أعلن البنك الوطني السويسري بشكل مفاجئ الاسبوع قبل الماضي انه سيوقف سياسته في الحفاظ على حد ادنى من سعر صرف الفرنك السويسري مقابل اليورو 1.2 فرنك مقابل اليورو. وفور اعلان القرار ارتفع الفرنك السويسري امام اليورو ليصل الى حدود 1 فرنك لكل يورو، بالمقابل ارتفع امام الدينار الكويتي من مستوى 290 فلسا لكل فرنك الى حدود 345 فلسا.
انه من النادر ان يكشف احد كبار البنوك المركزية في العالم عن مفاجآت بشكل غير متوقع تماما، حيث لم يكن هناك اي مؤشرات او حتى تمهيد لهذه الخطوة. ولا حتى اي ضغوط واضحة على البنك لاتخاذ هذه الخطوة، فما وراء ذلك ولماذا؟ هذا التوقيت؟
من ناحية التوقيت، فإن التيسير الكمي في منطقة اليورو، وهو امر يمكن ان يكون في حد ذاته عاملا محتملا في قرار البنك المركزي السويسري لازالة الرابط الفرنك الى اليورو. فمنذ تم تحديد حد ادنى من سعر الصرف امام اليورو في سبتمبر 2011 للحفاظ على سعر رخيص نسبيا للفرنك السويسري، كان ذلك يبدو بشكل عام مفيدا بالنسبة الى قطاع الصادرات السويسري، والذي يمثل نسبة كبيرة من الناتج المحلي، حيث يقدر اجمالي الناتج حاليا بــ500 مليار فرنك. ولكن في حقيقة، كان لذلك الربط بالغ الاثر السلبي في الاقتصاد السويسري بشكل عام والسياسة النقدية داخل سويسرا بشكل خاص، فمن ناحية، ادى الفرنك الرخيص الى تضخم القاعدة النقدية في سويسرا من 80 مليار فرنك منذ منتصف عام 2011 الى ما يقارب 400 مليار حاليا.
هذا ادى الى تضخم في اسعار الاصول، وخاصة اسعار العقار، وكانت هناك زيادة واضحة في زيادة القروض والتسهيلات الممنوحة من البنوك، وهي نتيجة حتمية لما ذكر اعلاه.
من ناحية اخرى، فان الفرنك الرخيص ادى الى تراكم احتياطي العملات الاجنبية لدى البنك الوطني السويسري، حتى وصلت نسبة العملات الاجنبية مقابل اجمالي الاحتياطيات لدى البنك إلى نسب قياسية، وحيث ان قرار فك الارتباط مع اليورو ادى الى ارتفاع قيمة الفرنك نتيجة لعمليات الدعم التي يتلقاها اليورو من البنك المركزي الاوروبي، فان ذلك سيؤدي الى خسائر كبيرة في تقييم اصول البنك الوطني السويسري نتيجة انخفاض قيم الاحتياطي المكون من العملات الاجنبية. لكن البنك فضل حمل تلك الخسائر على الانجراف وراء عمليات التيسير الكمي التي ينوي الاوروبي تطبيقها الاسبوع المقبل، والتي من المحتمل تصل الى ترليون يورو.
الدولار تراجع عقب الاعلان عن قرار البنك الوطني السويسري، حيث تقاس قوة الدولار مقابل ست عملات منها الفرنك الذي ارتفع بقوة، حيث عاد نجم الفرنك كملاذ آمن يلمع مرة اخرى. المعادن النفيسة ايضا استفادت من ضعف الدولار بالنسبة الى الاسهم السويسرية، فقد تأثرت سلبا حيث انخفضت %9 يوم الخميس، ومن المتوقع ان يبقى تأثير الفرنك القوي في الاسهم السويسرية سلبيا هذا العام، حيث يتوقع انخفاض ارباح الشركات السويسرية حوالي %10 كنتيجة لفروق العملات، وحوالي %2 كنتيجة لضعف المبيعات.