لم تعرف قرى البقاع الشمالي على مدى سنوات الحرب اللبنانية ما يدور اليوم في رحاها، من انتشار للمسلحين في جرودها وقيامهم بشتى انواع الارهاب، فهم يتغلغلون في المغاور والجبال الوعرة، ويعتدون يومياَ على الجيش ويطلقون الصواريخ والمدافع في اتجاه مراكزه العسكرية. وما حصل قبل ايام من محاولة تسلّل فاشلة للارهابيين بين منطقتي وادي حميد والمصيدة، جعلهم يُشعلون صباح الجمعة جبهة رأس بعلبك على حدود السلسلة الشرقية المتّصلة بجرود بلدة عرسال مجدَّداً، لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل بفضل عناصر الجيش اللبناني الذين إستبسلوا في الدفاع عن بلدات البقاع الشمالي منذ اشهر وما زالوا.
الى ذلك ينقل بعض اهالي رأس بعلبك لـ”الديار” بأن محيط بلدتهم شهد اشرس المعارك ، لكن بطولة عناصر الجيش إستطاعت صّد الهجومات على المنطقة، وتمكنت من محاصرة الارهابيين في النقطة المقابلة لـ”تلّة الحمرا”، مؤكدين بأن النقطة العسكرية التي حاول المسلحون السيطرة عليها تعتبر غاية في الاهمية، لانها خط دفاع اول عن البلدة، ومركز رصد لكشف اي عملية تسلل اليها، واعتبروا بأن هدف المسلحين ايضاً كان فتح طريق او إيجاد اي منفذ بعد قيام الجيش بإقفال كل الطرق المؤدية الى جرود عرسال، وهذا ما أزعجهم كثيراً في ظل الاوضاع الطبيعية الصعبة.
ونفى الاهالي ما أشيع بأن بعضهم نزح الى مناطق اخرى آمنة، مؤكدين بأن شباب البلدة عادوا بسرعة قصوى من اعمالهم في العاصمة بيروت، فور علمهم بأن اجراس كنائسهم قد قرعت، مؤكدين بأن حلم الارهابيين بسقوط بلدتهم لن يتحقق بوجود الجيش، لانهم كانوا وما زالوا يؤمنون بأنه المدافع الاول عنهم . ويترافق ذلك مع مبادرة شباب البلدة الى حمل السلاح دفاعاَ عن منطقتهم واهلهم تحت إشراف القوى الامنية، مع الاشارة الى ان بلدة رأس بعلبك تضّم العشرات من القوى الامنية المتقاعدة، والتي تساهم الى حد كبير في دعم رفاقها القدامى.
ويلفت الاهالي الى أن الجيش عزّز منذ اشهر من وجوده العسكري بلواء كامل التجهيزات هو اللواء الثامن، ويقال انه سحب من الجنوب لتأمين خط دفاع عن المنطقة، حيث ينتشر بكثرة ويتمركز في اللبوة ورأس بعلبك، كما أنشأ مراكز مراقبة في السلسلة الشرقية لمنع أي هجوم.
على خط آخر ونقلاً عن مصادر امنية، افيد بأن الهجوم لم يكن مفاجئاً على رأس بعلبك ،لان الأجهزة الأمنية كانت تملك هذه المعطيات منذ اسابيع عدة، فهدف المسلحين كان الاستيلاء على بلدة مسيحية لإرباك الحكومة اللبنانية، مع الاشارة الى ان هذا الهجوم قد يتكرر في اي لحظة على مواقع الجيش في البقاع الشمالي، مع محاولات لخطف عدد من العسكريين كرهائن الى جانب رفاقهم الذين اسروا في مطلع آب الماضي، وذلك لإحراج مجلس الوزراء وإجباره على قبول المقايضة مكرهة.
ورأت المصادر المذكورة بأن الهجوم على البلدة المسيحية اتى بعد اقل من اسبوعين على تنفيذ عملية سجن روميه ضد السجناء الاسلاميين، التي شكلت إستفزازاً كبيراً للمسلحين الذين توّعدوا بالانتقام من الجيش وقوى الأمن الداخلي، لذا كانت القوى الامنية مستعدة لأي طارئ امني، مع التأكيد بأن التعزيزات الامنية اصبحت كبيرة جداً، خصوصاً ان الخطة الامنية في طريقها الى البقاع، وإن كانت تسير على خطى ثقيلة بعد التطورات العسكرية الاخيرة.