رأى حسين القمزي، الرئيس التنفيذي لـ «نور بنك»، أن توفير البرامج والأدوات اللازمة للمواطنين ليصبحوا قادة تنفيذيين في القطاع المصرفي، هو السبيل الأمثل، ليس فقط لرفع نسبة المواطنين الذين لا تتجاوز نسبتهم 32 % من إجمالي القوى العاملة في القطاع المصرفي والاحتفاظ بهم فحسب.
بل لإعدادهم ليصبحوا قادة المستقبل، بما يتماشى مع الرؤية الاستراتيجية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لتحويل دبي ودولة الإمارات إلى الاقتصاد القائم على المعرفة، حيث سيكون للإماراتيين دور أساسي وبارز في تحقيق هذه الرؤية.
وتوقع القمزي في حوار خاص مع البيان الاقتصادي، أن تحقق البنوك نتائج قوية مع الإعلان عن نتائج الربع الأخير من العام الماضي، مستبعداً أن يواجه القطاع المصرفي أي تحديات كبيرة في 2015، خصوصاً مع توقعات استمرار نمو الاقتصاد بوتيرة ثابتة هذا العام، على الرغم من الانخفاض الحاصل في أسعار النفط.
ودعا القمزي إلى ضرورة فسح المجال أمام جيل الشباب المواطن وإعدادهم ليكونوا البديل المناسب عندما يصل المواطنون الذين يشغلون حالياً مناصب قيادية إلى مرحلة التقاعد، وبذل كل ما يلزم من جهود لضمان إعدادهم على نحو جيد، ليكونوا مستعدين لتولي المهام والمناصب القيادية.
وفي ما يلي نص الحوار:
ما أهمية وجود مسؤولين تنفيذيين مواطنين في المناصب القيادية في البنوك برأيك؟
هناك حاجة للمسؤولين التنفيذيين المواطنين في البنوك وفي جميع المؤسسات في أي بلد، بسبب ولائهم الفطري لهذا البلد، خلافاً لغيرهم من الأشخاص الذين قد يسعون فقط لتحقيق أقصى مردود على جهودهم. ومع ذلك، فإن العامل الأهم هنا ليس الجنسية، وإنما الكفاءة في هذا المنصب.
فالمواطنون الشباب بحاجة لأن يروا أبناء وبنات بلدهم في مناصب عليا متخصصة من أجل فهم معنى الكفاءة المرتبطة بالثقافة المحلية، وما الذي يجب أن يطمحوا إليه من أجل السير على خطاهم، مع الحفاظ على هويتهم الثقافية. فما يصلح في نيويورك لا يصلح بالضرورة في دبي، ولكن، في حال تم تعديل المنهج ليعكس احتياجات الإمارات، فيمكن الاستفادة منه على النحو المطلوب.
ما نسبة التوطين في «نور بنك»؟
نحن في «نور بنك» لا نسعى فقط إلى توطين القوى العاملة بالأسلوب البسيط الذي يقوم على توظيف الإماراتيين، الذين يشكلون حالياً 40 % من إجمالي القوى العاملة لدينا. نحن في الواقع نحاول أن نشجع موظفينا على النمو الذي من شأنه أن يوفر لهم الأدوات اللازمة ليصبحوا قادة المستقبل، سواء في قطاعهم الحالي أو خارجه، وفي القطاع العام أو الخاص.
وفقاً للإحصاءات الرسمية، جاء عدد المواطنين في القطاع المصرفي في البلاد بنهاية عام 2013، مساوياً لعددهم في عام 2009، وهو بالضبط 11676 مواطناً، هل لديكم أي بيانات حديثة في هذا الشأن؟
رغم أن البنوك كانت في طليعة المؤسسات التي توظف الإماراتيين، فإن الأمر لا يتعلق فقط بمضاعفة هذه الأرقام فقط، وإنما المحافظة على الكفاءات وتدريب المواطنين وتشجيعهم على الارتقاء في السلم الوظيفي، وصولاً إلى المناصب العليا في القطاع.
نعم، إن إحصاءات اتحاد البنوك في الإمارات، تظهر أن عدد الإماراتيين العاملين لدى البنوك بلغ 11700 مواطن أو ما يعادل 32 % من إجمالي القوى العاملة في عام 2013، بعد أن بلغ ذروته عند 12500 مواطن في عام 2012.
