IMLebanon

ريفي: التهاون بحماية الحدود يضعنا وجهاً لوجه أمام خطر الاصوليين والارهابيين

ashraf-rifi1

اكد وزير العدل اللواء اشرف ريفي ان المسلمين هم الأكثر تضررا من الارهاب، ولهم الدور الاكبر في محاربته، لأنهم يرفضون تشويه دينهم واختطافه، فما يحصل اليوم للاسلام شبيه بالممارسات التي ارتكبت تاريخياً في اوروبا باسم المسيحية، والمسيحية منها براء.

وأشار الى ان ما تمارسه الجماعات الارهابية باسم الدين مرفوض شرعياً وأخلاقياً وانسانياً، وقال: “يكفي تتبع ما يصدر عن المرجعيات الدينية للمسلمين، من مصر الى المملكة العربية السعودية، ويكفي رصد موقف أكثرية المسلمين، للتأكد بأن هذه الظواهر، مصيرها الزوال، حتى ربما قبل زوال الاسباب السياسية وغير السياسية التي انتجتها”.

ريفي، وفي كلمة له خلال ندوة سياسية نظمتها “القوات اللبنانية”- البترون، أضاف: “نعم لهذا الوطن بمسلميه ومسيحييه، وظيفة حضارية سامية في هذه المنطقة وفي العالم، ويفترض بكل منا أن يشعر بالفخر لأنه ينتمي الى تجربة العيش معاً، لأن هذه التجربة هي خيار مستقبل ابنائنا، وهي الدرع التي تحمينا، وهي الكفيلة بقطع الطريق على التطرف والارهاب والاستبداد”.

وأوضح انه ما من مهمة أكبر من ترسيخ لبنان الدولة الوطنية، فكل تهاون بحماية حدود هذه الدولة، سيضع البلاد وجهاً لوجه أمام خطر الاصوليين والارهابين الذين يحاولون اختطاف الاسلام دين العدل والرحمة، واستباحة الحدود الوطنية للدول، وارتكاب ابشع الجرائم، في مشهد يعيدنا الى القرون الوسطى.

وأضاف: “لا يوجد مناطق جغرافية على قياس الطوائف، بل وطن واحد هو أرض الرسالات السماوية، هكذا نريده لبنان أولاً وطن حرية الانسان وكرامته، وطن الـ 10452 كلم مربع”.

 

 

في ما يلي كلمة ريفي كاملة:

“من البترون ميناء التاريخ ومرسى الحضارة، من هذه المدينة التي تتميز جغرافياً بأنها صلة وصل وتواصل،كما تتميز بانفتاح أهلها ووطنيتهم، احييكم تحية طرابلسية ولبنانية، وأشكر كل من أعد لهذه الندوة.

 

نلتقي اليوم على وقع هستيريا العنف والارهاب والاستبداد الذي يضرب لبنان والمنطقة والعالم، وبالأمس تابعنا ما ارتكبته قوى الظلام في فرنسا، حيث نفذت جريمة كبرى هزت ضمير الانسانية، وأسست للأسف لموجة جديدة من العنف والكراهية، باتت تهدد اذا لم يتم احتواؤها، بصراع من نوع آخر. صراع يطمح المتطرفون على الضفتين، الى الجلوس فيه وراء المقود، لجر المعتدلين على الضفتين، الى الاستسلام والانقياد، لهذا الصراع، كقدر محتوم لا مفر منه.

 

اننا جميعاً نتطلع الى بناء عالم أكثر تسامحاً، عالم تسوده قيم تآخي الاديان، وتفاعلها، وتفعيلها للقيم المشتركة الكبيرة جداً التي تجمعها، والتي تتلخص في تأكيد حق الانسان بالحرية والكرامة، وحقه في الحياة، وضرورة حمايته من العنف على أنواعه.

 

لقد ولدت في كنف عائلة لبنانية مسلمة، وأشكر الله العلي القدير، على كل ما أعطاني اياه من نعم وقيم وروحية. لقد تربينا في بيئة الاعتدال التي تؤمن بالعيش المشترك، ونشأت على احترام الآخر، وسأبقى حتى النهاية، فهذا سلوك حياة.

