Site icon IMLebanon

نعم لمحاكمة قتلة إيف نوفل… ولكن لا للكيل بمكيالين! (بقلم طوني أبي نجم)

Yves-Nawfal

كتب طوني أبي نجم

حتى كتابة هذه السطور بلغ عدد الموقوفين في قضية مقتل الشاب إيف نوفل 13 شخصاً. لم يكن أحد من اللبنانين ليتصوّر أن جريمة قتل فردية إثر إشكال على خلفية نسائية في ملهي ليلي في كفرذبيان يمكن أن توصل الى 13 موقوفاً والى 6 مطلوبين لا يزالون فارين، ليصل عدد المشاركين المفترضين والمتدخلين في حادثة يحصل مثلها كل يوم تقريباً في لبنان الى 19 شخصاً.

هل هي جريمة منظمة؟ هل نتحدث عن المافيا على طريقة آل كابوني؟ الأمر تجاوز الحد الأدنى من المنطق المقبول.

لسنا في موقع القاضي على الإطلاق. ولا نتدخل في أي تحقيق يجري. فمن تسبّب في مقتل المرحوم إيف نوفل يجب أن يلقى عقابه وفق ما ينص القانون. هذا أمر من البديهيات ولا مساومة عليه. أما أن يكون تطبيق العدالة في لبنان استنسابياً، وضمن إطار الكيل بمكيالين فهذا ما نرفضه جملة وتفصيلاً!

إذا كان مطلوباً توقيف مطلقي النار على السيارة التي كان يستقلها إيف نوفل، وإذا مطلوباً توقيف المحرّض الأساسي على الجريمة المدعو شربل خليل، وإذا كان منطقياً توقيف من أخفى المحرّض، فما ليس مفهوماً أو مبرّراً على الإطلاق أن تصبح قضية إيف نوفل مسرحاً لاستعراضات لا لزوم لها عبر توقيف كل من ألقى التحية ربما على المدعو شربل خليل!

بالمناسبة، أنا لا أعرف أي شخص على علاقة بالحادثة من الطرفين. الموضوع ليش شخصياً بل مبدئياً. فحين نرى أن القوى الأمنية عاجزة عن توقيف أي من مجرمي آل جعفر السبعة، المعروفين بالأسماء، من الذين ارتكبوا مجزرة بتدعي حين دخلوا الى منزل صبحي ونديمة الفخري وأردوهما وأصابوا أولادهما، وحين تكون الأجهزة الأمنية عاجزة عن توقيف أي متدخل في القضية من الذين ساعدوهم على الفرار وأخفوهم، سواء من عائلتهم أو عشيرتهم أو من أطراف سياسية، لا يمكن بعدها الاستعراض في كسروان!

لا كسروان ليست مكسر عصا. ولا المسيحيون مكسر عصا، ولا يجوز أن تكون أي فئة لبنانية مكسر عصا! ولا يمكن أن يُكال في لبنان للسنة والمسيحيين بمكيال تطبيق القانون القاسي بحذافيره عليهم… أما الشيعة من أبناء الثنائي الشهير الخارجين على كل القوانين فذنوبهم كلها مغفورة!

من غير المقبول التعاطي مع شباب من كسروان بطريقة وغض النظر عن كل ما يحدث في حي الشراونة في بعلبك على سبيل المثال. فنادراً ما نسمع عن توقيف أحد في الشراونة، والثابت أن القوى الأمنية لم توقف في يوم من الأيام أحداً من المجرمين والذين يساعدون ويخفون المجرمين الذين يطلقون النار على الجيش والقوى الأمنية من أسلحة رشاشة وصاروخية. وهكذا أيضا الحال مع العائلات الشهيرة في الضاحية الجنوبية حيث تجري اشتباكات وتُحرق ممتلكات ويُقتل أشخاص ولا يتم اعتقال أحد!

ليس هكذا تورد الإبل في بلد يكيل فيه بعض المسؤولين بمكيالين تحت شعار تطبيق القانون!

ثمة موقوفون في قضية إيف نوفل يجب إطلاقهم فوراً حتى لا تصبح ذريعة تطبيق القوانين في هذه القضية عملاً انتقامياً. ثمة موقوفون مظلومون لأن المبالغة في تطبيق القانون على فئة وغض النظر عن تطبيق القانون من أساسه عن فئة ثانية يعتبر خرقاً للمبدأ القانون الشهير المعروف بالمثل الشهير “ظلمٌ في السوية عدلٌ في الرعية”!

ومن غير المقبول على الإطلاق أن يكون أولاد جعفر أبناء ست في لبنان وأولاد خليل أبناء جارية. ليس مقبولاً أن يكون أهل البقاع الشمالي أو الجنوب أو الضاحية الجنوبية من جماعة “حزب الله” أولاد ستّ وأهل كسروان أو أهل طرابلس أولاد جارية!

والمسؤولية لا تقع حكماً على عاتق القضاء اللبناني الذي عليه أن يحاكم الموقوفين أمامه بموجب القوانين، بل المسؤولية تقع على عاتق القوى الأمنية التي تستقوي في منطقة وتتخاذل في منطقة أخرى!

إن ما جرى ويجري في قضية مقتل الشاب إيف نوفل في كسروان بات يتجاوز منطق تطبيق القانون في اتجاه عملية استعراضية سخيفة لن تنجح في التعويض عن الفشل في تطبيق القانون في مناطق أخرى. لذلك بات لزاماً على المعنيين التعاطي بحكمة وتواضع أكبر في هذا الملف من خلال إطلاق كل الشباب الذين لم يتورطوا فعليا في جريمة قتل إيف. أما الاجتهادات والتوقيفات المبالغ بها فستحدث حتماً نقمة تحقق عكس المطلوب، والمطلوب هو أولاً وأخيراً تحقيق العدالة بالتساوي بين جميع اللبنانيين وفي كل المناطق من دون استثناء!

رحم الله إيف نوفل…