جوانب نفسية
ما الجوانب النفسية التي يتمتع بها من يتطلع لشغل منصب قيادي في البنوك؟
إن أي منصب قيادي يعتمد بشكل كبير على فهم القائد لدوافعه الخاصة ووجهة نظره إلى العالم. لذا، تعتبر الحالة النفسية أمراً أساسياً لكل من القائد ومدربه في التوصل إلى فهم عبارة للمدرب، مثل «أعتقد أنك تؤمن بما تقوله، لكنني لا أصدقك». إن ما يريد المدرب قوله هنا هو أن العميل قد يعتقد بصحة تصوراته، لكن المدرب يحتاج للمزيد من الأدلة على صحة هذه التصورات.
مزايا
ما مزايا إعداد مسؤولين تنفيذيين مواطنين في البنوك، بالمقارنة مع جلب وتشغيل مهارات أجنبية من الخارج؟
تمتاز الإمارات بأن مواطنيها يعملون جنباً إلى جنب مع المغتربين. وإن النمو المتسارع الذي يشهده اقتصاد بلادنا يتطلب الاستفادة من خدمات كلا الطرفين. ولكن كما نعلم، فإن إقامة المغتربين في البلاد هي ذات طبيعة مؤقتة.
وفي حين أن المواطن قد ينتقل من منصب إلى آخر ضمن مؤسسة مختلفة، إلا أنه يبقى داخل الإمارات، وبذلك تبقى الخبرات وتنمو داخل الوطن. ونحن فخورون بحقيقة أن لدينا مواطنين يشغلون بنجاح مناصب مختلفة في جميع قطاعات الاقتصاد، بما فيها الخدمات المصرفية، بدءاً من الموظفين المستجدين، وصولاً إلى أعلى المناصب التنفيذية.
إن دولتنا تعد دولة فتية، وقد حققنا نجاحات كبيرة، ولا نزال نتطلع للمزيد. من ناحية أخرى، فإن الاستعادة بالمواطنين له ميزة إضافية هامة، هي أن حماسهم وخيالهم وقدرتهم الإبداعية تتماشى مع رؤية البلد. وفي هذا الصدد، يعد القطاع المالي في البلاد محركاً رئيساً للتنمية. وفي الواقع، لقد لعب القطاع المصرفي دوراً رئيساً في عملية التوطين، على الرغم من أننا رأينا بعض الانخفاض في الأرقام في عام 2013.
تحديات
ما أهم التحديات التي ستواجه قطاع الصيرفة والبنوك في عام 2015؟
شهد عام 2014 أداء جيداً لقطاع البنوك في الإمارات على جميع الصعد. وقد واصلت البنوك تسجيل تحسن مستمر في نمو الأصول ونمو القروض والأرباح وهوامش الأرباح الصافية وغيرها. وفي الواقع أدت الشروط المخفضة على الديون المتعثرة إلى تسجيل جميع البنوك أكثر من 25 % من الأرباح خلال الأشهر التسعة الأولى.
وأعتقد أن نتائج البنوك ستختتم العام بشكل قوي، فقد أثبت قطاع البنوك مرونته خلال العام المنصرم. وفي الواقع، لا أتوقع أي تحديات كبيرة يواجهها قطاع البنوك في عام 2015، إذ يتوقع أن يستمر نمو الاقتصاد بسرعة ثابتة، خاصة مع تواصل الاستثمار في البنية التحتية على الرغم من انخفاض أسعار النفط.
ما هي النشاطات المصرفية التي قد تعاني قليلاً جرّاء الظروف الاقتصادية الحالية برأيكم، ولماذا؟
من الطبيعي أن تدخل القطاعات في دورات اقتصادية قد يتفاوت فيها الأداء. ففي حين شهدت بعض جوانب القطاع العقاري تباطؤاً في النمو، لا يسبّب هذا الأمر أي قلق بالنسبة إلى قطاع التمويل العقاري.
ونحن في «نور بنك» استطعنا أن نحقق أهدافنا التي وضعناها لتمويل العقارات في العام الماضي. ونتوقع أن يستمر هذا التوجه لعام 2015. وأعتقد أن ما يسمى «تباطؤاً» هو في الحقيقة عبارة عن مرحلة استقرار لسوق العقارات، وهذا الاستقرار سوف تستفيد منه سوق تمويل العقارات.
