كما كان متوقعاً على نطاق واسع في ضوء التحولات والتحديات الاقتصادية المستجدة في الأشهر الأخيرة، خفض صندوق النقد الدولي أمس توقعاته لنمو الاقتصاد عالمياً وإقليمياً (الشرق الأوسط) لعام 2015، ودعا الحكومات والمصارف المركزية الي انتهاج سياسات للتيسير النقدي واجراء اصلاحات هيكلية لدعم النمو، وذلك في أحدث تقاريره المعدلة التي قال فيها إن النمو العالمي من المتوقع ان يبلغ 3,5 في المئة في 2015 و3,7 في المئة في 2016 بانخفاض قدره 0,3 نقطة مئوية للعامين كليهما عن توقعاته السابقة التي اصدرها في تشرين الاول الماضي.
ونصح الصندوق الاقتصادات المتقدمة بالحفاظ على سياسات نقدية تيسيرية لتفادي زيادات في اسعار الفائدة الحقيقية لأن هبوط النفط يزيد مخاطر انكماش للاسعار، معتبراً انه إذا لم يكن بالامكان اجراء مزيد من الخفض في اسعار الفائدة فإنه ينصح بانتهاج سياسة تيسيرية «من خلال وسائل اُخرى«.
واستهل الصندوق تقريره بالقول إنه «حتى مع الهبوط الحاد لأسعار النفط والذي يمثل مكسبا صافيا للنمو العالمي لا تزال آفاق الاقتصاد العالمي محدودة، يثقلها وجود ضعف أساسي في مجالات اُخرى، طبقا لآخر عدد من تقرير مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي«.
وتوقع أن يحقق النمو العالمي ارتفاعا متوسطا في الفترة 2015-2016 من 3,3 في المئة عام 2014، إلى 3,5 في المئة 2015 و3,7 في المئة سنة 2016، بانخفاض 0,3 في المئة في توقعات العامين مقارنة بعدد تشرين الأول 2014 من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي.
ويقول التقرير إن التطورات الأخيرة، التي أثرت على البلدان المختلفة بطرق مختلفة، حددت شكل الاقتصاد العالمي منذ صدور عدد تشرين الأول من هذا التقرير. وهناك عوامل سلبية مزمنة، بما في ذلك تركات الأزمة المتبقية وانخفاض النمو الممكن في كثير من البلدان، وازنت العوامل الجديدة الداعمة للنمو وهي انخفاض أسعار النفط، إلى جانب انخفاض سعر اليورو والين – وطغت عليها.
وفي هذا الصدد، يقول مستشار الصندوق الاقتصادي ومدير إدارة البحوث، أوليفييه بلانشار، إنه «على مستوى البلدان، هناك تيارات متقاطعة ترسم صورة معقدة. فهي تعني أخبارا سارة للبلدان المستوردة للنفط، وأخبارا سيئة للبلدان المصدرة له. أخبارا سارة للبلدان المستوردة للسلع الأولية، وأخبارا سيئة للبلدان المصدرة لها. نضالاً مستمراً للبلدان التي تركت فيها الأزمة ندوباً باقية، وغير ذلك لبقية البلدان. أخباراً سارة للبلدان الأكثر ارتباطاً باليورو والين، وأخباراً سيئة للبلدان الأكثر ارتباطاً بالدولار.»
بالنسبة لعام 2015، تم تخفيض النمو الاقتصادي المتوقع للولايات المتحدة إلى 3,6 في المئة، الأمر الذي يرجع في الأساس إلى زيادة قوة الطلب المحلي الخاص. ويؤدي انخفاض أسعار النفط إلى زيادة الدخول الحقيقية وتحسين مزاج المستهلكين، وهناك دعم مستمر تقدمه السياسة النقدية التيسيرية، رغم الارتفاع التدريجي المتوقع في أسعار الفائدة.
وفي المقابل، يمثل ضعف آفاق الاستثمار عبئاً على آفاق النمو المتوقعة لمنطقة اليورو، التي خُفِّضَت إلى 1,2 في المئة، رغم الدعم المستمد من انخفاض أسعار النفط، وزيادة تيسير السياسة النقدية، واعتماد موقف أكثر حيادا لسياسة المالية العامة، وانخفاض سعر صرف اليورو أخيرا.
وتم تخفيض تنبؤات النمو في الصين إلى أقل من 7 في المئة، حيث تباطأ نمو الاستثمار ومن المتوقع أن يزداد اعتدالا. ويُتوقع من السلطات حالياً زيادة التركيز على تقليص مواطن الضعف الناشئة عن سرعة النمو الائتماني والاستثماري أخيرا، ومن ثم تفترض التنبؤات استجابة أقل من السياسات إزاء الاعتدال المتوقع. غير أن انخفاض النمو يؤثر على بقية بلدان آسيا.