IMLebanon

منطقة اليورو غير قابلة للاستمرار بكامل أعضائها الحاليين

WealthEuro
فولفجانج مونشاو
هذه ستكون السنة التي ستشهد فيها منطقة اليورو لحظة الحقيقة. ثلاثة انتخابات مقررة – في اليونان هذا الشهر، وفي البرتغال وإسبانيا في النصف الثاني من السنة – ستخبرنا ما إذا كان نهج الاتحاد الأوروبي في حل الأزمات سينجح سياسيا أم لا. احتمال أن نشهد خروجا واحدا على الأقل عن النمط السياسي مرتفعة جدا في الواقع. ففي كل من اليونان وإسبانيا، أحزاب اليسار المتشدد تقود استطلاعات الرأي.

في اليونان الخيار السياسي أساسا يقع بين الوضع الراهن للتقشف المالي والعجز عن سداد الديون المتفاوض عليه. الحجة الاقتصادية للمسار الثاني من الإجراءات تعتبر مقنعة، إذ تبلغ الديون اليونانية 175 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ولا تحتاج البلاد إلى سداد كل ذلك الدين في الوقت الحالي. وهي لن تدفع الفائدة على الديون “الرسمية” من الاتحاد الأوروبي إلا بعد عام 2023. لكن هذا يبعد من الآن فقط ثماني سنوات – حيث يقع تماما ضمن أفق أي مستثمر طويل الأجل.

وأفضل وصف للسياسة الرسمية للاتحاد الأوروبي تجاه اليونان هو الصبر على الدين – بمعنى الاعتراف بمشكلة الديون وتأخير ما لا مفر منه. وهذه هي أيضا سياسة أنطونيس ساماراس، رئيس الوزراء اليوناني، وحكومته الائتلافية. وهي نسخة من عملية التمديد والتظاهر: توسيع نطاق القروض والتظاهر بأنك قادر على الوفاء بالدين. وتاريخ أزمات الديون الدولية يخبرنا بأن هذه الاستراتيجيات دائما ما تتم تجربتها، ودائما يكون مصيرها الفشل.

الآن، أضف الانكماش إلى هذا المزيج. اعتبارا من هذا الشهر فصاعدا، يمكن لمعدلات التضخم الرئيسي في منطقة اليورو أن تتحول إلى سلبية بسبب الانخفاض الأخير في أسعار النفط. الانكماش يرفع القيمة الحقيقية للدين ويمكن أن يدفع باليونان إلى حافة الهاوية.

مع الأسف، الحزب الوحيد الذي يقدم حجة مقنعة لإعادة هيكلة الديون هو سيريزا، اليساري الراديكالي. وفي حين أن سيريزا على حق في إعادة هيكلة الديون، إلا أنه مخادع أيضا بسبب استبعاد الخروج من منطقة اليورو. إذا كنت تتبنى إعادة هيكلة الديون، فإنك بحاجة إلى الإجابة عن سؤال حول ما يمكن تفعله إذا فشلت المفاوضات. الخيارات بعد ذلك ستكون إما العودة إلى الوضع الراهن – في هذه الحالة لن يكون هناك أي هدف في التصويت لمصلحة سيريزا – وإما مغادرة منطقة اليورو، ومن ثم الإعسار من جانب واحد (اليونان) ضد الدائنين الأجانب. لكن هذا هو بالضبط ما يستبعده سيريزا. لدى سيريزا الغرائز الصحيحة، لكن قد لا تكون لديه السياسات الصحيحة.

مثل هذا الافتقار إلى الاتساق مهم، لأن أنجيلا ميركل على وجه الخصوص تبدو على استعداد لمواجهة وكشف خدعة سيريزا. فقد ذكرت مجلة “دير شبيجل” في عطلة نهاية الأسبوع أن المستشارة الألمانية على استعداد للمخاطرة بخروج اليونان، إذا كان رئيس الوزراء المقبل في البلاد سيتخلى عن السياسات الحالية. بعبارة أخرى، الطريقة الوحيدة لليونان لإعادة هيكلة ديونها قد تكون مغادرة منطقة اليورو.

اليونان موجودة في هذا الموقف لأن كسادها الاقتصادي بدأ في وقت سابق من أي بلد آخر. وعمقه يشبه من حيث الحجم كساد الولايات المتحدة في الثلاثينيات، لكن من دون انتعاش لاحق.

لقد تم تجهيز العالم اليوم بشكل أفضل مما كان عليه قبل 80 عاما للتعامل مع الكساد الحاد. لكن ما لم يكن هناك انتعاش كبير ومتواصل يأتي في أعقاب أزمة الكساد، فإن النظم السياسية ستمر بتشنجات، وهو ما يحدث في اليونان الآن.

ويبدو أن إسبانيا أقوى عندما ينظر إليها من الخارج، لكنها بالمثل ضعيفة من الناحية السياسية. ارتفع الناتج المحلي الإجمالي هناك بمعدلات سنوية تبلغ نحو 2 في المائة في الربعين الثاني والثالث من عام 2014. ويغلب على ظني أن السبب في ذلك هو أن إسبانيا تطبق التقشف بشكل أقل من البلدان الطرفية الأخرى. لكن على المرء أن يضع هذه الأرقام الأخيرة في المنظور المناسب: الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الإسباني بلغ أقل من 1.1 تريليون يورو في عام 2007 ووصل إلى تريليون يورو في عام 2013. حتى الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لم يتعاف بعد ليبلغ مستويات عام 2007.

المؤشر المفضل لدي بخصوص الكساد المتواصل في منطقة اليورو ليس معدل البطالة، ولكن معدل التوظيف. معدل البطالة لا يشتمل على العدد الكبير من الناس المصابين بخيبة أمل، الذين توقفوا عن سوق العمل تماما. انخفض معدل التوظيف في إسبانيا من 66 في المائة من نسبة السكان الذين هم في سن العمل إلى 56 في المائة بين عامي 2007 و2014. وفي اليونان هذا العدد هو أقل من 50 في المائة. ومع السياسات القائمة، ليس لدى كل من إسبانيا واليونان أية فرصة للعودة إلى مستويات النشاط الاقتصادي الطبيعي خلال جيل واحد. الديون هي ما يعيق النمو اليوناني والإسباني. يحتاج القطاع الخاص الإسباني بشدة إلى إعادة هيكلة الديون، مثل شدة حاجة القطاع العام اليوناني. ومثلما هو الحال في اليونان، ليس هناك سوى حزب سياسي من اليسار المتشدد – بوديموس – يطرح سياسة إعادة هيكلة الديون. وفي كلا البلدين توجد الآن كتلة قوية بما فيه الكفاية من الرأي العام لتدرك أنه دون إعادة هيكلة الديون لا يمكن أن يكون هناك انتعاش في الإنتاج والعمالة. هذا هو السبب في أن الأحزاب الراديكالية تنجح.

إذا كان هناك شيء غير قابل للاستدامة، فإنه سينتهي – أو هكذا يقول المثل. وبناء على السياسات الحالية، منطقة اليورو غير قابلة للاستمرار، على الأقل مع حدودها الحالية. لا أرى أي مخرج لليونان من دون إعادة هيكلة الديون. ولا أرى إمكانية لإعادة هيكلة الديون داخل منطقة اليورو.