خلصت دراسة جديدة للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار) أن الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة ينطوي على كارثة للاقتصاد الفلسطيني من عدة نواحٍ، ناهيك عن بقية التبعات المدمرة للاحتلال.
وهي تعتمد في احتساب الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الاستيطان وعن الاحتلال بشكل عام على طريقتين، تركز الأولى على القيم المضافة للناتج المحلي الإجمالي، والثانية تركز على الخسائر المتعلقة بالمداخيل.
وتقول الدراسة إن الأضرار الناجمة عن المستوطنات تطال فلسطينيي الضفة الغربية في شتى المجالات الإنتاجية والتجارية والخدماتية.
عُشر الناتج
وتربط الوثيقة بين سياسات الاستيطان والسلب والنهب للموارد الوطنية، وبين تردي خدمات الرفاه وتوزيع المداخيل وجودة الحياة، علاوة على انتهاك حقوقهم.
وتظهر الدراسة أن حجم الخسارات الاقتصادية الناتجة عن وجود المستوطنات تمثل على الأقل 10.2% من الناتج المحلي الإجمالي لاقتصاد الضفة، وهو ما يعني أن القيمة الحقيقية لهذه الخسائر تعادل 857 مليون دولار وفق الأسعار الثابتة للعام 2004.
لكن احتساب الخسائر لا يشمل قيمة الموارد الطبيعية أو أهميتها الاقتصادية، وإنما القيمة المضافة لكافة مركبات الناتج المحلي الإجمالي، وما تنتجه من مداخيل للقوى العاملة التي تعتبر أحد محركات عجلة الاقتصاد.
الصناعة والسياحة
وطبقا للدراسة فإن الخسائر تتوزع بين تكاليف مباشرة وأخرى غير مباشرة، وبلغت قيمتها المضافة بقطاع الزراعة 153 مليون دولار سنويا، بينما كانت خسائر قطاع الصناعة أكبر، وناهزت 212.7 مليونا، تضاف لها خسائر قطاع السياحة وقيمتها 63 مليونا، وقطاع الإنشاءات (ستون مليونا).
وفي الإجمال، بلغت قيمة التكاليف المباشرة للاستيطان 488.7 مليون دولار يخسرها الاقتصاد الفلسطيني سنويا، ناهيك عن خسارة القوى العاملة المعطلة بسبب الاستيطان.
وتوجد في الضفة 120 مستوطنة، ولا يشمل الرقم مدينة القدس المحتلة، وتضاف إليه مائة نقطة استيطانية عشوائية، وتلتهم المستوطنات عُشر مساحة الضفة ويقيم فيها نحو نصف مليون مستوطن.
التجارة والخدمات
كما تظهر الدراسة أن حجم الخسائر غير المباشرة في سوق العمل بالذات تبلغ سنوياً 385.3 مليون دولار بالأسعار الجارية.
ويوضح معد الدراسة للجزيرة نت أنه عند ترجمة هذا الأرقام بالأسعار الجارية تزيد الخسارة على مليار دولار سنويا. ويرجح أن ترتفع الخسائر الفلسطينية أكثر لأنها لم تأخذ بالحسبان عدة قطاعات خدماتية وإنتاجية وتجارية، وذلك للتعقيدات في الحسابات التقديرية الخاصة بفقدان المعطيات.
كما يلفت المتحدث إلى أن الخسائر لا تشمل آثار الاستيطان بالقدس المحتلة لأن معطياتها متشابكة مع اقتصاد إسرائيل.
دراسة سابقة
وهذا ما يؤكده الاقتصادي سامي مرعي للجزيرة نت، إذ يشير إلى أنه اكتشف بدراسة أعدها للبنك الدولي أن خسائر الاقتصاد الفلسطيني جراء الاحتلال بالمنطقة “سي” وحدها منذ اتفاق أوسلو تبلغ سنويا نحو ثمانمائة مليون دولار.
ويوضح مرعي أن خسائر الاقتصاد الفلسطيني جراء الاحتلال الإسرائيلي بالضفة وحدها تبلغ سنويا 3.4 مليارات دولار نتيجة سرقة الموارد وتعطيل الإنتاج.
ويشير الاقتصادي الفلسطيني إلى أن هذه الأرقام مؤشر على سرقة الأرض العامة والخاصة وما عليها وما فيها، ونهب للمياه وللسيطرة على البحر الميت كمرفق صناعي وسياحي يدر على إسرائيل نحو مليار ونصف مليار دولار سنويا وفق معطيات وزارة الاقتصاد الإسرائيلية.
جباية الضرائب
ويوضح مرعي أيضا أن مكاسب الاحتلال أكبر من ذلك، وتشمل أيضا جباية الضرائب من الفلسطينيين حتى عام 1993، واستغلالهم لترويج بضائعها وتجنيد قوى عاملة رخيصة منهم.
ويؤكد أن استخدام عملة إسرائيل (الشيكل) بالأراضي الفلسطينية المحتلة يعزز ثبات قوتها مقابل العملات الأجنبية. ويتابع “لم تنجز بعد دراسة تقدر كافة الخسائر الاقتصادية الناجمة عن احتلال الضفة وغزة”.