مايا جريديني
مفاجأة قوية فجرها المركزي السويسري أعادت خلط جميع الأوراق في أسواق العملات العالمية، فبعد ثلاث سنوات من وضع سقف لسعر الفرنك أمام اليورو عند مستوى 1.2، ألغى المركزي هذا السقف وسمح للفرنك بالارتفاع، الأمر الذي تسبب بخسائر واسعة النطاق وهدد استمرارية عدد من الصناديق وشركات تداول العملات.
وبعد الزلزال الذي أثاره الإعلان المفاجئ للبنك المركزي السويسري بشأن التخلي عن سياسة تثبيت سعر صرف الفرنك أمام اليورو، حاول رئيسه توماس جوردانThomas Jordan تهدئة الأسواق، مؤكدا أن رد فعلها كانت مفرطة وأن التوازن سيعود لكنه سيستغرق بعض الوقت.
إلا أنه قد يصعب على الشركات والمؤسسات المالية والعملاء المتضررين تقبل هذه التطمينات بعد الخسائر الفادحة التي تكبدوها.
فبعد تخلي البنك المركزي السويسري عن سقف سعر الفرنك أمام اليورو قفز الفرنك بنحو 40% دافعا أسعار أسهم كبرى الشركات السويسرية المدرجة في البورصة إلى التدهور، ومهددا مستقبل عدد من شركات تداول العملات الأجنبية أبرزها شركة FXCM وهي أكبر شركات التداول الإلكتروني في أميركا التي تكبدت خسائر قدرها 250 مليون دولار، الأمر الذي دفع شركة Leucadia National Corp لمدها بقرض قيمته 300 مليون دولار يسمح لها بإكمال عملياتها. والقرض هذا لأجل عامين يحمل أولوية في السداد بفائدة تبلغ 10%.
أما شركة ALPARI هي الأخرى فخسرت نحو 40 مليون دولار، وأعلنت الإعسار. ومن بين الضحايا أيضا أقدم صندوق لشركة Everest Capital Global Fund الذي صمد في وجه خمس أزمات مالية سابقة في الأسواق الناشئة لكنه انهار بعد قرار المركزي السويسري، إذ إنه كان يراهن على تراجع الفرنك. وقد بلغت أصوله بنهاية ديسمبر الماضي ثماني مئة وثلاثين مليون دولار، إلا أن الشركة تواصل إدارة سبعة صناديق أخرى بأصول تتجاوز ملياري دولار.
وانتقالا الى خسائر البنوك العالمية الكبرى، تقدر مصادر خسائر كل > دوشة بنك ، وسيتني غروب ( CITIGROUP وDEUTSCHE BANK) بمئة وخمسين مليون دولاروخسائر ” باركليز بنك “BARCLAYS بنحو مئة مليون دولار.
يذكر أن بعض الأسباب لتخلي المركزي السويسري عن سياسة اعتمدها منذ عام 2011 لتثبيت سعر صرف الفرنك أمام اليورو هوالتراجع الذي شهدته العملة الأوروبية التي جعلت من الصعب على المركزي مواصلة التدخل للحفاظ على هذا السقف لسعر الصرف، لاسيما أن المركزي الأروبي مقدم على المزيد من سياسات التيسير الكمي. يشار إلى أن المركزي السويسري كان يحافظ على سعر الصرف عند مستوى 1.20 فرنك لكل يورو، من خلال شراء كميات غير محدودة من اليورو في أسواق العملات الأجنبية.
وتجدر الإشارة إلى أن ما زاد من عنصر المفاجأة لخطوة المركزي السويسري الأخيرة هو تصريحات سابقة هذا الشهر شدد فيها رئيس المركزي على أهمية السقف المحدد لسعر صرف الفرنك مقابل اليورو وتصريحات حديثة الأسبوع الماضي لنائب رئيسه Jean-Pierre Danthine بأن هذا السقف سيبقى حجر الأساس لسياسة المركزي.