IMLebanon

قفزة أسعار الذهب تباغت تقديرات البنوك المركزية

gold5
جون بلندر

تجار المناقلة يتعرضون للضغط، بفرق معدلات المردود من العملات، وسماسرة العملات الغريبين يتعرضون للدمار المالي، والمواطنون في أوروبا الوسطى الذين اقترضوا بالفرنك سويسري لشراء المنازل تعرضوا للأذى، بعد فك ارتباط العملة باليورو، ومتانتها التي رفعتها إلى سعر صرف أعلى. ولكن ماذا في ذلك؟

بعد أن هدأت الصدمة الأولية الأسبوع الماضي من إزالة سقف الفرنك السويسري مقابل اليورو، هل هناك أي سبب يمنع عودة الأمور إلى طبيعتها؟ للأسف هناك سبب. بعيدا عن كون الأمر زوبعة في فنجان، فإن تداعيات هذه التجربة الفاشلة في إدارة العملة ستكون طويلة الأمد، على الأقل لأنها بمثابة تذكرة بأهمية السياق السياسي الساحقة في البنوك المركزية.

بالنسبة للاقتصاديين، فإن حجم الميزانيات العمومية للبنوك المركزية يحظى بأهمية ضئيلة أو معدومة. يغلب عليهم أن يجادلوا أنه حتى عند نحو 85 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، فإن الميزانية العمومية للبنك الوطني السويسري لا تشكل أي تهديد بوقوع التضخم.

في الواقع، ليس هناك أي سبب اقتصادي يكمن وراء عدم توسيع نطاق الميزانية العمومية إلى ما لا نهاية. ولا داعي لأن نهتم بحقيقة أن البنك المركزي السويسري قد راكم مثل هذا التعامل الكبير في عملة ضعيفة، اليورو، التي عمل قرار البنك المركزي السويسري نفسه على زيادة التآكل في قيمتها، التي ربما على وشك أن تصبح أضعف على خلفية خطوة التيسير الكمي، في وقت لاحق هذا الأسبوع.

تقول الحجة إنه لا عليك من الخسائر المحتملة، فهي ضئيلة ربما مقارنة بصافي القيمة الحالية لرسوم سك العملات، والأرباح المستقبلية بخصوص إصدارات السندات التي لا تولد الفوائد لحامليها. لاحظ أيضا، خصوصية تتعلق بالبنوك المركزية، وهي أنها قادرة على العمل دونما صعوبة عندما تكون معسرة من الناحية الفنية، لأنه يمكنها طباعة النقود لتلبية التزاماتها عند استحقاقها.

والعقبة تقع على عاتق الناس الغريبين، الناخبين المحليين. في سويسرا، يغلب على كثير من الناس يكونون محافظين عاديين – خذ مثلا المحاولة الأخيرة، وإن كانت غير ناجحة، في محاولة عبر استفتاء لرفع نسبة البنك الوطني السويسري من الذهب في احتياطياته. جزء من قلقهم الحالي هو أنه إذا كان البنك المركزي يحقق الخسائر من احتياطياته فإنه قد لا يدفع أرباح المساهمين، بما في ذلك الكانتونات السويسرية، ومصارف الكانتونات، والمستثمرين من القطاع الخاص.

حتى في البلدان التي يتم فيها دفع أرباح ببساطة لتمويل الوزارات، هناك أناس تقلق بشأن الأضرار التي تلحق بمصداقية البنك المركزي وقدرته على كبح التضخم إذا كان هناك نقص في الأصول في مقابل المطلوبات. إذا كان ذلك يؤدي إلى ضغوط سياسية بالنسبة للبنوك المركزية لإعادة رسملتها، فإن استقلالها من السياسيين يظهر فجأة لإعادة التفاوض بشأنه.

بعد الارتفاع الحاد في قيمة الفرنك ستواجه سويسرا الآن خسائر أكبر بشأن احتياطياتها الرسمية إلى جانب مشكلات القدرة التنافسية. إنها تخاطر باستيراد التراجع الانكماشي. البنك المركزي السويسري لديه مشكلة بالمصداقية، بعد أن قدم تصريحات قوية حول صلابة ربط عملته باليورو قبل أيام من إزالة السقف.

الارتفاع القوي الأولي في الفرنك يشير إلى أنه استخف بالكيفية التي يمكن فيها للنقص في السوق الذي يصنع القدرة، أن يقوّي أولئك الذين يستخدمون العملة السويسرية لتمويل تداولات المناقلة. وكان الانخفاض في معدل الفائدة على الودائع تحت الطلب إلى ناقص 0.75 في المائة لا يكفي للتخفيف من الضربة.

من جانبهم، فقد تم تحذير المستثمرين. هناك تعاملات كثيرة للغاية من الرفع المالي في الأسواق قائمة على السلوك الذي يمكن التنبؤ به للبنك المركزي، وتأكيدات البنك المركزي التي يمكن تصديقها حول إجراءاته المستقبلية.

وهناك ميزة غريبة لسلوك السوق منذ الأزمة المالية وهي بالضبط الطريقة التي يضع المستثمرون فيها كثيرا من الثقة بالبنوك المركزية – وأن السياسيين لم يتحركوا أكثر حول قضية استقلال البنوك المركزية.

كما تؤكد الحادثة على شدة زيادة الضغوط الانكماشية في أوروبا. بلوغ سعر الفائدة على الودائع ناقص 0.75 في المائة يجعل النقد يبدو جذابا. كما أنه يقدم حجة قوية لمصلحة الذهب.

وفي حين إن الناس ينظرون في كثير من الأحيان إلى المعدن الأصفر باعتباره وسيلة للتحوط ضد التضخم، إلا أنه أقرب إلى كونه تحوطا ضد عدم كفاءة البنوك المركزية والخلل النقدي، الذي يتضمن الانكماش. ليس هناك تكلفة الفرصة البديلة في حيازة الذهب عندما تقع أسعار الفائدة دون الصفر. ولا شك أن سعر المعدن النفيس كان يتصاعد بالتدريج.

مع مزيد من الضغوط الانكماشية وتخفيض قيمة العملة الأكثر قدرة على المنافسة، ستنتشر أسعار الفائدة السلبية في عدد متزايد من البلدان حيث التوقعات التضخمية تكاد تكون معدومة. المخاوف المتزايدة من المستثمرين الذين يواجهون هذه المعدلات السلبية الكئيبة، سبب وجيه لضمان أن الذهب سيستعيد مكانته.