 

إنني إذ أفخر كأي مسلم، بديني وايماني برسالة الاسلام السمحاء، أنظر بقلق الى بعض الظواهر المتطرفة، التي تحاول أن تستعمل العنف والكراهية وسيلة لاختطاف الدين وتسييسه، خلافاً لرسالته الحقيقية. وبغض النظر عن الاسباب والمسببات، والابرز منها الاستبداد، والقهر، فإن ما تمارسه هذه الجماعات باسم الدين مرفوض شرعياً وأخلاقياً وانسانياً. يكفي تتبع ما يصدر عن المرجعيات الدينية للمسلمين،من مصر الى المملكة العربية السعودية، ويكفي رصد موقف أكثرية المسلمين، للتأكد بأن هذه الظواهر، مصيرها الزوال، حتى ربما قبل زوال الاسباب السياسية وغير السياسية التي انتجتها.

 

ان المسلمين كما قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، هم الأكثر تضررا من الارهاب، ونؤكد على ان المسلمين سيكون لهم الدور الاكبر في محاربته، لأنهم يرفضون تشويه دينهم واختطافه، فما يحصل اليوم للاسلام شبيه بالممارسات التي ارتكبت تاريخياً في اوروبا باسم المسيحية، والمسيحية منها براء.

 

ان واجبنا هذا الشرق منبت الرسالات السماوية الثلاث، أن نؤكد للعالم، أن الديانات التوحيدية، هي إرث عظيم أعطته هذه المنطقة للانسانية، وواجبنا أن نسقط نهائياً، مقولة ان الديانات التوحيدية هي ديانات الغائية، في علاقتها فيما بينها، وعلاقتها بالأديان الأخرى، ولتجربة لبنان في العيش المشترك بين طوائف متعددة، دور كبير في هذا المجال.

 

بكل واقعية أقول: ان لبنان بما يمثل من قيم عظيمة في تفاعل الاسلام والمسيحية، وفي قدرتنا على العيش معاً، يشكل أحد أبرز النماذج الفريدة في هذا العالم، القادرة على اعطاء الجواب الصحيح، متى عصفت لغة العنف والاستبداد والارهاب.

 

لقد تأسس هذا الوطن الصغير، في العام 1920 بجهود جبارة قادها البطريرك الياس الحويك ابن البترون، وكل المخلصين، وبعد95 سنة على ولادته، أصبح صمام أمان لجميع ابنائه، الذين يعرفون قدره وأهميته، كما الذين يضعونه في مرمى العواصف.

 

لقد دفعنا ثمناً كبيراً، لكي نحافظ على استقلال هذا البلد وسيادته. منا من رفض الانتماء اليه بداعي أنه صنيعة الاستعمار، ومنا من اراده منقطعاً عن محيطه، كأنه جزيرة معزولة، لكننا اليوم وفي هذه اللحظة بالذات، نشعر كم كان لبنان الكبير كبيراً، بانسانه واديانه وحيوية ابنائه. نشعر كم كان ولا يزال حاجة ماسة لابنائه، وقدوة للمنطقة والعالم.نعم أنه رسالة للعالم كما قال البابا يوحنا بولس الثاني.

 

ما من مهمة في هذا البحر الهائج الذي نعيش فيه اليوم، أكبر من مهمة حفظ هذه الرسالة. ما من مهمة أكبر من ترسيخ لبنان الدولة الوطنية، فكل تهاون بحماية حدود هذه الدولة، سيضعنا وجهاً لوجه أمام خطر الاصوليتين والارهابين اللذين يحاول كل منهما، اختطاف الاسلام دين العدل والرحمة، واستباحة الحدود الوطنية للدول، وارتكاب ابشع الجرائم، في مشهد يعيدنا الى القرون الوسطى.

 

لمن ينفذ فتاوى القتل باسم حماية الدين، من فتوى قتل سلمان رشدي، الى سائر فتاوى ارتكاب الجرائم، نقول: الاسلام أكثر منعة وقوة من أن يحتاج لأمثالكم لحمايته. ما يحمي الاسلام قيمه العظيمة، التي أتى بها النبي محمد (صلعم)، ما يحمي الاسلام، رسالته التي انتشرت في أقاصي الارض، تدعو للرحمة والسلام ولبناء الانسان. ونحن نؤكد رفضنا اي اساءة للاسلام وللمسيحية ولأي دي سماوي.

