لا يمكن لأبناء الضنية نسيان عام 2014 والذي تساقطت ورقته الأخيرة منذ أيام خصوصا أنه حمل العديد من الأحداث التي ستبقى في ذاكرتهم فترة كبيرة وربما لسنوات قادمة، والضنية التي حباها الله طبيعة فريدة وموقعا متميّزا وتنوّعا طائفيا متجانسا، لا يفرّق بين المسلم والمسيحي في أي شيء، لأن صيغة العيش الواحد التي تتميّز بها الضنية وحافظت عليها، تجعلها منطقة قادرة على رفض بل ونبذ أي حركات مشبوهة تحاول الدخول إليها لتشويهها أو تصويرها كبيئة حاضنة لبعض الحركات التي أساءت للدين وللحياة الإنسانية. من هنا فان كل المحاولات التي جرت من بعض الجماعات المتطرفة للولوج الى الضنية وجعلها ملجأ أو محطة انطلاق لتنفيذ أعمالهم المدانة من الجميع. من هنا كانت عملية القبض على الارهابي أحمد ميقاتي في بلدة عاصون والذي كان يخطط حسب ما بات معروفا لبعض الاحداث الأمنية المرتبطة بداعش وغيرها من المجموعات المسلحة.
ولكن الحدث الأبرز في 2014 والذي جعله عاما غير تقليدي هي السيول والفيضانات التي اجتاحت بعض القرى وخرَّبت بناها التحتية وشرّدت بعض العائلات التي ما زالت حتى الساعة دون ملجأ لان منازلهم ما زالت بحاجة للكثير من الصيانة والتأهيل. ونتيجة لهذه الكارثة أعلنت الضنية منطقة منكوبة، وهدد رؤساء بلديات الضنية على لسان رئيس بلدية سير أحمد علم بتقديم إستقالة جماعية في حال لم تبادر الحكومة لمعالجة الأضرار التي تسببت بها السيول، وان كانت الهيئة العليا للاغاثة قد تحركت سريعا للكشف على الأضرار إلا أن المعالجة لم تكن بالمستوى المطلوب خصوصا لناحية معالجة الأضرار التي لحقت بالطرقات وكل مرافق البنى التحتية. فبلدة قرصيتا الجردية أعادتها السيول الجارفة والفيضانات التي اجتاحتها عشرات السنين الى الوراء، فلم يبقَ لها طريق فرعي أو أساسي إلا وخربته السيول. والطرقات الداخلية في البلدة تغيّرت معالمها وتقطعت أوصال الأحياء وبات من الصعوبة التنقل بسهولة بين حي وآخر، والأهم ان وزارة الأشغال العامة لم تحرك ساكنا حتى الساعة لمعالجة الأضرار التي تسببت بها السيول والفيضانات بالرغم من ان رئيس الحكومة أبلغ نواب الضنية المنية ان الحكومة صرفت 4 مليارات ليرة للوزارة لمعالجة الأضرار التي لحقت بالطرقات والجسور ولكن الوزير يتصرف وكأن شيئا لم يكن. وفي هذا العام شهدت الضنية أزمة مياه حادة خلال فصل الصيف وتعرّضت الكثير من المزروعات للتلف، ونتيجة لذلك توترت علاقات القرى ببعضها البعض بسبب الخلاف على أحقية الإستفادة من مياه الينابيع المتعددة في الضنية والتي تراجع مخزونها أكثر من ٩٠٪. وفي هذا العام لم يكتب لمشروع سد بريصا أن يبصر النور بشكل كامل ليساهم في حل مشكلة المياه بشكل جذري، واستمر العمل في القسم الأول من مشروع اتوستراد سير الهرمل بينما لم تشهد الضنية انطلاق أي مشروع جديد لان حكومة حزب الله برئاسة نجيب ميقاتي لم تولِ الاستثمار في هذه المناطق أي أهمية تذكر.
وفي هذا العام استمر الأداء السيئ لمعظم بلديات الضنية لغياب الأموال اللازمة وانعدام التخطيط الواضح لتحقيق النهضة التنموية المطلوبة، وبسبب الأزمة السورية استمر القطاع الزراعي بالتراجع وما زال انتاج الضنية من التفاح مخزّنا في البرادات حتى الآن والدولة لم تحرك ساكنا لمعالجة هذه القضية التي تعتبر مصدر الرزق الوحيد لأكثر من نصف السكان خصوصا في القرى الجردية. ولم يكن القطاع السياحي بحال أفضل لغياب السائح العربي او المصطاف اللبناني الذي كان يقصد الضنية لتمضية عطلة الصيف، ولهذه الأسباب وغيرها تراجعت السياحة ولم تشهد المنطقة أي محاولة جديدة لاستثمار جديد في هذا القطاع. ولكن المشكلة الأكبر التي تعاظمت في الضنية في عام ٢٠١٤ هي كثافة النزوح السوري الى معظم قرى وبلدات الضنية حيث وصلت عدد العائلات النازحة حوالى 4 آلاف عائلة وهذا العدد الكبير من النازحين خلق مشكلة كبيرة خصوصا في مزاحمة أبناء المنطقة في المهن البسيطة التي يعملون بها. وكان لافتا في 2014 أيضا الأساتذة الذين تفرغوا في الجامعة اللبنانية وكان عددهم 24 أستاذا من الضنية، وهي المرة الأولى التي تحصل في الضنية وبهذا الشكل العددي والنوعي. كما أقام اتحاد بلديات الضنية في خطوة لافتة تكريما للعديد من الأشخاص المميّزين في الضنية والذين قدّموا مساهمات وتركوا بصمات في المجالات التي يعملون بها في الضنية أو خارجها. واستمر هذا العام الأداء المميّز لدار الايتام الإسلامية في مساعدة الايتام وذوي الاحتياجات الخاصة والمساعدة في الحد من ظاهرة التسرّب المدرسي التي زادت كثيرا في الآونة الأخيرة.
باختصار كثيرون يتمنون لو ان 2014 كان أفضل ولكنهم ينقلون آمالهم للعام الجديد عسى ولعل أن تتحق أمانيهم.