IMLebanon

تحليل للأسواق: عاملان وراء تراجُع أسعار النفط

OilPricesDown1
فيليب غانم
باتت المنظومة الاقتصادية للدول الكبرى محكومة بما يُعرف بـ«حرب العملات»، حيث تسعى كل دولة الى تخفيض عملتها وإطلاق برامج التحفيز والتيسير الكمي لتنشيط النمو الاقتصادي والتجاري ومعالجة البطالة ورفع مستوى التضخّم الذي وصل الى ما دون الصفر في بعض الدول.
في العام 2014 بلغت حرب العملات ذروتها حيث أطلقت الدول الاقتصادية الكبرى ومنها الأوروبية والآسيوية وعلى رأسها اليابان حزمة متكاملة من التحفيز الاقتصادي شملت برامج تيسير كمي ضخمة وتخفيض للفوائد إلى حدود الصفر والمستوى السلبي في بعض الدول من أجل تحسين مواقع النمو الرئيسية لديها، والمتمثلة في خفض البطالة ورفع التضخم ودفع العجلة الاقتصادية. وحتى الصين أطلقت بعض المبادرات التحفيزية للمحافظة على مناطق النمو لديها.

في هذه الحالة كان الدولار المستفيد الأول من ضعف سلة العملات المقابلة خصوصا وأن أميركا أنهت هذا العام برنامج التيسير الكمي الذي يعدّ الأضخم من نوعه والذي استمر منذ 2008 وهذا ما حصل حيث سجل الدولار ارتفاعات قياسية خلال عام.

ومن الطبيعي أن تستمر برامج التحفيز الحالية للدول الأخرى في العام 2015 من أجل تحقيق الأهداف نفسها التي بنيت على أساسها في العام 2014 والخروج من حال الركود الاقتصادي التي تواجهها هذه الدول.

في هذا الوضع، أصبحت صورة الأسواق أكثر ضبابية ووصلت أحجام التداول إلى مستويات خيالية في سوق العملات. وقد واكبت شركة إي.دي.إس سيكيوريتيز هذه التطورات منذ بدايتها وعملت على توسيع نطاق عملياتها لتغطية الأسواق العالمية حيث افتتحت مكاتب عالمية في كل من لندن وسنغافورة وهونغ كونغ وجهّزتها بأحدث تقنيات التداول عبر منصات تكنولوجية الأولى من نوعها التي طورتها داخلياً Orex Optim والتي تشكل سوقا مالية متكاملة لكي يتمكّن المتداولون من الحصول على أفضل خيارات التسعير وتنفيذ التعاملات في وقت قياسي بما يسمح لهم بمواكبة التقلبات والتطورات القادمة في الأسواق العالمية بجدارة عالية.

أما بالنسبة الى النفط، فإن هبوط الاسعار التي يشهدها القطاع مبنية على عوامل عدة، منها أولاً أن الدول المنتجة للنفط لا تمتلك آلية التسعير حيث من المعروف أن هناك مرجعين أساسيين لتسعير النفط في العالم يتبعهما المستثمرون للحصول على السعر الفوري للنفط، وهما مزيج خام برنت (Brent) كمعيار متبع في لندن، وخام غرب تكساس الوسيط West Texas Intermediate (WTI) crude oil وهو المعيار المتبع في أميركا الشمالية.

العامل الثاني يتمثل بواقع النفط الصخري الذي ظهر مؤخراً بوتيرة متضاربة وغير واضحة ومبالغ فيها من ناحية البيانات والأرقام وكلفة الانتاج وحجم المعروض في السوق مما دفع المستثمرين الى الذهاب الى خيارات البيع (Put Options)، الأمر الذي أدّى إلى هبوط أسعار النفط، مع العلم أن إنتاج النفط الصخري لا يتجاوز 2.5 مليون برميل يومياً وهو فعليا جزء بسيط جداً من الانتاج العالمي للنفط الخام البالغ حوالي 89 مليون برميل يومياً. وإذا اسثنينا النفط الصخري لا يوجد هناك زيادة تذكر في معدل إنتاج النفط الخام مقارنة بحجم الطلب العالمي.

لكن مع ذكر هذه العوامل التي أدّت الى هبوط النفط، فهي تبقى غير مبررة بهذه الوتيرة العالية ولكن السؤال هنا، هل هناك أبعاد وأسباب أخرى؟ هذا ممكن.

كما تنبغي الاشارة إلى أن أسعار النفط الحالية تعتبر أقل من قيمتها الفعلية (undervalued)، ومن الواضح أنه لا توجد خطط أو بدائل عن النفط حتى للسنوات العشر المقبلة، والطلب سيبقى موجوداً، ولا تلوح في الأفق أية عوامل جوهرية تحول دون عودة اسعار النفط الى الارتفاع الى مستوياتها السابقة الطبيعية.