لشهور مضت تغيّرت العلاقة بين بكركي والأحزاب المسيحية، خصوصاً على خلفية عدم انتخاب رئيس للجمهورية والتمديد لمجلس النواب. ففي كل اطلالات البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، انتقادات للنواب الذين اجتمعوا للتمديد لأنفسهم ولم يجتمعوا لينتخبوا رئيساً. خفت حركة الاحزاب المسيحية صعوداُ الى بكركي، الى أن قصدها الزعماء المسيحيون منفردين لمناسبة الأعياد (عدا الدكتور سمير جعجع)، وحكم التطبيع العلاقة بينهم وبين بكركي.
في ذاك الوقت، كان يتردد دائماً كلام على محاولة بكركي جمع القيادات المسيحية، وفي الوقت عينه، كان أمين سر “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ابرهيم كنعان ورئيس جهاز “الاعلام والتواصل” في حزب “القوات اللبنانية” ملحم الرياشي، ممثلين النائب العماد ميشال عون والدكتور جعجع، يعقدان اجتماعات معاً ويضعان أوراق عمل، للتوصل الى مصالحة ومصارحة بين الفريقين بعد 30 عاماً من التخاصم وساعيين الى تفاهم على ملفات وطنية سيادية ومسيحية، مما يؤدي الى لقاء منتظر ومثمر بين عون وجعجع، من دون أن يطلعا أحدا على نوايا الفريقين الايجابية… حتى بكركي.
اجتماعات العمل بين كنعان والرياشي مستمرة وايجابية لتذليل كل العقبات، وتتسم بالدقة وبالتكتّم على التفاصيل عن الجميع، عدا عون وجعجع.
أما بكركي، التي شددت مراراً، على لسان البطريرك وحتى المطارنة، على أنها تحبذ وتشجع وتفرح لكل الحوارات بين كل الفئات اللبنانية والتي يمكن أن تؤدي الى تقارب ومعالجة الأمور الوطنية، فهي مطلعة في صورة اجمالية على حوار عون – جعجع، “لا اطلاع مباشرا ودائما على التفاصيل لكنها تشجعه وتؤيد متابعته وتتمنى أن يصل الى نتائج ايجابية تكون لمصلحة كل الوطن والمؤسسات الدستورية، وان شاء الله يتوصل الطرفان الى انتخاب رئيس للجمهورية لأن الفراغ طال أكثر مما يجب، وعلى الجميع وضع كل جهودهم لانهاء الفراغ”، على ما يؤكد النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم لـ”النهار”. أما الى أين سيصل الحوار بينهما؟ فتتمنى بكركي ان يصل الى أبعد حدّ ممكن للتفاهم على كل الاصعدة، علما أن “الظروف غير سهلة على الجميع والطرفين يعملان ويتابعان اللقاءات، وان شاء الله يتوصلان في وقت قريب الى تفاهم على كل القضايا الوطنية التي يبحثان فيها”، وفق مظلوم.
ويقول مصدر في “التيار الوطني الحر” وآخر في “القوات اللبنانية” لـ”النهار” ان بكركي كانت تشجع دوما الحوار وترحب به، وهي الآن كذلك، “ونحن ننطلق من واقع أن بكركي يهمّها موضوع الحوار”.
ويؤكدان ان بكركي لا يهمّها ان تدخل في تفاصيل علاقة بين حزبين متخاصمين عمرها 30 عاماً، لكن ما يهمّها هو المسار المطلوب على مستوى المصارحة والمصالحة والذي يدخل ضمن التوجه العام الذي عملت عليه بكركي وشجعته.
ويضيف مصدر في “التيار”: “بركة بكركي تكفينا، وعندما نصل الى المرجو على المستويين الوطني والمسيحي سنضع الجميع في أجوائها. لكن قبل ذلك ماذا سنقول لهم اننا نتحاور؟ الموضوع ما زال مسودة عمل بين فريقين متخاصمين جداً للتوصل الى قواسم مشتركة وحلّ الخلاف الكبير بينهما. ومن غير الضروري انه كلما تحاور فريقان أن يقصدا بكركي، لكننا في حوارنا حول الكثير من الملفات وخصوصاً في الملفين الوطني والمسيحي، ثمة اسناد الى بعض المواقف التي توصلنا اليها في وثيقة بكركي السياسية أو الوثيقة الوطنية”.
اذاً، ليس المطلوب الشكل، بل المضمون، ففي جوهر اللقاءات والتفاهم على مستوى الوطن وعلى المستوى المسيحي يعمل الطرفان في اطار الجو الذي تريده بكركي، فهما يسعيان الى المصالحة، والاصلاح في مؤسسات الوطن، والى حل أزمة الرئاسة وقانون الانتخاب. “كل الملفات التي نبحث فيها ونسعى الى نتائج ايجابية لها هي ملفات سيادية وإصلاحية، وبالطبع تريد بكركي تحقيقها”، وفق مصدر “قواتي”.
ولكن في ظل الانشغال الاعلامي بهذا الحوار، وباللقاء المنتظر بين عون وجعجع، هل يبعد هذا الحوار بكركي عن الواجهة المسيحية؟
المطران مظلوم يرى أن “لا شيء يبعد بكركي عن أبنائها واهتمامها بشؤون الوطن والمجتمع اللبناني. كما انها ليست في موقع تصادم ولا تسابق مع الأحزاب السياسية في عملها. فالاحزاب لها دورها وعملها ونتمنى عليها تكثيف العمل واللقاءات من أجل التقارب بين أهل الوطن”. ويؤكد ان بكركي قريبة من الجميع وأبوابها مفتوحة أمام الجميع، “لا تبحث عن دور سياسي كما أنها “على مسافة واحدة من الجميع، هدفها وغايتها التقارب بين اللبنانيين وأن تصالحهم بعضهم مع بعض لخير لبنان.