IMLebanon

الاقتصاد القائم على التصدير يفشل في استحداث فرص العمل

unemployment-usa
جيليان تيت

هذا الشهر، عليك أن تستعد لسماع كثير من التصريحات الآتية من واشنطن حول “الصادرات” و”فرص العمل”. بما أن الكونجرس الذي يُسيطر عليه الجمهوريون بدأ العمل، فقد بدأت شركات الطاقة بالضغط لإزالة الحظر المستمر منذ عقود على صادرات النفط الخام، بحجة أن مثل هذه المبيعات ستوفر الآلاف من فرص العمل للأمريكيين.

إذا حكمنا من خلال الطبيعة العامة لجهود الضغط والحملات، فهذه حملة قوية. لكن هناك مسألة أخرى بشأن الصادرات وفرص العمل ينبغي على الكونجرس مناقشتها بشكل أكثر إلحاحاً، وهي حقيقة أن الشركات في الولايات المتحدة أخذت تتمتع بكفاءة عالية إلى درجة أنها أصبحت تحتاج إلى أن يكون عدد العمال لديها أقل من أي وقت مضى لتحقيق النمو، حتى – أو بشكل خاص – بالنسبة للصادرات.

حاول أن تلقي نظرة على بعض البيانات الرائعة التي جمعتها وزارة التجارة وأصدرتها بهدوء الأسبوع الماضي. تُظهر هذه البيانات أن عدد فرص العمل الأمريكية المدعومة من الصادرات ارتفع في الأعوام القليلة الماضية، في الوقت الذي ارتفعت فيه المبيعات في الخارج. في عام 2009 عملت الصادرات على استحداث 9.7 مليون فرصة عمل، وبحلول عام 2013 كان الرصيد 11.3 مليون فرصة عمل.

هذا أمر يُثير البهجة. وبما أن المبيعات في الخارج عام 2014 ارتفعت أكثر من قبل، وسط انتعاش اقتصادي أوسع، هناك أسباب قوية تدعونا إلى الاعتقاد أنه عندما تقوم وزارة التجارة بنشر رصيد عام 2014 فإن عدد فرص العمل المرتبطة بالصادرات سيكون قد ارتفع مجدداً.

لكن هناك مشكلة مهمة تماما في هذا الأمر. انظر إلى عدد فرص العمل التي تم توليدها لكل دولار من المبيعات وستجد أن الرسم البياني ينحدر بثبات. في عام 2009 كل عملية من الصادرات بقيمة مليار دولار كانت توفر 6763 فرصة عمل. وفي عام 2013 كانت توفر 5590 فرصة عمل. وهذا انخفاض بنسبة 17 في المائة خلال أربعة أعوام فقط.

هناك طريقتان لتفسير هذا الاتجاه. إذا أراد أعضاء الكونجرس أن يشعروا بالابتهاج في بداية العام الجديد، بإمكانهم الاحتفال بحقيقة أن الشركات الأمريكية تصبح أكثر ابتكاراً وقدرة على التنافس على الساحة العالمية. هذا جزئياً هو نتيجة لانخفاض تكاليف الطاقة. لكن هناك عامل آخر هو أنه في الوقت الذي يترسخ فيه الانتعاش في الولايات المتحدة، فإن مستويات الأتمتة والرقمية ترتفع بشكل حاد أيضاً.

وهذا يدفع مزيدا من الشركات الأمريكية لتطوير الإنتاج داخل أمريكا، على اعتبار أن هذا العامل يعمل على تخفيض تكاليف العمالة. وفي حين أن العمال الصينيين قد يكونون أرخص من نظرائهم الأمريكيين، إلا أن الروبوتات من حيث التكلفة تعد أكثر فاعلية من الاثنين – وغالباً ما تكون أفضل من حيث القدرة.

لنأخذ ألكوا، ثالث أكبر شركة ألمنيوم في العالم. بعد أن وسعت الشركة في السابق الإنتاج في أماكن مثل المكسيك وآسيا، نجد أنها الآن تركّز بشدة على الولايات المتحدة. هذا الشتاء، مثلا، تعمل على تجديد مصنع في سافانا، جورجيا، يستخدم عمليات رائدة لتشكيل المعادن حتى تستطيع تحمّل درجات الحرارة العالية جداً.

قبل عقد من الزمن، ربما كان يتم وضع مثل هذا العمل خارج أمريكا. لكن كلاوس كلاينفيلد، الرئيس التنفيذي لشركة ألكوا، يقول إنه أصبح من المنطق الآن إبقاء العمل في سافانا، ليكون أقرب إلى الزبائن ووحدات الأبحاث. “إن الضغط من أجل الأتمتة ضخم. نحن لا نقوم بذلك بسبب التكلفة، لكن لأسباب تتعلق بالابتكار (…) هناك نوع من الدقة مطلوب لا تستطيع يد أو عين إنسان تحقيقه”.

شركات مثل ويرلبول وجنرال إلكتريك وفورد تتخذ خطوات مماثلة. حتى شركات الملابس تفعل الشيء نفسه. ليفي ستراوس، مثلا، لا تزال تصنع ملابس الجينز خارج أمريكا، لكنها أخيرا نقلت مركزها للابتكار – وتلك الوظائف – من تركيا إلى سان فرانسيسكو. وتعتقد مجموعة بوسطن للاستشارات أن أكثر من نصف جميع شركات التصنيع الأمريكية إما أنها تعيد أنشطتها إلى البلاد، وإما تفكر في هذا، لأن أمريكا أصبحت وجهة أكثر قدرة على التنافس.

هناك جانب أكثر تشاؤماً في كل هذا: ماذا يفعل العمال الزائدون عن الحاجة؟ الإجابة المتفائلة هي أن الاقتصاد في نهاية المطاف سوف يتكيّف لتوليد فرص عمل جديدة، كما فعل قبل 150 عاما عندما تم إخراج عمال المزارع من الأراضي. لكن السيناريو المتشائم هو أن هذا الاتجاه سيؤدي إلى تفاقم التشعبات التي تطوّرت في أسواق العمل في العقد الماضي، مع اختفاء وظائف التصنيع ذات الدرجة المتوسطة. في عالم من الشركات شديدة الكفاءة هناك طلب متزايد على فئة نخبة ذات تدريب عال. ما يؤكد ذلك هو أن بيانات المطالبات بالتعويض عن البطالة يوم الخميس تُشير إلى أن الشركات في الواقع تجد من الصعب توظيف عدد كاف من العاملين المهرة. شركة ألكوا تحتاج إلى كثير من مبرمجي الكمبيوتر، لكن ما تحتاج إليه بالفعل (بالقدر نفسه) هو عمّال تشكيل المعادن. يُمكن أن تزدهر الصادرات – لكن مع عدد قليل من عمّال الوظائف اليدوية.

لقد بدأ كلاينفيلد أخيرا العمل مع كليات المجتمع على برامج إعادة التدريب، في محاولة لمساعدة العاملين على التكيّف. هناك شركات أخرى تفعل الشيء نفسه. لكن ما هو مفقود بشكل مؤسف هو وجود أي سياسة متماسكة من واشنطن لدعم مثل هذه المحاولات. في الواقع، يبدو أن الكونجرس لا يُعير هذه المسألة اهتماما يذكر، مقارنة بالاهتمام الذي يكرّسه لمواضيع أخرى، مثل صادرات الطاقة المعروفة. هذا يجب أن يتغير – وقبل فترة لا بأس بها من فقدان الانتعاش الحالي زخمه.