أعتقد بأن أي استقرار هو أمر جيد للعملاء، لأنه يزيد من ثقتهم في السوق العقارية، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع المبيعات على المدى المتوسط والطويل، كما يشجع مزيداً من العملاء النهائيين عوضاً عن المضاربين.
آفاق مشجعة
برأيك، هل سيتأثر قطاع الصيرفة الإماراتي بانخفاض أسعار النفط؟ ولماذا؟
لا أعتقد ذلك، إذ تتميز أسعار النفط بطبيعتها المتكررة والمتغيرة. وقد رأينا سابقاً كيف ارتفعت أسعار النفط عقب انخفاضها. قد يستمر هذا الأمر لفترة طويلة، وقد لا تعود الأسعار إلى ما كانت عليه في شهر يونيو، أي حوالى 110 دولارات للبرميل. لذا، سيسهم إنفاق القطاع العام، خصوصاً في مشاريع البنية التحتية، إضافة إلى رفع وتيرة الأعمال ونشاط العملاء، في دعم نمو الإقراض لدى بنوك الإمارات.
وكما تعلم، فإن تقرير وكالة التصنيف الائتماني «موديز» لتوقعاتها لعام 2015 بالنسبة إلى بنوك دول مجلس التعاون الخليجي، يتحدث عن تحسن نشاطات المستهلكين والأعمال، خاصة في الإمارات والمملكة العربية السعودية، وهذا الأمر سيسهم في زيادة نمو الإقراض في المنطقة بمعدل 10 % في 2015.
بينما رسمت وكالة «فيتش» صورة متفائلة لتوقعاتها لقطاع البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام، بالرغم من انخفاض أسعار النفط.
ما هي خطط «نور بنك» للعام القادم؟
يشهد شهر يناير 2015 الذكرى السنوية السابعة لتأسيس «نور بنك»، ونحن نعمل دائماً على توفير أفضل المنتجات والخدمات لعملائنا. ويمكنني القول إننا نعمل على العديد من العروض والقطاعات المختلفة، منها في الخدمات المصرفية المميزة وتمويل العقارات وتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتمويل الشركات الكبيرة والقطاع العام، بدون الكشف عن المزيد من التفاصيل.
كما نحضر أيضاً لافتتاح ثلاثة فروع جديدة لنور للتجارة، العلامة التجارية لـ «نور بنك»، والتي تلبي متطلبات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة. وسوف نوفر المزيد من المعلومات في الوقت المناسب.
وبالنسبة إلى العام الجديد، سوف نركز على زيادة الاستثمار في الوسائل التكنولوجية والرقمية. ويفخر بنكنا بدمج المنصات التقنية على شبكة الإنترنت وخارجها، بحيث تلبي متطلبات العملاء في كافة المجالات. وقد فزنا مؤخراً بجائزة «أفضل تجربة للعملاء على الموقع الإلكتروني» في الإمارات، وسوف نواصل جهودنا لضمان تحسين هذه التجربة.
ما هي المستجدات والتوجهات التي تتوقع أن تركز عليها البنوك في العام الجديد؟
أعتقد بأن الاهتمام بالتكنولوجيا ووسائلها الحديثة من الهواتف المتحركة ووسائل التواصل الاجتماعي في قطاع الصيرفة أمر بالغ الأهمية. أكثر من 200 جنسية مختلفة في دولة الإمارات تعشق استخدام التقنيات، لذا، يتعين على البنوك أن تفكر بالطريقة الأمثل لخدمة عملائها باستخدام أحدث التوجهات والبيانات.
كما أن تحسين خدمة العملاء من خلال قنوات بديلة يتطلب اهتماماً كبيراً أيضاً. وفي إطار التكنولوجيا والوسائل الرقمية، أعتقد بأن مسائل الأمن الرقمي يحتل أولوية كبرى لدى الجميع، بما في ذلك البنوك والعملاء.
نقص الكوادر
عن سبل التغلب على نقص الكوادر المؤهلة في قطاع التمويل الإسلامي، والتي تعتبر من المشاكل الرئيسة التي تواجه هذا القطاع، قال الرئيس التنفيذي لـ (نور بنك): «هذه مشكلة تواجهها المؤسسات المالية الإسلامية في جميع أنحاء العالم.
