتيجة الظروف في لبنان والمنطقة.

[ هل تتوقعون ضغوطاً على اي مصرف في العام 2015؟ وما هي توقعاتكم للقطاع في العام المقبل؟

نؤكد عدم وجود أي ضغوط أو حملات على القطاع المصرفي، فنحن على تواصل دائم مع الخارج لان الحوار والتواصل يضيئان على الواقع القانوني والتطبيقي الذي تمارسه المصارف اللبنانية، ويحسن من سمعتها، كما يحسن العلاقة مع المصارف المراسلة. وقد انعكست العلاقة الجيدة مع الخارج من خلال الأجواء الايجابية للمحادثات الأخيرة التي أجريناها في العاصمة الأميركية، حيث التقينا ممثلي المصارف الاميركية والاوروبية واليابانية الذين أبدوا ارتياحهم للتدابير التي اتخذناها في الاعوام الثلاثة الاخيرة في ما يتعلق بالمصارف المراسلة. كما لاقت التعاميم التي اصدرناها استحسانا لدى السلطات الاميركية، خصوصا المتعلق منها بطريقة التعاطي بين المصارف في ما بينها او بين المصارف وزبائنها، او لجهة تنظيم مهنة الصرافة وعمل المؤسسات المالية والوساطة.

وهذا يعكس الجدية التي تعمل بموجبها المصارف اللبنانية لمراقبة الأموال الداخلة إليها، فضلاً عن تجاوب الصرافين أيضاً مع التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان.

ان القطاع المصرفي اللبناني سيبقى بمنأى عن كل الضغوط ما دام لبنان يحترم القوانين المعمول بها عالمياً، ومصرف لبنان، ملتزم بالمعايير والقرارات الدولية، بما لا يعرّض أي مصرف من مصارفنا اللبنانية للاهتزاز. كما أن المصرف المركزي ولجنة الرقابة على المصارف يقومان بواجباتهما تامة في ما خص الرقابة ومتابعة المصارف التي بدورها لديها من الوعي والالتزام ما يكفي لعدم تعريض سمعتها للخطر.