لمياء شديد
مع انحسار العاصفة وتراجع موجة الصقيع والجليد تكشفت الأضرار والخسائر التي خلفتها الرياح والجليد والامطار الغزيرة على كافة المستويات في منطقة البترون. فالعاصفة “زينة” لم ترحم اي قطاع فطالت المنازل والشبكات الكهربائية والخطوط الهاتفية وشبكات الانترنت واللواقط الهاتفية ما أدى الى عزل شبه شامل لعدد كبير من المواطنين في كافة أرجاء المنطقة.
ومع هدوء العاصفة خرج المواطنون، كل الى ممتلكاته ومصادر رزقه ومصالحه ومؤسساته ليبدأوا لملمة الخسائر التي تفاوتت بين قطاع وآخر، وكان القطاع الزراعي في الواقع الأكثر تضرراً. والاسواق التجارية شهدت شللا كاملا، لا سيما في الايام الثلاثة الاولى من حلول العاصفة، ما انعكس تراجعا لا بل جمودا للحركة التجارية. أما القطاع الصناعي فكان الأقل ضررا بسبب عدم تشكل السيول التي يخشى من اجتياحها للمؤسسات والمصانع واقتصرت الاضرار على عطل في مولد من هنا أو آلة من هناك تسببت بها الصواعق.
ويعتبر البترونيون أن “زينة” هي الاشرس نسبة الى سابقاتها، والمنطقة لم تعرف مثلها منذ سنوات، ثلوجا وصقيعا ورياحا وجليدا، حتى أنها لا تزال ترخي بصقيعها برغم انحسارها. فالمزروعات المنزلية المحدودة اصبحت في خبر كان، خصوصا الخضراء منها مثل البقدونس والخس والسلق وغيرها من المزروعات الورقية الخضراء. اما السهل الزراعي في بساتين العصي ـ كفرحلدا فخسر كل مزروعاته بالاضافة الى الخسائر في البيوت البلاستيكية. هذا السهل الذي يشكل بزراعاته ومساحاته الواسعة مصدر رزق لحوالي 200 عائلة من بساتين العصي وكفرحلدا والقرى المجاورة. وكان مزارعوه ينتظرون مردودا جيدا من مواسمهم، لكنهم اليوم ينعون الموسم والانتاج والبيوت التي نزعت عنها غلافات النايلون والشتول تكسرت وأتلفت.
لم يبقَ شيء…
ويقول المزارع جورج سعد مختار بلدة كفرحلدا: “لم يبق شيء في السهل وتلقت المزروعات ضربة قاضية اتلفت الشتول والثمر وأحدثت العاصفة خرابا لا يمكن وصفه في البيوت المحمية التي تحولت الى هياكل حديدية من دون غلافات. وكل المدفوعات التي تكبدناها للحصول على انتاج جيد يؤمن مردودا ذهبت سدى. والبيوت البلاستيكية خربت بما عليها وما في داخلها”.
وزار وفد من المزارعين في منطقة كفرحلدا وبساتين العصي في قضاء البترون وزير الاتصالات بطرس حرب وعرض معه الوضع الزراعي وما لحق بالمزارعين من أضرار نتيجة العاصفة “زينة” التي أصابت لبنان وطالب بالتعويض عن هذه الأضرار من خلال الهيئة العليا للإغاثة كما حصل في مناطق لبنانية أخرى.
وأبدى الوزير حرب تفهمه وتعاطفه مع مطالب المزارعين الذين يتعرضون لكوارث متعددة تصيبهم في صميم حياتهم وزراعتهم ومداخيلهم بالنظر إلى الظروف الأمنية وعدم وجود الأسواق لتصريف إنتاجهم ناهيك عن العناصر الطبيعية التي حلّت بلبنان، ووعدهم ببحث الأمر مع رئيس مجلس الوزراء لعرضه لاحقا على مجلس الوزراء لتقرير المناسب.
وفيما لم تسجل اضرار وخسائر في القطاع الصناعي في منطقة البترون، تأثرت الاسواق التجارية بشكل كبير لا سيما على مدى الايام الثلاثة الاولى لحلول العاصفة، حيث كانت الحركة معدومة وتوقف العمل كليا في المؤسسات التجارية والمحال. ويقول أحد تجار مدينة البترون غابي مارون وهو يملك 3 محلات في سوقها التجارية ان “أحدا لم يدخل الى محالّي وغيرها من المحال وسجل تراجع لافت في الحركة التجارية نتيجة انعدام وجود الناس خارج منازلهم. فالأولاد كانوا في المنازل بسبب اشتداد العاصفة واقفال المدارس والاهالي لازموا منازلهم ايضا بجانب اولادهم وفضلوا عدم الخروج. أما اليوم ومع انحسار العاصفة استعادت الاسواق نشاطها وبدأنا نشهد دخولا للزبائن الى المحلات والمؤسسات”.