رائد الخطيب
توقع تقرير توقعات الوضع الاقتصادي العالمي (ويسب)، أن تشهد الاقتصادات غير المصدرة للنفط في المنطقة، وخاصة الأردن ولبنان، ضعفاً في آفاق النمو خلال العام الجاري والعام 2016، وعزا ذلك جزئياً للآثار السلبية الناتجة عن الصراعات العسكرية الجارية في البلدان المجاورة. واشار في تقديراته الى أن اقتصاد لبنان حقق نمواً نسبته 1،8 في المئة العام الماضي، لافتا الى ان خسارة لبنان في تراجع صادراته الى العراق بلغت نحو 110 ملايين دولار مقابل 360 مليوناً للأردن، و4،5 مليارات دولار لتركيا. كما لفت الى أن لبنان والأردن يشهدان خطوات محدودة من التوسع الاقتصادي، الذي لا يخولهما التعامل مع التدفق الهائل للنازحين السوريين ومن دول المنطقة التي تشهد صراعات، مع ما يشكله هؤلاء من ضغط على البنى التحتية في الدول الثلاث.
وتشير التقديرات الى ارتفاع حجوزات الحساب الجاري في لبنان والأردن واليمن العام الماضي، في ما يعزى أساساً الى تدهور الصادرات. ويرى التقرير أن استمرار تدفق النازحين السوريين فرض عبئاً إضافياً على البنى الأساسية الاقتصادية لكل من الأردن ولبنان وتركيا، ويقدر التقرير أن نمو الناتج المحلي قد تسارع في 2014، ليصل الى 2،0 في المئة في لبنان، ويرجع الفضل في ذلك الى النمو في قطاع العقار والانفاق الحكومي.
ويقول التقرير إن من المتوقع تهيئة بيئة سياسية ومالية حصيفة في الأردن ولبنان واليمن، حيث بدأت الديون الحكومية المتزايدة تضغط على الارصدة المالية بسبب مدفوعات الفائدة العالية، إذ إن هذه الدول تعتمد على المعونة الخارجية لتنفيذ استثماراتها العامة.
إلا أنَّ التقرير الذي لم يتطرقْ الى ربطِ توقعاتهِ بالهبوط الحاد في أسعار النفط ولا سيما في النصف الثاني من العام 2014، بررهُ محمد المختار محمد الحسن رئيس إدارة التنمية الاقتصادية والعولمة، في سؤالٍ لـ«المستقبل» عن هذا الموضوع وحول امكانيةْ انقلاب التوقعات، فقال «إنَّ التقرير تمَّ إعداده قبل تهاوي أسعار النفط، وهو ما شكل لنا مفاجأة في المنظمة الدولية ولكافة الخبراء الاقتصاديين المعنيين بموضوع النفط، ولكن ألأمر الآن وضع قيد الدرس خصوصاً وأن موضوع النفط يشكل تأثيراً مباشراً باقتصادات العالم ولا سيما الاقتصادات العربية، التي يتفاوت فيها التأثير ما بين دولة منتجة أو مستهلكة»، ولفت الى أنَّ هناك اهتماماً بدأ لدراسة انعكاسات انحدار الأسعار على موازنات الدول ولا سيما أنه كان يشكل عامل نمو مهماً للدول العربية المنتجة، وطبعاً سيكون عاملاً مهماً بما يتعلق بالدول المستوردة التي ستوفر في موازناتها مسألة تكاليف الطاقة وهذا سينعكس في ميزان المدفوعات في الدول المستهلكة. وقال الحسن «إن انخفاض النفط سيخلق سوقاً أكثر تنافسية».
تقرير «ويسب»، هو تقرير يصدر في بداية كل عام عن إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة، مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، منظمة السياحة العالمية، ولجان الأمم المتحدة الإقليمية الخمس بما في ذلك اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا)، الذي أطلقته أمس من بيروت، وتحدث فيه كل من نائب الأمين العام التنفيذي لاسكوا عبد الله الدردري، والحسن.
وفي التوقعات العالمية، أبرز التقرير أن الانتعاش سيكونُ بمستوى معتدل فحسب، بينما تظهر الولايات المتحدة انتعاشاً اقتصادياً قوياً تبقى دول متقدمة أخرى بحالة ركود. وتبقى معدلات نمو الاقتصادات النامية التي قادت الانتعاش العالمي منذ 2008 معتدلة. متوقعاً أنْ تأخذ أسعار السلع منحى تنازلياً ـ فيما سيبقى التضخم تحت السيطرة.