في الواقع، تقوم الجامعات والمعاهد في مختلف البلدان على نحو متزايد بمنح درجات علمية في الخدمات المصرفية الإسلامية في البلدان الإسلامية والغربية. وفي الإمارات، على سبيل المثال، يعتبر معهد الإمارات للخدمات المصرفية والمالية أحد هذه المؤسسة الأكاديمية، يمنح شهادة الدبلوم في الخدمات المصرفية الإسلامية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن لدى البنوك برامج تدريبية وورش عمل خاصة تغطي مختلف جوانب العمل المصرفي الإسلامي ومجمل المستجدات التي يشهدها القطاع. وبالنسبة لـ «نور بنك»، فلدينا من برامج دورية تعليمية حول شتى المواضيع ذات الصلة بالخدمات المصرفية الإسلامية».
برنامج لتدريب وتوجيه المواطنين
في إطار مساعيه لتحويل هذه الأفكار إلى واقع ملموس، أطلق «نور بنك» مؤخراً «برنامج التطوير والتدريب المهني» بالاشتراك مع فريق مؤسسة آكشن إن بزنس الدولية، الذي يقوم على اختيار 10 موظفين إماراتيين ممن أظهروا إمكانات أكبر من غيرهم، وإعدادهم لمناصب قيادية في البنك.
وأفاد القمزي أن البرنامج الذي دخل مرحلة التطوير الثانية يهدف إلى إمداد أبناء الإمارات بالتدريب والتأهيل اللازم للمساعدة على تنمية مهاراتهم المهنية والقيادية، بما يجعلهم مؤهلين وقادرين على تولي مسؤوليات إدارية عليا في البنك مستقبلاً.
وأضاف أن «اختبارات القياس النفسي» التي سيخضع لها المتدربون في «نور بنك»، تستند إلى أدوات التقييم المعتمدة من قبل جمعية علم النفس البريطانية، وتقوم بتحديد العوامل الشخصية الهامة بالنسبة لكل فرد. وتتيح هذه الاختبارات للفرد إدراك قضيتين رئيستين – كيف ينظرون إلى العالم وكيف يعتقدون أن العالم ينظر إليهم.
فنحن كبشر نتجاوب مع هذين المحفزين، ولكننا في كثير من الأحيان لا نعلم كيفية التعامل معها إلى أن نتلقى بعض المدخلات الخارجية. كما تقوم التدخلات التي يستخدمها «نور بنك» بتحديد عناصر محددة، مثل نمط التفكير، ونمط التعامل، ونمط الاتصال، والذكاء العاطفي، وسلوك العمل، وأسلوب القيادة المفضل، والدور الإداري المفضل.
جائزة الاقتصاد الإسلامي تعّزز ريادة الدولة
قال حسين القمزي، بصفته رئيس لجنة تحكيم جائزة الاقتصاد الإسلامي، التي سيعلن عن الفائزين بدورتها الثانية خلال هذا الأسبوع إن الجائزة تأسست بهدف تعزيز مكانة الإمارات كدولة رائدة في هذا القطاع المهم.
وأضاف: هدفنا من وراء الجائزة، هو إرساء معايير عالمية من شأنها تحقيق رؤية «دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ويجري تنفيذها تحت إشراف سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم.
وتمثل الجائزة حافزاً لدعم وتطوير الاقتصاد الإسلامي عالمياً. فهي تكرّم القيادات الإقليمية والعالمية، ضمن ثماني فئات رئيسة للاقتصاد الإسلامي، بالإضافة إلى جائزة أفضل إنجاز شخصي.
وأوضح أنه جرى تقييم ودراسة جميع الترشيحات التي تم إرسالها، والتي حققت معايير التأهل من قبل لجنة التحكيم. وأضاف: «بناء على إجمالي النقاط التي تمنحها اللجنة يتم وضع قائمة أولية مختصرة لأول ثلاثة مرشحين عن كل فئة.
وبعدها يقوم أعضاء اللجنة بمراجعة هذه الترشحيات الثلاثة لكل فئة والتصويت للفائز في كل منها. ثم يقوم الفريق المنظم بتزويد لجنة التحكيم بمعلومات مفصلة عن المرشحين الذين تم اختيارهم (عن طريق استقاء تفاصيل إضافية من المرشحين)، لتقوم اللجنة بعدها بالتصويت على الفائز عن كل فئة».