كتبت رولا حداد
الأحد 18 كانون الثاني 2015. إسرائيل تقصف مجموعة لـ”حزب الله” في منطقة القنيطرة في الجولان السوري. لم يعرف أحد كيف تم القصف وهل كانت هذه المجموعة في البرّ أو الجو. الثابت الوحيد أنه، وعلى عكس سلوكيات “حزب الله” في مثل هذه الظروف، يتم تسريب أسماء القياديين الذين سقطوا في الاعتداء الإسرائيلي بسرعة قياسية، كما أن الحزب يصدر بيان نعي بعد ساعات قليلة على حصول الحادث، وقبل أن ينتصف ليل الأحد!
الأمور غريبة فعلاً، لا بل مثيرة للريبة، ما يطرح أكثر من سؤال وعلامة استفهام، وأهمها:
ـ ماذا كانت تفعل مجموعة “حزب الله” في الجولان؟ وماذا يعني بيان الحزب الرسمي الذي أفاد بأنه “أثناء قيام مجموعة من مجاهدي الحزب بتفقد ميداني لبلدة مزرعة الأمل في منطقة القنيطرة السورية، تعرضت لقصف صاروخي من مروحيات العدو الإسرائيلي، ما أدى الى استشهاد عدد منهم”؟ ماذا تعني عبارة “تفقد ميداني”؟ عادة “التفقد الميداني” يتم لمجموعات مقاتلة، فهل لدى الحزب مجموعات مقاتلة ليتفقدها في منطقة القنيطرة في الجولان؟ ومن يقاتل “حزب الله” في الجولان؟
ـ إن مسارعة “حزب الله” الى تسريب أسماء قتلاه ومن ثم إصدار بيان نعي رسمي بعد ساعات معدودة على الحادثة أمر يثير الريبة بحد ذاته. فعادة ما يتستّر الحزب على خسائره، وخصوصا حين تكون على مستوى قيادات ميدانية مهمة، أو على الأقل يتريّث في تأكيد الخبر أو إصدار بيان نعي. فما الذي دفعه الى هذه السرعة؟
ـ من أبلغ العدو الإسرائيلي عن وجود هذه المجموعة من “حزب الله” في القنيطرة؟ وهل يعاني الحزب من اختراقات أمنية خطرة كمثل الاختراق الذي أدّى الى استهداف عماد مغنية في الـ2008، وخصوصا بعد كل ما تمّ تسريبه عن محمد شوربا؟ فهل يوجد الكثير من أمثال شوربا في الحزب؟
ـ هل هي مصادفة أن ياتي هذا الاستهداف بعد أيام قليلة على حديث السيد حسن نصرالله الى قناة “الميادين” وإعلانه ان مسؤولية الرد على الاعتداءات الاسرائيلية على سوريا لا تقع على عاتق سوريا فقط بل على عاتق كل محور المقاومة لأنها تستهدف كل هذا المحور؟
ـ لماذا استهدفت إسرائيل هذه المجموعة من “حزب الله” من بين آلاف مجموعات الحزب التي تقاتل في سوريا؟
ـ أي قرار ستتخذه إيران اليوم عبر “حزب الله” في موضوع الرد على هذا الاعتداء الإسرائيلي؟ وهل حقاً سقط قيادي كبير في الحرس الثوري الإيراني في العملية؟
ـ هل سيبادر “حزب الله” الى الرد على هذه العملية ليفتح الجبهة الجنوبية مع إسرائيل؟ ولمصلحة من؟ وهل يسعى الحزب الى فتح الجبهة الجنوبية ليتخذ من ذلك مبرّراً لسحب مقاتليه من سوريا في اتجاه الجبهة الجنوبية؟
ـ وماذا عن كل الحركة السياسية المفترضة في الداخل اللبناني؟ هل سيكرّر “حزب الله” تجربة العام 2006 بالذهاب الى حرب مدمّرة، وهو جالس الى طاولة الحوار في الداخل؟
ـ كيف ستكون انعكاسات مثل هذه الاحتمالات على الحكومة القائمة وعلى حوار “حزب الله” مع “تيار المستقبل”، وأيضا على الحوار بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” وماذا سيكون موقف العماد ميشال عون في هذه الحال؟
الأسئلة كثيرة جداً ومشروعة، لكنها ستبقى حتماً بلا أجوبة في انتظار ردّ فعل “حزب الله”. فهل نسمع مجددا عبارة “الاحتفاظ بحق الرد” المعتادة منذ اغتيال مغنية في شباط 2008 أم أننا نشهد فتح الجبهة الجنوبية وجرّ لبنان الى جحيم لا أحد يعرف حدوده؟
الثابت أن من تابع إعلام “حزب الله” ليل الأحد لن يطمئن للمستقبل على الإطلاق!