وفي ما يتعلق بالشكوك والمخاطر، توقع التقرير أن تزداد عواقب السياسات الأميركية المرتقبة بخصوص سعر الفائدة. وأن يبقى الاقتصاد الأوروبي في إطار الضغوط الانكماشية هشاً، على أن الاقتصادات النامية ستتأثر بعوامل خارجية ومحلية، وكذلك بالتوترات الجيوسياسية.
وتوقع التقرير على مستوى التحديات، وجود سياسات لمعالجة البطء في خلق فرص العمل وضعف الأجور. وكذلك تعزيز التعاون والتنسيق في السياسات الدولية.
وفي ما يتعلق بالآفاق الإقليمية، يؤكد التقرير أن متوسط النمو العربي سيبقى إيجابيا، ويشير الى نمو الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة العربية تباطأ من 3،3 في المئة في عام 2013 الى 2،4 في المئة في عام 2014، وذلك بسبب الشكوك حول التوترات الجيوسياسية. ومن المتوقع ان ينمو بنسبة 3،9 في المائة في عام 2015.
ويرى التقرير أنه بالرغم من انخفاض أسعار النفط، فان ثبات مستوى انتاج النفط الخام للمصدرين العرب، واعتماد سياسات مالية نشطة في دول مجلس التعاون الخليجي مدعومة باحتياطات مالية ضخمة، بالاضافة الى تزايد الطلب الخارجي من شرق وجنوب آسيا سوف تدعم النمو الاقتصادي في المنطقة بشكل إيجابي. متوقعاً ان تشهد الاقتصادات غير المصدرة للنفط في المنطقة، وخاصة الأردن ولبنان، ضعفاً في آفاق النمو، ويعزى ذلك جزئياً للآثار السلبية الناتجة عن الصراعات العسكرية الجارية في البلدان المجاورة.
إلا أنَّ التقرير أشار الى أنه في ما يخص بلدان المنطقة، فإنَّ أرقام البطالة ما تزال عالية، ولا سيما في صفوف الشباب. وأنه سيتم احتواء ضغوط التضخم في المنطقة بشكل جيد باستثناء اليمن والدول التي تعاني من النزاعات العسكرية.
وتوقع التقرير ان تظل السياسات النقدية طليقة الى حد ما في عام 2015، على الرغم من انه من المرجح تغيرها تماشياً مع ارتفاع أسعار الفائدة المرتقب في الولايات المتحدة، خصوصاً في البلدان ذات العملات الوطنية المربوطة بالدولار الاميركي.
كما توقع «ويسب»، ان تستمر السياسات المالية في دول مجلس التعاون الخليجي بالتوسع، مع التوقع باحتمال مواجهة العديد من تلك الدول لعجز مالي خلال سنة 2015، وتبقى السياسات المالية لدول عربية أخرى مقيدة.
وتطرق التقرير الى العوامل الرئيسية لخطر الهبوط، فأشار الى أنهُ إذا بقي السعر القياسي للنفط الخام دون 70 دولاراً للبرميل في المتوسط خلال عام 2015، سوف تتأثر الثقة في قطاع الأعمال ونمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير، وتوقع أيضاً تصاعد التوترات الجيوسياسية. وتداعيات غير مرتقبة بسبب التشدد في السياسات النقدية في الولايات المتحدة. وتدهور في آفاق النمو في اقتصادات شرق وجنوب آسيا، والتي تشكل وجهات التصدير الرئيسية للمنطقة العربية.
وفي ما يتعلق بالتطورات في أسواق النفط العالمية، فأضاف التقرير في الشطر الاخير منهُ تحديثات وتعليق، جاء فيه، إنَّ أسعار النفط الخام قد تهاوت أكثر من المرتقب منذ الانتهاء من إعداد التقرير في تشرين الثاني 2014. مرجحاً تعديل توقعات معدلات النمو في المنطقة العربية بشكل تنازلي خلال عملية التوقع المقبلة في آذار ـ نيسان 2015. مرتقباً ان تحافظ دول مجلس التعاون الخليجي على نمو الطلب المحلي، ولا يرجح ان تقوم هذه البلدان بخفض الانفاق لديها في 2015.
ورأى أن انخفاض أسعار الوقود يعد عاملاً إيجابياً بالنسبة للدول العربية المستوردة للنفط، ويسهم ذلك بتحسين وضع ميزان المدفوعات لديها وخفض الحاجة إلى الدعم.