اشتدت المنافسة بين النفط العراقي والنفط السعودي على الحصة السوقية في أوروبا، حيث قدم العراق أمس تخفيضات كبيرة على نفطه الذي سيباع هناك في شهر فبراير (شباط) القادم، أكبر من التخفيضات التي قدمتها السعودية، بحسب ما أظهرته قائمة الأسعار الشهرية للعراق الصادرة أمس. ولم تكن التخفيضات التي قدمها العراق لأوروبا مفاجئة، حيث إن المحللين والسوق كانوا يتوقعون أن يتبع العراق ما فعلته السعودية خلال نفس الشهر. أما بالنسبة إلى أسواق آسيا فقد رفع العراق أسعار البيع على عملائه هناك في خطوة مماثلة لما فعلته المملكة، إلا أن العراق سيظل يبيع نفطه في فبراير لآسيا بأسعار أكثر تنافسية من السعودية كذلك.
وقالت شركة تسويق النفط العراقية «سومو» أمس في قائمة الأسعار لفبراير التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها إنها زادت التخفيض على خام البصرة الخفيف إلى أوروبا بواقع 1.6 دولار لكل برميل، مقارنة بأسعار يناير (كانون الثاني) الحالية، بينما سترفع أسعار نفط كركوك بنحو 1.9 دولار للبرميل خلال نفس الفترة.
وبناء على هذه التخفيضات سيبيع العراق خام البصرة في عقود فبراير لأوروبا بسعر خام برنت الفوري ناقصا منه 5.95 دولار للبرميل، بعد أن كان يبيعه في يناير الحالي بسعر برنت ناقصا 4.35 دولار للبرميل.
وقالت «أرامكو السعودية» الأسبوع الماضي إنها زادت تخفيضاتها على سعر البيع الرسمي لخاماتها في فبراير إلى شمال غربي أوروبا بين 1.50 دولار إلى 1.70 دولار، وبذلك سيحصل كل مشترٍ للخام العربي الخفيف في أوروبا على النفط بسعر برنت منقوصا منه 4.65 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2009.
وأظهرت قائمة أسعار «سومو» أنها زادت أسعار آسيا بواقع 30 سنتا، أي 0.3 دولار للبرميل، في فبراير مقارنة بشهر يناير، وبذلك سيحصل عملاء آسيا على نفط البصرة الخفيف بسعر يعادل متوسط أسعار خامي دبي وعمان ناقصا 3.70 دولار للبرميل.
ورفعت السعودية سعر البيع الرسمي لشحنات فبراير من كل الخامات التي تبيعها إلى آسيا بين 55 سنتا للعربي الخفيف السوبر، وهو أجود أنوع النفط الذي تبيعه «أرامكو»، و70 سنتا للعربي الثقيل، وهو أقل الأنواع السعودية جودة.
ويعلق المحلل الكويتي ونائب الرئيس السابق في شركة البترول الكويتية الدولية عصام المرزوق على الخطوة العراقية قائلا: «لا يوجد هناك جديد بالنسبة للتخفيضات إلى أوروبا، إذ يبدو واضحا أن العراق سيسعى للحفاظ على حصته السوقية هناك».
ويضيف المرزوق: «أما رفع الأسعار إلى شرق آسيا بواقع 30 سنتا فقط في الوقت الذي رفعت فيه السعودية الأسعار بنحو 55 إلى 70 سنتا فهذا مفهوم، إذ إن العراق يريد أن يزيد طاقته الإنتاجية هذا العام ويحتاج إلى تصريف أكبر كمية من النفط في السوق الآسيوية التي تعتبر أهم أسواق بالنسبة لنا في المنطقة».
ويقول المرزوق إن تحسن هوامش التكرير في آسيا مع انخفاض أسعار النفط أعطى مساحة للعراق أن يرفع أسعاره إلى شرق آسيا دون أن يخسر الطلب من عملائه.
ويسعى العراق، البلد الذي تواجه ميزانيته ضغوطا مالية كبيرة هذا العام مع انخفاض أسعار النفط، إلى زيادة صادراته النفطية بعد عودة حقل كركوك للإنتاج وإبرام اتفاق مبدئي بين حكومة إقليم كردستان والحكومة المركزية في بغداد، سيسمح لنحو 300 ألف برميل من نفط كركوك بالعبور عبر الإقليم إلى ميناء جيهان في تركيا.
وسبق أن أوضح وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي في حوار أجراه مع «الشرق الأوسط» في أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي أن العراق يسعى لتصدير 3.3 مليون برميل يوميا من النفط في 2015 بعد وصول الطاقة الإنتاجية إلى 4 ملايين برميل يوميا مع عودة حقل كركوك للإنتاج. وأوضح عبد المهدي أن العراق قام بإجراءات مالية صارمة هذا العام لمواجهة هبوط أسعار النفط، إذ تم احتساب الميزانية الحالية على أساس 60 دولارا بدلا من 90 دولارا في العام الماضي.
ومن ناحية أخرى نقلت وكالة بلومبيرغ تصريحات لعبد المهدي أثناء وجوده في القاهرة البارحة أن مصر تريد شراء نحو 4 ملايين برميل شهريا من النفط العراقي، وهو ما يعادل نحو 133 ألف برميل يوميا، ولكن المباحثات حول هذا الأمر لا تزال جارية، خصوصا أن مصر طلبت تمديد فترة الدفع لتصبح خلال 270 يوما من تسلم الشحنات، بينما يريد العراق أن تكون مدة الدفع خلال 90 يوما.