Site icon IMLebanon

تخمة النفط الصخري تضع أوباما في مواجهة معضلة

obama5
بارني جوبسون

بدأت إدارة الرئيس باراك أوباما في تهيئة الأجواء لجدل حاد حول حظر مفروض على صادرات النفط الخام الأمريكي، وذلك بالسماح بمزيد من مبيعات النفط المعالج الخفيف، في وقت بدأت فيه الإدارة تتعامل مع عواقب إنتاج الخام الرخيص.

وسيدفع القرار الذي تم اتخاذه في الأسبوع الماضي، بالحظر الذي فرضته الولايات المتحدة (عمره الآن 40 عاماً) إلى واجهة الأجندة السياسية لإدارة أوباما، في وقت أصبحت فيه المخاوف على البيئة من إنتاج النفط الصخري تصطدم بتوتر متصاعد بين منتجي النفط الأمريكيين وأوبك حول أسعار النفط المتهاوية.

ويقول نقاد الحظر المفروض على صادرات الخام – ومنهم مديرون في صناعة النفط وبعض الجمهوريين – إن ما يلزم شطبه هو المفارقة التاريخية التي سادت في السبعينيات، لأن فائض النفط الصخري الأمريكي يضعف الأسواق العالمية عن طريق تقليل حاجة الولايات المتحدة إلى الاستيراد من هذه الأسواق.

وتراجعت أسعار خام برنت المرجعي أكثر من 50 في المائة منذ حزيران (يونيو) الماضي، لتهبط إلى أقل من 58 دولاراً للبرميل، الأمر الذي يهدد قابلية نجاح بعض مشاريع إنتاج النفط الصخري الأمريكي. ويسعى منتجون خليجيون إلى تضييق الخناق على المنافسين من شركات الإنتاج الأمريكية، وذلك بامتناعهم عن تخفيض الإنتاج في اجتماع عقدته منظمة أوبك في الشهر الماضي.

قال ستفين مايروف، وهو موظف سابق في وزارة المالية الأمريكية يعمل الآن مستشاراً في مؤسسة بيكون بوليسي أدفايزرز، إن إدارة أوباما كانت ترغب في تحقيق هدفين بتشجيعها المزيد من صادرات منتج يعرف بـ “مكثفات النفط” تجري معالجته من خلال برج تقطير أساسي، لكن دون الإعلان عن أية سياسة رسمية في هذا الخصوص. وأضاف: “من ناحية يريدون التخفيف من بعض الضغط الذي يمكن أن يؤدي إلى تقليص إنتاج النفط. ومن الناحية الأخرى لا يريدون إزعاج قاعدتهم من مناصري البيئة بأن يظهروا كما لو أنهم يقومون بإجراء تغيير سياسي رئيسي يتعلق بالحظر المفروض على صادرات النفط الخام”.

وإنهاء الحظر على الصادرات يمكن أن يشجع على المزيد من الاستثمار في النفط الصخري، أو على الأقل يوازن الآثار غير المشجعة الناتجة عن السعر المنخفض للنفط. لكن المدافعين عن البيئة قلقون من أن الاحتباس الحراري أصبح متفاقماً بسبب تسرب غاز الميثان، وهو من غازات الدفيئة القوية التي تأتي من مواقع إنتاج النفط الصخري.

ويسير أوباما بحذر في هذه القضية لأنه يريد أن يترك إرثاً لولايته بقيامه بعمل حول الجزء المتعلق بتغير المناخ، ومع ذلك احتفى بازدهار النفط الصخري لتشجيعه النمو الاقتصادي وتقليل اعتماد الولايات المتحدة على النفط الأجنبي.

ويلقى حظر صادرات النفط دعما من مصافي النفط الأمريكية التي ترغب في تكرير الخام الأمريكي، وكذلك من شركات التصنيع التي تشعر بالامتنان لرخص الطاقة المحلية.

وإضافة للسماح للمزيد من الشركات ببيع مكثفات النفط، نشرت وزارة التجارة الأمريكية، التي تشرف عادة على القيود المفروضة على الخام، في الأسبوع الماضي وللمرة الأولى تعليمات حول مسائل متعلقة بالصادرات بعد أن اكتنف المعلومات الخاصة بها بعض الغموض.

لكن الجمهوريين الذين يريدون إلغاء الحظر تماما على بيع النفط لم يكونوا راضين عن ذلك. وقال متحدث باسم ليزا ماركاوسكي التي قادت هجوماً على الحظر، ومن المتوقع أن تصبح رئيسة لهيئة الطاقة في مجلس الشيوخ هذا الشهر: “إن السيناتورة مستمرة على رأيها المتمثل في أن أكثر الطرق كفاءة لضمان تنافسية أمريكا في مجال الطاقة هي السماح بالتجارة الحرة للنفط في أسواق العالم”.

وقال ديفيد جولدوين، وهو مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأمريكية يعمل الآن مستشارا للطاقة: “في حين أن كل اقتصادي تقريبا يوافق على أن رفع الحظر عن صادرات النفط الخام يعتبر منطقيا من وجهة نظر الكفاءة الاقتصادية، إلا أن العوامل السياسية أصعب”.

وأضاف أن الرئيس يحتاج إلى “غطاء” جمهوري من أجل رفع الحظر، وربما يجد من الأهون عليه أن يتصرف بالانسجام مع الالتزامات من صناعة النفط الصخري تتعلق بعمل المزيد من أجل الحد من انبعاثات الميثان.

ويتفق معظم الاقتصاديين على أن الصادرات الأمريكية إذا كانت على نطاق واسع، فإن من شأنها تخفيض سعر النفط على المستوى العالمي أكثر حتى من قبل، من خلال زيادة العرض، رغم أنه لا يوجد إجماع على القدْر الذي يرجح له أن يُحدِث ذلك الأثر.

لكن الصادرات تساعد أرباح شركات الإنتاج الأمريكية من خلال إقفال الفجوة بين سعر خام برنت وسعر الخام الأمريكي، المعروف باسم خام غرب تكساس المتوسط، الذي يقل بحدود أربعة دولارات للبرميل عن السعر المرجعي العالمي.

ويشتد الآن الجدل بشأن الصادرات في الوقت الذي يعتاد فيه المستهلكون الأمريكيون على السعر المنخفض للنفط، وهو ما يعطيهم البنزين الرخيص، الذي يؤثر بصورة أكبر من حجمه في المزاج الاستهلاكي العام في الولايات المتحدة.

ويقول جيك دويك، وهو شريك في شركة ساذرلاند للمحاماة، ويمثل عملاء بخصوص صادرات النفط: “من الناحية السياسية، لن يشتكي أحد (بشأن المزيد من صادرات المكثفات) حين يكون سعر البنزين في المحطة 2.5 دولار للجالون”.

لكن رغم أن الاقتصاديين يقولون إنه لا يوجد سبب للظن بأن إلغاء كامل الحظر سوف يسبب ارتفاعا في أسعار البنزين، إلا أن الديمقراطيين وبعض الجمهوريين يظلون غير مرتاحين لأي شيء من شأنه أن يضعهم في موقع الملامة بسبب ارتفاع أسعار البنزين في محطة الخدمة.