قال تقرير صادر عن مجموعة بنك قطر الوطني إن الصين تحولت إلى مركز التصنيع في العالم خلال العقدين الأخيرين، بينما قللت بكين من اعتمادها على الدول الأخرى في إضافة مدخلات إلى سلسلة إمدادها. نتيجة لذلك، هبطت حصة المدخلات المستوردة في الصادرات الصينية من 50 بالمئة في 2000 إلى 35 بالمئة اليوم، وكان لذلك أثر سلبي في نمو التجارة العالمية. ولفت التقرير إلى أن الولايات المتحدة اعتمدت منذ الثمانينات على مزاولة الانتاج خارج أرضها، وبشكل خاص في الصين، بهدف خفض تكاليف الإنتاج، ما ضاعف الواردات الصناعية للولايات المتحدة من متوسط 4 بالمئة من الناتج المحلي الأميركي حينها، إلى 8 بالمئة خلال العقد الأول من القرن الحالي. فمنذ ذلك الحين، خفضت الولايات المتحدة نسبة إنتاجها في الخارج، فاستقرت الواردات الصناعية عمومًا عند نحو 8 بالمئة من الناتج، وكان لذلك أيضًا أثر سلبي في نمو التجارة العالمية. حمائية متزايدة أظهرت دراسة أصدرها أخيراً صندوق النقد الدولي بعنوان “النمو البطيء” هذه التغييرات الهيكلية، باعتبارها العامل الرئيس في خفض نمو التجارة العالمية. ولفت إلى أن القوانين والسياسات الحمائية المتزايدة سبب في إعاقة نمو التجارة العالمية. وفي أواخر 2008، عقب الأزمة المالية العالمية، تعهد قادة دول مجموعة العشرين بتجميد هذه السياسات لتجنب تكرار دوامة الحمائية التجارية التي حدثت في ثلاثينات القرن العشرين. ومع ذلك، أُدخلت منذ ذلك الوقت تدابير عدة تناقض هذا التعهد. ففي 2012، أصدر الاتحاد الأوروبي تقريراً يوضح حدوث زيادة مذهلة في الحمائية في كل أنحاء العالم. ووفق موقع مراقبة التجارة العالمية، فإن أكثر من 70 بالمئة من تشريعات التجارة الجديدة ذات طابع حمائي، وقد أُدخل نحو 3870 من هذه التدابير منذ العام 2008. وأشار التقرير إلى أن الحواجز الجمركية واصلت هبوطها على مدى العقود الأخيرة، لكن بمعدل متباطئ. لهذه الأسباب وفي حين أفاد التقرير بأن نمو التجارة العالمية ظل خلال السنوات الثلاث الماضية أقل من معدله لما قبل الأزمة المالية، فإنه اعتبر أن هذا يثير الأسئلة حول أسباب الركود الذي يحيط بالتجارة العالمية، وعمّا إذا كان مُتوقعًا أن تنتعش إلى المستويات التي كانت عليها قبل الأزمة، وأن في جانب الطلب ساهم انخفاض النمو العالمي في إضعاف النشاط الاقتصادي، ويُتوقع أن يعمل على خفض نمو التجارة مستقبلًا. إلا أن الأمر لا يقتصر على ذلك فحسب، فقد ساهمت أيضًا عوامل أخرى مثل التغيير في هيكل سلسلة الإمداد وتصاعد السياسات الحمائية، في خفض التجارة العالمية. واستبعد التقرير أن تتعافى التجارة العالمية إلى مستويات ما قبل الأزمة على المدى القصير، لثلاثة أسباب رئيسة: -لا يرجح انتعاش الطلب، فأوروبا التي تمثل نحو ثلث التجارة العالمية يُتوقع أن تشهد ركودًا اقتصاديًا في 2015. -وفي الصين، التي تمثل 11 بالمئة من التجارة العالمية، يتباطأ النمو. -ولا يُتوقع لأي انتعاش في النمو في الولايات المتحدة، التي تستحوذ على 10 في المئة من التجارة العالمية، أن يعوّض عن ذلك في شكل كافٍ. توقعات متواضعة ووفق التقرير، عدم تحقيق نجاح في المفاوضات التجارية متعددة الأطراف يعني ضآلة التقدم المتوقع في الحد من الحمائية التجارية. ورغم أن جولة الدوحة للمفاوضات التجارية بدأت في 2001، إلا أن القليل فقط تحقق من الأهداف الطموحة التي وضعتها لخفض الحواجز التجارية العالمية. كما أن الاتفاق الأخير في شأن تنفيذ مقررات الدوحة، والذي وُقع في بالي نهاية 2013، واجه انتكاسة بخروج الهند في تموز (يوليو) 2014. وكان يُتوقع لاتفاق حصل أخيرًا بين الولايات المتحدة والهند أن يساعد في إنقاذ الموقف إلا أن المفاوضات في شأنه لا تزال محفوفة بالمصاعب. لذلك، يتوقع تقرير بنك قطر الوطني نمو التجارة العالمية تقريبًا بنسبة مساوية لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال عامي 2015-2016، والتي يتوقع صندوق النقد الدولي أن تصل إلى 3,9 بالمئة، ما يقل كثيرًا عن مستويات ما قبل الأزمة.