كشفت صحيفة “الراي” ان الجنرال الايراني محمد علي الله دادي الذي قتل في الغارة الاسرائيلية على القنيطرة مع قياديين في حزب الله وآخرين إيرانيين، كان قد وصل اواخر العام الماضي لتولي مهماته في سوريا ولبنان كقائد للحرس الثوري، ومن ضمنها الوقوف على احتياجات “حزب الله” والإشراف على العمليات العسكرية في سوريا، وهو استحصل على خط هاتف سوري، وكان يتنقّل بين المواقع في شكل مستمر، ولم تكن زيارته للقنيطرة في يوم استهدافه الاولى له للجولان.
وكشفت معلومات لـ “الراي” عن ان وجود قائد الوحدات الخاصة التابعة لـ “حزب الله” في سوريا محمد احمد عيسى المعروف بـ “ابو عيسى الاقليم” في عداد الموكب الذي تعرّض للغارة الاسرائيلية في القنيطرة، يعود للخبرة التي اكتسبها في “حرب المرتفعات” عندما كان مسؤولاً عن منطقة اقليم التفاح في لبنان، وتالياً فانه كان في زيارة تفقدية مواكِبة لمهمة قائد الحرس الثوري في تفقُّد المرتفعات وإعداد دراسة منطقة عمليات عسكرية تحاكي الاستحكامات التي أنشئت في لبنان على مدى التسعينات من القرن الماضي لمجابهة اسرائيل.
وتحدّثت هذه المعلومات عن ان مرافقة ابو عيسى لقائد الحرس في هذه الزيارة ترتبط بالعمل على الإفادة من خبرته لاستطلاع المرتفعات، بغية إقامة استحكامات مماثلة لتلك التي اقيمت في مناطق المواجهة اللبنانية لتكتمل بذلك الجبهة اللبنانية – السورية بامتداد واحد.
اما بالنسبة الى محاولة اسرائيل التنصل من مسؤوليتها عن قتْل الله دادي، من خلال قول جنرال اسرائيلي ان القوى الامنية لم تكن تعلم بوجود جنرال ايراني في الموكب، فقالت مصادر معنية لـ “الراي” ان “الكلام الاسرائيلي محاولة لدفن الرأس في الرمل. فإسرائيل كانت تعلم جيداً مَن هم في موكب السيارات الذي استهدفته من خلال مراقبتها للاتصالات. ولم يكن المستهدَف جهاد عماد مغنية الذي يعمل في جهاز الحماية بل هدفها الفعلي كان قائد الحرس”، مشيرة الى ان “اسرائيل تعتقد ان في امكانها التنصل من المسؤولية المباشرة حتى ولو أقرّت بها في شكل علني، لان عملها العسكري لم يحصل على الاراضي الايرانية انما حدث على الاراضي السورية التي استباحتها”.
وكشفت “الراي” ان “قائد الحرس في لواء القدس المعني بدعم حركات التحرر والمقاومة في العالم الجنرال دادي كان ترك دمشق قبل اكثر من ساعة ونصف ساعة من حصول الضربة قاصداً القنيطرة، مما سمح وملياً للجنة الامنية الاسرائيلية بإبلاغ مَن يعنيهم الامر بهوية مَن في الموكب، ولذا فان الاعتقاد السائد لدى دوائر قريبة من ايران ان طهران تلقت الرسالة بوضوح ولن تتعامل مع تنصُّل اسرائيل من مسؤوليتها على محمل الجد”.
وقالت هذه المصادر لـ “الراي” ان “ايران تعي جيداً ان الغارة وقعت على ارض سوريا، وتالياً فانها لن تستطيع ان تتسلح بالردّ المزلزل عبر ضربة امنية، انما سيكون لها الافضلية لشرب كأس الانتقام بارداً، ما يعني ان ايران ستمضي في اقامة التحصينات التي كانت بدأتها على طول الشريط من جبل الشيخ وجبال القلمون والسلسلة الشرقية (حيث توجد اسلحتها الاستراتيجية التي من الصعب على اسرائيل ان تطالها) وصولاً الى القنيطرة والجولان، وهي المنطقة التي صارت مسرح عمليات تمهيدية للمقاومة ولحزب الله – سوريا، الذي انشئ على غرار حزب الله – لبنان وأفاد من خبراته وساهمت ايران في تدريب كوادره”.
وفي تقويم دوائر قريبة من “خط الممانعة” لما حدث في القنيطرة “ان حسابات اسرائيل لم تكن غبية او سطحية كما يعتقد البعض، لان اسرائيل تدرك تماماً ان حزب الله يعتبر خط الناقورة – القنيطرة – الجولان خط عمليات عسكرياً واحداً، وان بدء حزب الله – سوريا عملياته ما هو الا مسألة وقت”، لافتة الى ان “ضرب اسرائيل موكباً لحزب الله على متنه قائد الحرس الثوري الايراني لن يسرّع بانتشار حزب الله – سوريا على الحدود وبدء عملياته لان الامر مرتبط بوجود المعارضة السورية المسلحة على طول الحدود السورية – الاسرائيلية وان تخلص النظام السوري وحلفائه (حزب الله وايران) من هذه المعارضة المسلحة ليس بالمهمة السهلة ولن يحصل في اشهر، بل ربما يحتاج لسنة او سنتين او اكثر، اي عندما ينتهي النظام وحلفاؤه – اذا استطاعوا – من استعادة مناطق الغوطة الشمالية والشرقية والغربية والجنوبية المكتظة بجيش الاسلام والقاعدة وداعش، اضافة الى ريف حمص وحماة وادلب وريفها ومدينة حلب بالذات وريفها ايضاً”.
وقالت هذه الدوائر ان “اسرائيل تعرف ان الوقت الذي تبدأ فيه المقاومة عملياتها الجدية (لا الافرادية) سيأتي، ولذا فان أشياء كثيرة يمكن ان تحدث ومتغيّرات كثيرة يمكن ان تحصل لكن اسرائيل لا تبني عليها، وتالياً فان قرارها بضرب الموكب في القنيطرة هو انتصار عسكري لها في رمزيته ورمزية مَن في الموكب، من دون ان يكون لهذا الامر اي تأثير تكتيكي او استراتيجي”.
ولفتت هذه الدوائر الى ان “الطائرات الايرانية تنقل السلاح وفي شكل يومي عبر مطار دمشق الى سوريا وحزب الله، ولا يمكن للضربة الاسرائيلية ان تقدم او تؤخر في هذا المسار، وتالياً فان خط الناقورة – القنيطرة – الجولان كان يُعتبر خط مواجهة قبل الضربة لموكب قائد الحرس وسيبقى كذلك بعد الضربة ومن دون اي زيادة او نقصان”.