اخرج التباين في شأن خطة معالجة النفايات الى الضوء أزمة العمل الحكومي في ظل الشغور الرئاسي، أزمة تخبو وتطفو وفقاً للملفات المطروحة على الطاولة الحكومية.
وفي معزل عن الاتصالات الناشطة في أكثر من اتجاه من اجل تذليل عقبة الاعتراض الكتائبي على آلية المناقصات، ولا سيما في النقطة المتعلقة بمرجعية تحديد المطامر، وبصرف النظر عن امكان العودة الى الملف في جلسة تعقد اليوم السبت أو مطلع الاسبوع المقبل، فإن المشكلة الجوهرية أضاء عليها رئيس الحكومة تمام سلام قبل رفعه الجلسة غاضباً، وهي تعطيل آلية عمل مجلس الوزراء مع ممارسته الصلاحيات الرئاسية في ظل الشغور الرئاسي، بفعل سباقة “الفيتو” المعطاة لكل وزير.
وتذكر مصادر وزارية قريبة من رئيس الحكومة بأن ثمة ملفات اساسية عدة جمّدها اعتراض فريق او وزير، وما زالت محط أخذ ورد، أبرزها خطة وزير الاتصالات بطرس حرب لادارة شبكتي الهاتف الخليوي، وتلزيم البلوكات النفطية، وتزويد لبنان الغاز و”الفيول أويل”، وغيرها كثير…
مصدر كتائبي أكد أن الأمور تتجه الى الحلحلة خلال ساعات، وحزب الكتائب لا يريد عرقلة عمل الحكومة ولا تعطيل خطة معالجة النفايات، بل يريد حلاً لها اليوم قبل الغد، ولكن لديه ملاحظات جوهرية شرحها في اتصالات مع مكونات سياسية أساسية في الحكومة، وكان هناك تفهّم لا بل تأييد للموقف الكتائبي، كما حصل في الاتصال مع وزير الخارجية جبران باسيل مثلاً. وكل ما تريده الكتائب هو اجراء أفضل مناقصة تعطي لأكبر عدد ممكن من الشركات فرصة المشاركة، وعدم حصرها في شركتين أو ثلاث وبنتائج معروفة سلفاً، وعلى أن تكون الدولة المعنية بتحديد أماكن للمطامر من أجل منع الشركات المحظية من الدخول في تفاوض وعمولات مع زعماء نافذين لتخصيصهم بمطامر دون شركات أخرى.
وزير الاتصالات بطرس حرب دخل على خط الوساطة بين السرايا والصيفي، وأجرى اتصالاً طويلاً برئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميل ولمس منه تحسساً لخطورة الموضوع.
وقال حرب لـ”النهار”: “إن عدم وجود رئيس للجمهورية خلق خللاً في كيفية عمل مؤسسة مجلس الوزراء وطرح على مجلس الوزراء مشكلة آلية العمل واتخاذ القرارات، إن كمجلس وزراء أو كوكيل عن رئيس الجمهورية في ممارسة صلاحياته”.
والخطأ هو نتيجة لاستحالة الاتفاق على آلية العمل بالتصويت في مجلس الوزراء بفعل موقف “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”. فتفادياً لانفراد مجلس الوزراء وتعطيل عمله كان اعتماد نظرية وضع الأمور التي لا يتفق عليها جانباً، وحصر عمل مجلس الوزراء في القضايا المتفق عليها، وهذا كان محط اعتراض لأنه سيؤدي عاجلاً أم آجلاً الى تعطيل عمل مجلس الوزراء، اذ أن اعتماد نظرية التوافق يؤدي حتماً الى منح كل طرف أو وزير “حق الفيتو” على ما يمكن أن تتفق عليه الأكثرية في مجلس الوزراء، حتى لو كان القرار يحوز اكثرية الثلثين. ولم يطل الوقت حتى ظهرت بوادر هذه الحالة يوم الاعتراض على دفتر شروط مناقصة إدارة شبكتي الخلوي من “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”، بالرغم من موافقة كل الأعضاء الآخرين في مجلس الوزراء، أي الاكثرية التي تتجاوز الثلثين. وهذا ما أدى الى التفتيش عن حل بناءً على طلب رئيس الحكومة”.
الوزير حرب رأى “ان الآلية المتبعة حوّلت مجلس الوزراء مجلس فنيين واختصاصيين، خلافاً لما هو عليه مجلس الوزراء، باعتباره سلطة سياسية وليس مجلس إدارة أو لجنة فنية في إدارة شؤون البلاد”.
وأشار الى “ان البحث ما زال جارياً، عن حل ومخارج للتوافق على دفتر شروط مناقصة الخلوي بصرف النظر عن الضرر الكبير اللاحق بقطاع الاتصالات نتيجة ابقاء الحال على ما هو. وقضية ملف النفايات تجيء في الاطار عينه، مما أعطى حزب الكتائب (3 وزراء من أصل 24) قدرة على رفض مشروع معالجة النفايات في لبنان، ودفع رئيس الحكومة الساعي الى تفادي اغراق البلاد بالنفايات، الى موقف أكثر حزماً باعلانه رفض البحث في مجلس الوزراء في أي ملف قبل حسم ملف النفايات، نظراً الى أن المهلة المحددة لإقفال مطمر الناعمة تنتهي في 17 من الشهر الجاري. وهذا وضع يتطلب التوافق مع حزب الكتائب على صيغة لخطة معالجة النفايات.
وسواء أنقذت البلاد ام لم تنقذ من الغرق في النفايات، فإن الحكومة تعوم على مركب دستوري مثقوب، قد يغرقها في أي لحظة.