Site icon IMLebanon

حين تتحدى السلحفاة الهندية الأرنب الصيني على لقب الاقتصاد الأسرع نموا

IndiaChina
ديفيد بيلينج

عندما وضعت الهند قمرا صناعيا بسعر مُخفّض في مدار حول المريخ في أيلول (سبتمبر) الماضي، لم تستطع إحدى شركات الإعلام أن تُقاوم المقارنة مع الصين. فعلى الرغم من أن “الفيل الهندي” كان يخسر مقابل “التنين الصيني” في معظم المجالات، إلا أن موقع NDTV قال “إن دلهي على الأقل تغلبت على بكين في السباق إلى الكوكب الأحمر”.

في الوقت نفسه، عودة إلى كوكب الأرض، ربما تكون الهند على وشك سرقة سباق آخر من الصين. بعد أعوام من النظر من على جبال الهملايا في رهبة من معدلات النمو العالية في الصين، أصبح هناك الآن احتمال واقعي أن تتجاوز الهند الصين في هذا المقياس أيضاً. التحوّل قد يحدث في وقت قريب ربما يكون العام المقبل. وهذا من شأنه أن يجعل الهند الاقتصاد الكبير الأسرع نمواً في العالم، وفي نهاية المطاف دفعها إلى الأضواء بعد عقود بقيت خلالها في ظل الصين. وهذا قد يجعل الديمقراطية رائجة مرة أخرى ـ هل هناك إجماع في آراء المحللين حول دلهي يا شباب؟

الفكرة ليست شائنة كما تبدو. لأعوام كنّا قد اعتدنا على نمو الصين بمعدلات تتألف من رقمين. الآن هي تتباطأ. القوة العاملة فيها تتقلّص وقطاع التصنيع يفقد قوته. والأهم من ذلك أن القادة الصينيين يدركون الحاجة إلى تغيير الأنموذج الذي يعتمد فوق الحد على الائتمان ومدخلات الطاقة. انخفض نمو الصين في الأصل إلى أقل من 7.5 في المائة. خلال فترة ليست ببعيدة ربما تسمح بكين بأن يستقر في مكان ما في نطاق بين 6 و7 في المائة. ومن المؤكد أن تتخذ هذا الخيار عند حدوث أزمة، يمكن أن تؤدي مؤقتاً إلى انخفاض النمو أكثر من ذلك بكثير.

في هذه الأثناء ربما تكون الهند على وشك الذهاب في الاتجاه الآخر. يقول تقرير صادر عن “جولدمان ساكس”، إن البلاد على شفا دورة نمو جديدة. الاقتصاد في حالة أفضل. وقد انخفض عجز الحساب الجاري وكذلك العجز في المالية العامة، مثلما فعل سابقاً التضخم العنيد. والنفط الرخيص نعمة نزلت على البلاد.

الهند تملك أيضاً الزخم السياسي. فعلى الرغم من أن بعضهم يشعر بخيبة أمل مما يعتبرونه بداية ضعيفة من قِبل ناريندرا مودي، رئيس الوزراء، إلا أن هناك شعورا واضحا بالتفاؤل هذه الأيام. من الناحية النظرية ينبغي أن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لجعل الاقتصاد يعمل بسلاسة وبشكل أكثر فاعلية بعد بضعة أعوام من الركود ـ عندما انخفض النمو إلى 5 في المائة. إذن متى يمكن أن تتجاوز الهند الصين؟ البنك الدولي يقول في عام 2017. في توقعاته الأخيرة، تنبّأ البنك بأن يكون نمو الهند بنسبة 7 في المائة في ذلك العام، مع انخفاض نمو الصين إلى 6.9 في المائة.

التنبؤات، خاصة مثل هذه التنبؤات الدقيقة، ينبغي أن تؤخذ بقدر كبير من التحفظ والحذر. لقد كنا في هذا الوضع من قبل. قبل بضعة أعوام، كان شائعاً – خاصة في الهند – وصف السلحفاة الهندية بأنها على وشك تجاوز الأرنب الصيني. هذا التنبؤ انتهى بخيبة أمل كبيرة.

ما الذي يمكن أن يوقف الهند هذه المرة؟ هناك عديد من الأشياء، لكني سأقتصر على اثنين منها. الأول، أن مودي وجد إزالة الاختناقات أصعب مما تخيّل. الإصلاحات الرامية إلى تعزيز قطاع التصنيع، أو تشجيع استثمار رأس المال ربما تبيّن أن تنفيذها على المستوى الوطني أصعب مما كان عليه الحال حين كان يُدير ولاية جوجارات. إلى جانب ذلك، بعض الإصلاحات، مثل تخفيف القواعد على ملكية الأجانب شركات التأمين، قد لا تُثبت أنها الحلول السحرية التي تدّعيها جماعات الضغط في الصناعة.

الآخر، وربما الأكثر أهمية، أن الهند الديمقراطية لا تزال مشغولة بمعركة أيديولوجية حول المكان الذين يجب أن تُحقق من خلاله التوازن بين السعي لتحقيق النمو وحماية البيئة وحقوق الأراضي. النقاش الذي يكون شرساً في بعض الأحيان، يتم إجراؤه في المحاكم والمحافل العامة. في الأشهر الأخيرة، ادَّعى تقرير مُسرّب من مكتب الاستخبارات في الهند أن المنظمات غير الحكومية المدعومة من الخارج تستخدم المخاوف البيئية ذريعة لإحباط التنمية في الهند. إذا صرفنا النظر عن نظريات المؤامرة، المشادات بين النشطاء والصناعيين وحدها تكفي لإعاقة المشاريع. لقد ظلت شركة بوسكو، من كوريا الجنوبية، تقتتل مع السكان المحليين منذ أعوام حول خطط لبناء مصنع صُلب بقيمة 12 مليار دولار في ولاية أوريسا الشرقية. كذلك فشلت شركة التعدين الهندية، فيدانتا، في تأمين الحصول على إذن لتعدين الألمنيوم في الولاية نفسها، لأن التلال القريبة تعتبر مُقدّسة لدى السكان المحليين. موازنة الطموح لتحقيق النمو مع مصالح شرعية أخرى تبقى لغزا بدون حل.

في سياق مختلف تماما، هناك مخاوف مماثلة تتحرك في الهند. بكين، على الأقل من ناحية الكلام الرسمي، تركز الآن كثيرا على نوعية النمو، مثل تركيزها على كمية الإنتاج. وفي استجابة لبادرة الحكومة المركزية، تخلت عدة مدن عن اعتبار الناتج المحلي الإجمالي مقياسا للأداء، وتركز الآن بدلا من ذلك على حماية البيئة وتقليص الفقر. سيكون من المفارقة لو استطاعت الهند في النهاية التفوق على الصين من حيث معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي، في الوقت الذي يفقد فيه هذا المفهوم بريقه وجاذبيته.