IMLebanon

انقسام المستثمرين حول مخاطر فوز حزب اليسار المتطرف في اليونان

GreeceEcon1

إيلين مور وستيفن فولي وكيرين هوب

الهجوم الساحق الذي شنه أخيراً حزب اليسار اليوناني المتطرف، سيريزا، لحث المستثمرين الأجانب على الاستثمار في البلاد، وقال فيه إن نجاحه في الانتخابات وتوليه السلطة لن يدمر اقتصاد ومال البلاد، عانى في الشهر الماضي من شهقة مفاجئة.

كتب محلل في صندوق تحوط بعد حضوره اجتماعا مع اقتصاديين في حزب سيريزا عقد في لندن في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي يقول، إن خطط هؤلاء كانت عبارة عن “فوضى تامة” وحذر من تدافع العملاء على سحب أرصدتهم من المصارف اليونانية، في حال مجيء الحزب إلى السلطة.

وفي الوقت الذي بدأ فيه ذلك الاحتمال بالاقتراب وأصبح حزب سيريزا في المقدمة في استطلاعات الرأي، وتم الإعلان الآن عن تحديد موعد للانتخابات المبكرة لتكون في يوم 25 كانون الثاني (يناير) الجاري، أصبح من الممكن أن يكون أكثر العوامل المفاجئة هو نجاح الحزب في تبديد بعض من أسوأ مخاوف المستثمرين.

بدأ أليكسيز تسيبراس زعيم حزب سيريزا، في الأسابيع الأخيرة التخلي عن دعوته لـ”تمزيق” اتفاقية الإنقاذ المالي التي عقدتها بلاده مع دائنين عالميين، والتركيز على خطوات أكثر اعتدالا في التعامل مع حمولة الديون المترتبة على اليونان إضافة إلى تمسكه العميق بعملة اليورو.

وقد حذر كريشنا جوها، المحلل في مجموعة إيفيركور آي إس آي للاستشارات المالية، من أن المستثمرين يواجهون الآن ” فترة أربعة أسابيع – على الأقل- من ارتفاع مشاعر اللبس، ستبقى فيها الأصول المعرضة للخطر من عملة اليورو تعاني، وهي تؤدي دورها في السوق”.

غير أن جوها أضاف: نعتقد أن تسيبراس سيثبت أنه أكثر براغماتية مما كانت تشير إليه خطاباته البلاغية في السابق، فقد فتح قنوات خلفية للحوار مع برلين وباريس وفرانكفورت، وأصبحت لديه كل الأسباب لمحاولة إجراء مفاوضات حول إدخال تغييرات تجميلية نسبيا، في برنامج اليونان الاقتصادي والاستفادة من المرحلة المبكرة من الانتعاش الاقتصادي في اليونان، بدلا من إخراج ذلك البرنامج عن مساره.

كما لاحظ نيك وول، مدير الحقائب الاستثمارية في مؤسسة إنفيسكو، أن محاولات تسيبراس الأخيرة الرامية إلى الالتصاق بتيار الوسط السياسي، فقال: “سيكونون بحاجة إلى مستثمرين من القطاع الخاص، خاصة إذا رغبوا بالسيطرة مرة أخرى على العجز المالي”.

كانت مخاوف المستثمرين من اليونان تتزايد في الأشهر الأخيرة عندما ظهر بشكل متزايد احتمال أن يضطر أنتونيس ساماراس، رئيس الوزراء اليوناني إلى الدعوة إلى انتخابات جديدة. وفي النهاية عمد ساماراس إلى ذلك في يوم الإثنين الماضي، بعد أن فشل مرشح حزبه لمنصب الرئاسة في الفوز بدعم كاف في الجولة الثالثة والأخيرة من الانتخابات.

هوت أسعار الأسهم في أثينا بنسبة 11 في المائة بعد سماع هذه الأخبار، في الوقت الذي قفزت الفائدة على السندات اليونانية قصيرة الأجل لتصل الآن فوق 12 في المائة، بعد أن كانت منخفضة لدرجة وصلت في الصيف الماضي إلى 3.5 في المائة. أما الأسهم الأوروبية التي هي مرنة في الأساس، فقد انخفضت في اليوم التالي بنسبة زادت عن 1 في المائة. وأثناء ذلك انخفض العائد على سندات الحكومة الألمانية، وهي التي تعتبر ملاذا آمنا للاستثمار، ليصل إلى 0.54 في المائة، مسجلا بذلك رقما قياسيا بالانخفاض.

قال نيل ميللر، الخبير في استراتيجيات العملات في بنك بي إن واي ميلون: “من الواضح أن الآمال بحدوث مفاوضات جديدة بين اليونان ودائنيها هو احتمال مقلق بالنسبة للمستثمرين، ومن غير الواضح تماما مدى الاتفاقات التي يمكن التوصل إليها بين هذه الأطراف”.

على أن محللين آخرين يرون في الانتخابات فرصة شراء ممكنة، وهم يزعمون أن الحكومة المحتملة لسيريزا ستكون أقل ميلا لخلق مشاكل مع المستثمرين، مقارنة بما كان يُخشى منه في البداية، وربما تكون حتى إيجابية بالنسبة لليونان ولمنطقة اليورو ككل.

قال كريشنا ميماني، مدير الاستثمار المسؤول في صناديق أوبنهايمر: “يمكن أن تصبح اليونان باعثا للتساؤل حول مبدأ التقشف. والتقشف في أوروبا يؤدي إلى آثار عكسية، كما أن الخروج من دورات الانكماش يحتاج إلى المرونة من جانب المالية العامة. البرتغال لا تثير هذه القضية، وكذلك إسبانيا أو إيطاليا، ولكن أصبح اليونانيون في النهاية يائسين، ولذلك جعلوا هذه المسألة في المقدمة، وهي ربما تحشد حولها المزيد من الحيوية والقوة في هذه المرة”.

مع اقتراب العام الجديد، يركز كثير من المستثمرين في منطقة اليورو ليس على أثينا فحسب، بل أيضا على فرانكفورت، وعلى مسألة ما إذا كان البنك المركزي الأوروبي سينخرط في برنامج لشراء السندات الحكومية في السنة المقبلة، من أجل تحفيز النمو.

في هذه الأثناء، لاحظ ألبيرتو جالو، من رويال بانك أوف اسكتلاند، أن القوى الشعبوية نفسها التي تقرِّب سيريزا من السلطة، يمكن أن تكون ملموسة بصورة أوسع عبر أوروبا، ما يلقي ظلالا جدية من الشك حول ما كان يبدو أنه انتعاش وليد.

وأضاف: “مع دخولنا عام 2015، يشير ميزان المخاطر إلى الجانب السلبي في أوروبا. الأجوبة الحقيقية التي تحدد مستقبل أوروبا، هي الآن في أيدي الساسة”.