 

من موقعي السابق في قيادة قوى الامن الداخلي، ومن موقعي الحالي كوزير للعدل، عايشت الاحداث التي عاشها كل واحد منا. أتوقف هنا عند تاريخنا الحديث، الذي كانت لنا فيه تجارب مرة، من الاقتتال والصراع، التي أفضت الى قناعة راسخة، بأن عيشنا معاً ليس قدرا مفروضا علينا، بل هو السبيل الوحيد كي نصنع الغد لنا ولأولادنا. أذكر هنا ما جاء في بيان المجمع البطريركي الماروني، الذي استخلص واقع المسيحيين خلال الحرب، بالقول: لقد قتلوا وقتلوا وتقاتلوا. هذه الخلاصة تنطبق على المسلمين ايضاً، وعلى كل اللبنانيين، ومن هنا من البترون، نتعهد أمام الله والوطن، أن نبذل كلبنانيين، كل ما لدينا كي لا تتكرر مأساة الحرب. نعم ايها السادة: لا نريد أن نقتل أو نقتل، او نتقاتل. مسؤوليتنا الانسانية والتاريخية، أن ننتهج ثقافة الحياة، وان نمنع رسل الموت من تهديم ما بنيناه.

 

نعم لهذا الوطن بمسلميه ومسيحييه، وظيفة حضارية سامية في هذه المنطقة وفي العالم، ويفترض بكل منا أن يشعر بالفخر لأنه ينتمي الى تجربة العيش معاً، لأن هذه التجربة هي خيار مستقبل ابنائنا، وهي الدرع التي تحمينا، وهي الكفيلة بقطع الطريق على التطرف والارهاب والاستبداد. لقد دعوت مرارا الى حماية هذه التجربة، واليوم أكرر، لا أكثرية ولا أقليات في هذه المنطقة، بل أكثرية واحدة، هي أكثرية المعتدلين من كل الطوائف والمذاهب، وأقلية تمارس العنف مدعية زوراً تمثيل الاكثرية، ولهذا أدعو لدفن ما يسمى بتحالف الاقليات، وبناء تحالف المعتدلين، ابناء ثقافة الحياة، الذين على أكتافهم، سيبنى مستقبل قائم على احترام حرية الانسان وحياته وكرامته وخياره الحر.

 

قبل ايام قليلة من الذكرى العاشرة ل 14 آذار، نستذكر معاً شهداءنا، الذين سقطوا دفاعاً عن لبنان. ما احوجنا اليوم الى التمسك بمعنى ثورة الاستقلال، في هذا البحر الهائج الذي تعيشه المنطقة. ان ما حصل في بيروت في 14 آذار 2005 ، كان رسالة تحدي في مواجهة المشروع الذي اغتال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، هو المشروع نفسه الذي أغرق العراق وسوريا بالفتنة المذهبية، المطعمة بنكهة سياسة التوسع والهيمنة ومحاولة بناء سياسات النفوذ واوهام السيطرة.

 

لقد اغتالوا الرئيس الشهيد رفيق الحريري، متوهمين أنهم يستهدفون السنة لترهيبهم،واغتالوا جبران تويني وبيار الجميل وانطوان غانم،وحاولوا اغتيال سمير جعجع، متوهمين أنهم يستهدفون المسيحيين لتحييدهم، فإذا بالشعب اللبناني مسلمين ومسيحيين يرد عليهم بلغة واحدة، في مواجهة ارهاب الاغتيال.

 

اليوم وبعد عشر سنوات على ذلك اليوم العظيم في تاريخ لبنان، نؤكد على استمرارنا بحمل هذه الرسالة، ومعكم نقول: لن ننقذ لبنان الا عندما نكون مسلمين ومسيحيين يداً واحدة، ننتصر لقيمنا الوطنية والدينية والاخلاقية، مهما استفحل الارهاب بكل وجوهه.

 

لقد قلت سابقاً من كسروان، واليوم أكرر من البترون: نحن شعب واحد نؤمن بالله عز وجل، نعمل لترسيخ هذا التعدد والتفاعل الخلاق في مجتمعنا. أرفض أن تكون طرابلس قلعة المسلمين، أو طرابلس الشام، وأن تكون جونية مرفأ المسيحيين. لا مناطق جغرافية على قياس الطوائف، بل وطن واحد هو أرض الرسالات السماوية. هكذا نريده لبنان أولاً وطن حرية الانسان وكرامته،وطن ال 10452 كلم مربع”.

 

 

 

 

January 17, 2015 11:29 AM