رجح التحليل الاقتصادي لمجموعة QNB أن يدخل الاقتصاد العالمي في فترة طويلة من انكماش الأسعار أو ما أطلق عليه هو نفسه “الانكماش الكبير”.وأشار التحليل الأسبوعي الصادر اليوم إلى أن الاقتصاد العالمي بدأ العام الجديد في الاتجاه الخاطئ، حيث دفع الانخفاض الحاد في أسعار النفط منطقة اليورو نحو انكماش الأسعار في شهر ديسمبر 2014 وأدى إلى تباطؤ كبير لمعدل التضخم في اليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. ورأى أن ما يدعو للقلق أكثر هو الإشارات المتزايدة لتأثير هذه الضغوط الانكماشية على الأجور وبدرجة أقل على أسعار الأصول وهو ما سيقود المستثمرين العالميين إلى مزيد من التحوط ضد انكماش الأسعار من خلال شراء السندات الحكومية طويلة الأجل، مما يؤدي إلى انخفاض الأرباح إلى مستويات قياسية. وأشار التحليل إلى تحذيرات سابقة له من مخاطر الانكماش، معتبرا أن الانكماش العالمي اليوم صار حقيقة لا جدال فيها، حيث انزلقت منطقة اليورو إلى مرحلة التضخم السلبي في شهر ديسمبر 2014 (-0.2 في المائة) على إثر انخفاض أسعار الطاقة. وأوضح أن المملكة المتحدة سجلت في ذات الوقت أضعف معدل تضخم (0.5 في المائة) منذ عام 2000 بينما تباطأ التضخم في الولايات المتحدة إلى نسبة 0.8 في المائة وهو أشد تراجع شهري له في ست سنوات. أما في اليابان، فقد تخطى معدل التضخم بالكاد عتبة الصفر (0.7 في المائة) في شهر نوفمبر 2014، باستثناء التأثير المؤقت لرفع ضريبة الاستهلاك في إبريل.وتوقع أن تظل منطقة اليورو في وضعية انكماش الأسعار طوال عام 2015 رغم تبني البنك المركزي الأوربي لبرنامج التيسير الكمي الموسع الخميس الماضي، وأن تسقط اليابان مجددا في مرحلة الانكماش، حيث يؤثر انخفاض أسعار الطاقة على أسعار باقي المواد الاستهلاكية. كما يُتوقع أن تشهد كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة تضخماً سلبياً، وذلك على الأقل لفترة من عام 2015، وهو ما يعني أن أكثر من نصف الاقتصاد العالمي سيعيش مرحلة الانكماش خلال 2015.وقال تحليل QNB ” إن ما يدعو للقلق أكثر هو أن هذه التحولات الانكماشية العالمية بدأت في التأثير على سلوك تحديد الأجور عبر العالم، حيث انخفض معدل الأجور للساعة في الولايات المتحدة بنسبة 0.2 في المائة على أساس شهري في ديسمبر، وعلى نفس المنوال، انخفض معدل الأجور بنسبة 0.1 في المائة في المملكة المتحدة على أساس شهري في نوفمبر”. ولفت إلى أن بيانات منطقة اليورو عن معدل الأجور في الساعة تتوفر على أساس ربع سنوي فقط مع فارق زمني كبير، وتشير آخر البيانات المتوفرة إلى زيادة معتدلة (1.2 في المائة) خلال الربع الثاني من 2014، وشهد معدل الأجور للساعة في اليابان نموا طفيفا للغاية في شهر نوفمبر 2014. وأضاف ” إن هذا الضعف في نمو الأجور يشير إلى أن التوقعات المستقبلية بشأن الانكماش بدأت فعلا في التأثير على سلوك تحديد الأجور، وإذا ما ترسخ هذا السلوك، فإن التأثير الإيجابي لانخفاض أسعار النفط على الاستهلاك ستقابله توقعات منخفضة للدخل المستقبلي، وهو ما من شأنه وضع مزيد من الضغوطات على الطلب الإجمالي الضعيف أصلا. وبالتالي، فإن تأثير انخفاض أسعار النفط على النمو سيكون سلبيا بالتأكيد”.وأوضح أن الدلائل تتزايد أيضا بشأن تأثير الضغوط الانكماشية على أسعار الأصول، حيث تشير أحدث البيانات المتوفرة إلى انخفاض أسعار المنازل في الصين ومنطقة اليورو واليابان وسنغافورة، وإلى تباطؤ نمو هذه الأسعار في المملكة المتحدة والولايات المتحدة. ورجح مستقبلا أن تنخفض أسعار المنازل أكثر حيث يترسخ كل من الانكماش وانخفاض نمو الأجور، ففي لندن على سبيل المثال، يتوقع سماسرة العقارات أن تنزل أسعار المنازل بنسبة 5 في المائة، وذلك بحسب المعهد الملكي للمساحين القانونيين البريطاني. وذكر أنه بالإضافة لذلك انخفضت أسعار الأسهم العالمية بحوالي 5 في المائة منذ الطفرة التي شهدتها في بداية يوليو 2014 حسب مؤشر مورغان ستانلي للأسواق المتقدمة والناشئة العالمية، ورغم أن هذا الانخفاض يظل ضمن نطاق التقلب العادي، فإنه يشير إلى تأثر تسعير أسواق الأسهم بوقع الانكماش على النمو العالمي.