كتب رضوان مرتضى في صحيفة “الأخبار”:
لا يشبه وسام المصري باقي الوسطاء في ملف العسكريين الأسرى في جرود عرسال والقلمون. لا يملك حيثية الشيخ مصطفى الحجيري وعلاقاته، ولا يتعامل بخفة الوسيط القطري السوري أحمد الخطيب.
في طرابلس، وتحديداً في أحياء أبي سمراء، ليس وسام المصري سوى خطيب مسجد وبائع مناقيش. متوسّط الحال أقرب إلى الفقر. تشهد عليه سيارته التسعينية. حاول الشاب الثلاثيني غير مرّة التدخّل لإطفاء نار الفتنة بين باب التبانة وجبل محسن إلى جانب حسام الصبّاغ، الموقوف في سجن رومية المركزي. انتشار خبر تولّيه الوساطة كان مفاجئاً لدى عارفي الرجل، إذ لم يكن هناك أي علاقة تربطه بأي من التنظيمين، فضلاً عن أنّه لا ينتمي فكرياً إلى منهج أي منهما.
كان المصري قد نشط لإيصال مساعدات للاجئين السوريين في عرسال حيث توطّدت علاقته بشاب سوري مرتبط بـ«جبهة النصرة»، وبشاب آخر ينتمي إلى «الدولة الإسلامية»، أدى أحدهما دور الوسيط بين المصري والتنظيمين المتشددين. وبعد إبلاغ الأجهزة الأمنية، وتحديداً الأمن العام الذي رحّب بالوساطة بعدما كان مشكّكاً بقدرة الشيخ على المضي فيها، قصد الرجل جرود عرسال. ورغم أن التفويض الذي انتشر في وسائل الإعلام حكى عن قبول «النصرة» بالمصري وسيطاً، إلا أنه لم يتمكن من لقاء قيادتها، إنما قابل مندوباً عن «الدولة». هذا في اللقاء الأوّل الذي أعقبه لقاء ثانٍ اجتمع فيه إلى أمير «الدولة» في القلمون أبو الوليد المقدسي. تكررت زيارات المصري للجرود بتنسيق أكبر مع الأجهزة الأمنية التي باتت تأخذه على محمل الجد بعد جلبه تفويضاً رسمياً ومقطع فيديو لثلاثة عسكريين أسرى. الحكومة، وقبل أن تحصر ملف التفاوض بيد المدير العام للأمن العام، كانت عاجزة عن وضع استراتيجية واضحة لإدارة ملف التفاوض، وتركت الباب مفتوحاً أمام من يشاء «ليعبث» بالملف. وبعض وسائل الإعلام، وبدلاً من انتقاد سوء الإدارة الرسمية للقضية، استسهلت إطلاق سهامها على «الحلقة الأضعف» في ملف التفاوض. يوم أمس، قرر المصري تجميد أي حركة له في انتظار موقف رسمي من الحكومة، ومن الخاطفين. مرة جديدة، تُهدَر فرصة في هذا الملف الشائك.