قالت منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” إن الملك عبدالله بن عبدالعزيز اتسم بالفهم العميق للمتغيرات في سوق النفط، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008، عندما دعا إلى اجتماع لكل الدول الأعضاء والدول المعنية لمناقشة قضية المضاربة المفرطة والتقلبات في أسعار النفط، مما ساعد على عودة سوق النفط الدولية للاستقرار في السنوات اللاحقة، وفقا لما نقلتة صحيفة ” الاقتصادية”.
وأعربت المنظمة في بيان رسمي أمس عن خالص تعازيها للشعب السعودي بوفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كما توجهت بأصدق وأحر التعازي للأسرة المالكة.
وأشار البيان إلى أن الفقيد الراحل اتسم بالحكمة الشديدة وبعد الرؤى في كل الأمور الاقتصادية والسياسية، وقدم إسهامات متميزة في الشأن الدولي خاصة في ظل الأزمات وساعد على حل عديد من النزاعات الدولية والعربية.
ووصف بيان “أوبك” الملك عبدالله بأنه قدم على مر السنين الدعم القوي والثابت للمنظمة، واستضاف قمة ناجحة لرؤساء الدول الأعضاء في أوبك في شهر نوفمبر عام 2007.
وأشارت “أوبك” إلى أن الملك عبدالله كان موضع إعجاب من الجميع لتفانيه في عمله وحفاظه على كرامة الأمة العربية والإسلامية، موضحة أن العالم العربي والمجتمع الدولي فقد قائدا عظيما محبوبا من شعبه ومن كل الشعوب.
وقال لـ”الاقتصادية”، الدكتور إبراهيم عزت المختص النفطي ورجل الأعمال المقيم في فيينا، إن وفاة الملك عبدالله أدت إلى حالة من القلق في سوق الخام العالمي، وهو ما أدى إلى ارتفاع فوري للأسعار كرد فعل سريع للحدث.
وأوضح أن الملك سلمان طمأن الجميع على استمرار السياسات السعودية، خاصة الاقتصادية على النهج نفسه ووفق الثوابت السعودية المعروفة، مشيرا إلى أن هذا الأمر حمل تطمينات مهمة للسوق وأزال الغموض الذي أثير حول احتمال إجراء تغييرات في وزارة البترول السعودية.
وذكر عزت أن السعودية هي أكبر منتج للنفط الخام وعضو رئيس وقائد لمنظمة أوبك، ولاشك أن قرار الحفاظ على سقف الإنتاج سيستمر، لأن هناك قناعة سعودية قوية بأنه الأنسب للمرحلة الحالية على الرغم من استمرار التراجع الحاد للأسعار.
وأشار عزت إلى أن هناك مؤشرات قوية حول قرب استقرار أسعار النفط وعودتها للتحسن خاصة مع تقلص الإنتاج الأميركي من النفط الصخري ومراجعة الكثير من الاستثمارات وخطط الإنتاج خاصة في الدول خارج “أوبك”.
ومن جانبها، تقول للصحيفة، ريما سوبحانوكولوفا المحللة الروسية، إن إعلان بقاء الوزراء في مناصبهم وبينهم المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية يعكس ثبات السياسة السعودية والقناعة بالتعامل مع الأزمة الحالية في سوق النفط، مشيرة إلى أن القرار يمثل رسالة تهدف لطمأنة سوق الطاقة القلقة التي تدرك الدور الكبير للنعيمي في منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك”.
وذكرت المحللة الروسية أن للنعيمي دورا كبيرا ومؤثرا في سوق البترول العالمي ونجح في نوفمبر الماضي في إقناع “أوبك” بعدم خفض الإنتاج على الرغم من حالة الانخفاض الحاد في أسعار النفط بهدف الحفاظ على حصة المنظمة بالسوق، وهي رؤية أثبتت نجاحها بسبب الصراع الدولي الحاد بين المنتجين على الحصص السوقية وهي الأجدى الآن، كما أن دول الخليج أقل تأثرا من بقية المنتجين بتراجع الأسعار نظرا لما تتمتع به من فوائض واحتياطيات مالية كبيرة.
واستبعدت ريما أن تتغير السياسة الاقتصادية في عهد الملك سلمان على أساس أن هناك تعزيزا دائما للدور السعودي في منظمة أوبك والمنظمات والتجمعات الدولية بشكل عام.
وأوضح بيتر تراوبمان المختص الاقتصادي للصحيفة، أن أسعار الخام ستميل إلى التحسن في الأسبوع المقبل، نظرا للتحسن النسبي للطلب القادم من الأسواق الآسيوية في مقابل تراجع تخمة العرض بسبب تقلص الإنتاج خاصة القادم من الولايات المتحدة.
وأشار تراوبمان إلى أن انخفاض الأسعار لا يمكن أن يستمر بلا نهاية بل من الواضح أننا اقتربنا من مرحلة القاع السعري، حيث تؤكد تقارير اقتصادية لأوبك صعوبة أن يهبط سعر برميل الخام إلى 25 أو 30 دولارا للبرميل، معتبرا أن مرحلة التعافي باتت قريبة.
وذكر تراوبمان أن التوقعات الاقتصادية تصب في اتجاه العودة إلى ارتفاع الأسعار مع حلول صيف هذا العام، لكن من المؤكد أنه من الصعب العودة إلى مستوى الـ100 دولار مرة أخرى، وأن أقصى انتعاشة متوقعة للأسعار قد تصل إلى 70 دولارا للبرميل.
وكانت أسعار العقود الآجلة لخام النفط برنت ارتفعت بعد وفاة الملك عبدالله، حيث أنهى برنت التعاملات مرتفعا 27 سنتا إلى 48.79 دولار للبرميل، في حين هبط الخام الأميركي 72 سنتا عند التسوية إلى 45.59 دولار للبرميل، مقابل 43.25 دولار للبرميل في اليوم السابق.
إلى ذلك حافظ سعر سلة “أوبك” التي تضم 12 خاما للدول الأعضاء على التماسك النسبي على مدى الأيام العشرة الماضية مقابل انخفاضات حادة حدثت مع بداية العام الجديد.