كشفت مصادر في الشرطة الفرنسية وكاميرات مراقبة النقاب عن تفاصيل مثيرة للهجوم الدامي، الذي استهدف مقر صحيفة “شارلي إيبدو” في قلب العاصمة باريس، وذهب ضحيته 12 قتيلا و11 جريحا.
ونقل عن المصدر قوله إن رجلين ملثمين يحملان رشاشات كلاشنيكوف دخلا حوالي الساعة 11.20 بتوقيت باريس “البناية رقم 6 في شارع نيكولا- إبير بالدائرة الباريسية الحادية عشرة، حيث يوجد مكتب محفوظات شارلي إيبدو”.
وصاح الرجلان “هل هنا شارلي إبيدو؟”، قبل أن يكتشفا أنهما أخطآ العنوان ليتوجها الى المبنى رقم 10 في الشارع نفسه، حيث يوجد مقر الصحيفة الأسبوعية الساخرة، التي أثارت كثيرا من الجدل.
وفور دخولهما المبنى، أطلقا الرصاص على موظف الاستقبال، ثم صعدا إلى الطابق الثاني، حيث يوجد المكتب التحريري، حسب ما أضاف المصدر الامني في معرض سرده لتسلل أعمال العنف التي توالت خلال الهجوم.
وقال “فتح الرجلان النار وأجهزا ببرود على كل الموجودين في اجتماع أسرة التحرير، والشرطي المكلف حماية رسام الكاريكاتور، شارب، والذي لم يسعفه الوقت لاستخدام سلاحه”.
وقتل المهاجمان معظم هيئة تحرير شارلي أبيدو، مع مصرع أربعة من أكبر رساميها، وهم شارب وكابو وتينيوس ولينسكي، الأكثر شهرة في فرنسا، إضافة إلى الخبير الاقتصادي برنار ماريس، الذي يعمل ايضا في إذاعة فرنسا الدولية.
ولم ينج من الهجوم “الإرهابي” سوى شخص واحد، تمكن من الاختباء تحت الطاولة، حيث أفاد لاحقا رجال الشرطة ووسائل الإعلام أن المهاجمين صرخا “لقد انتقمنا للنبي محمد”، و”الله أكبر”.
وقرابة الساعة 11:30، تتلقى الشرطة اتصال استغاثة بشأن عملية إطلاق رصاص في مقر “شارلي أبيدو”، لتهرع إلى موقع الهجوم عدة سيارات للشرطة.
ولاذ الجانيان بالفرار، وفقا لشهود، وهما يرددان “الله أكبر”، ليجدا نفسيهما في مواجهة دورية لفرقة مكافحة الجريمة المحلية، حيث تبادلا إطلاق النار مع الشرطة.
وتمكن المهاجمان من الفرار في سيارة سيتروان صغيرة سوداء، ليواجها سيارة للشرطة فيعمدان إلى إطلاق عشرة أعيرة نارية على زجاجها الأمامي، لكن دون أن يصيبا رجال الشرطة.
وأطلق رجال شرطة الرصاص على المهاجمين، اللذين يردان بالمثل، قبل أن يظهر شريط فيديو نشر على الانترنت رجل شرطة مصابا وملقى على الأرض في جادة ريشار لونوار.
وعلى أثر ذلك، خرج الرجلان من سيارتهما واقتربا من رجل الشرطة المصاب، وصاح أحدهما “هل كنت تريد قتلي؟”، يرفع الشرطي يده ويقول “لا إنه رئيسي” قبل أن يقتل برصاصة في الرأس، كما ظهر في الشريط.
وبعد قتل الشرطي الجريح، استقل الرجلان سيارتهما وهما يصيحان قبل الانطلاق، “لقد انتقمنا للنبي محمد! قتلنا شارلي أبدو!”، كما ظهر في شريط فيديو آخر.
وعلى مسافة غير بعيدة، يصدم الرجلان بسيارتهما سيارة أخرى تصاب سائقتها بجروح طفيفة، ليترك المهاجمان السيارة بالقرب من حديقة بوت شومون، شمال شرق باريس.
وبعدها، اعتدى الملثمان على سيدة واستوليا على سيارتها، وانطلقا باتجاه شمال العاصمة، لتفقد قوات الأمن أثرهما، وتبدأ عملية البحث عن أشخاص شنوا أعنف هجوم تشهده الصحافة الفرنسية منذ عقود.
واللافت أن وزير الداخلية الفرنسي، برنار كازينوف، قال إن “ثلاثة مجرمين” شاركوا في الهجوم دون أن يوضح دور الرجل الثالث، رغم أن الكاميرات رصدت شخصين فقط.
في المقابل، افادت مصادر ان حميد مراد (18 عاما) وهو واحد من بين المشتبه فيهم بالهجوم سلم نفسه للشرطة الفرنسية، ولا يزال المشتبه بهما الآخران فارين، وهما الشقيقان سعيد كواشي (34 عاما) وشريف كواشي (32 عاما)، المولودان في باريس، واللذان يحملان الجنسية الفرنسية. وقال مصدر قريب من الملف، إنه تم اعتقال العديد من المقربين من الأخوين كواشي ليلة الخميس.
ونشرت الشرطة الفرنسية على موقعها في الإنترنت صورتي الشقيقين كواشي، موضحة أن عمليات الملاحقة لهما ما زالت مستمرة، وطلبت ممن يتعرف عليهما إبلاغها.
وحذر مركز الشرطة في باريس، من أن شريف وسعيد “قد يكونان مسلحين وخطرين”، موضحا أن “مذكرتي بحث صدرتا بحقهما”.