أبدت أسواق العملات والأسهم في أوروبا أمس مؤشرات إلى استيعاب صدمة الفوز الكاسح لحزب «سيريزا» اليساري في انتخابات اليونان، خصوصاً مع استبعاد احتمالات خروج البلاد من منطقة اليورو أو إخراجها منها، على رغم أن الحزب مصر على إعادة تقويم ديون بلاده الأمر الذي يهدد بخلاف عميق مع ألمانيا (المزيد).
وتراجع اليورو بشدة أمام الدولار بعدما فاز «سيريزا» المعارض لإجراءات التقشف بالانتخابات التشريعية في اليونان. وهبط اليورو لفترة وجيزة إلى 1.1088 دولار، وهو أدنى مستوياته في أكثر من 11 سنة، قبل أن يتعافى بنسبة 0.4 في المئة إلى 1.125 دولار، إذ تخلص المستثمرون من المخاوف من انفراط عقد منطقة اليورو.
وتخلى الذهب عن مكاسب سابقة، إذ تبدد الطلب على الملاذات الآمنة مثل المعدن الأصفر. وتراجع السعر الفوري للذهب 1 في المئة إلى أدنى مستوياته في الجلسة مسجلاً 1280.05 دولار للأونصة، بعدما ارتفع نحو 0.4 في المئة في وقت سابق. وتراجع سعر الفضة 0.55 في المئة إلى 18.15 دولار، والبلاديوم 1.68 في المئة إلى 758 دولاراً، والبلاتين 0.54 في المئة إلى 1254.74 دولار.
وبدأت الأسهم الأميركية التعاملات من دون تغير يذكر. وفتح المؤشر «داو جونز» الصناعي منخفضاً 12.71 نقطة أو 0.07 في المئة إلى 17659.89 نقطة. ونزل المؤشر «ستاندرد أند بورز 500» بواقع 2.23 نقطة أو 0.11 في المئة إلى 2049.59 نقطة. وانخفض المؤشر «ناسداك» المجمع الذي تغلب عليه أسهم التكنولوجيا 7.05 نقطة أو 0.15 في المئة إلى 4750.83 نقطة.
وفي أوروبا صعد مؤشر «داكس» الألماني 0.7 في المئة و «كاك 40» الفرنسي 0.1 في المئة. واستعادت بورصة اليونان نصف خسائرها المبكرة ليسجل مؤشرها 2.3 في المئة أقل من إقفال الجمعة. وخالف مؤشر «فاينانشيال تايمز» البريطاني الاتجاه إذا فقد 0.5 في المئة، علماً أن بريطانيا ليست في منطقة اليورو. وعوضت بورصات آسيا خسائرها المبكرة مع قفزة في أسهم الصين. وأقفل مؤشر «نيكاي 225» الياباني منخفضاً 0.3 في المئة، و «كوسبي» الكوري الجنوبي مستقراً. وزاد مؤشر «هانغ سنغ» في هونغ كونغ على ارتفاع 0.2 في المئة، ومؤشر «شانغهاي» المجمع على زيادة بواقع 0.9 في المئة.
وأعربت ألمانيا عن قلقها حيال فوز «سيريزا» في اليونان ما قد يؤدي إلى إعادة النظر في السياسة الأوروبية التي دعت إليها ألمانيا والمبنية على الإصلاحات البنيوية والتقشف المالي. وقال شتيفن زايبرت، الناطق باسم المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، في مؤتمره الصحافي الدوري، إن مركل تنتظر من رئيس الوزراء اليوناني الجديد الذي ستهنئه «لدى تعيينه»، أن «يحترم الالتزامات» التي اتخذتها الحكومات السابقة. وكرر زايبرت القول إن ألمانيا تريد بقاء اليونان في منطقة اليورو، مشدداً على إن «هدف الحكومة الألمانية منذ بدء الأزمة هو الحفاظ على الاستقرار في منطقة اليورو» مع مجمل دول المنطقة. ورفض الإدلاء بأي تعليق على «نتائج انتخابات سيادية».
وكان نائب رئيس الكتلة المحافظة بزعامة مركل في البرلمان هانس بيتر فريدريش أكثر حدة بقوله في تحذير لصحيفة «بيلت» الأكثر انتشاراً في ألمانيا: «يحق لليونانيين أن ينتخبوا من يريدون. ومن حقنا أن نوقف تمويل ديونهم». وانتقدت الصحيفة زعيم سيريزا «الخطر» أليكسيس تسيبراس، وعددت مطالبه من «وقف الإصلاحات في اليونان» إلى الحصول على «مساعدات جديدة» أو تعويضات من برلين «عن الحرب العالمية الثانية».
ويحاول حاكم البنك المركزي الألماني ينس فيدمان ردع «سيريزا» عن تقديم «وعود فارغة» إلى مواطنيه. وقال ماركوس كربر رئيس الاتحاد الألماني للصناعة إن «اليونان أحرزت تقدماً على طريق الإصلاحات. والتوقف في منتصف الطريق سيكون كارثياً». واعتبر جوليان رابولد، الباحث في المعهد الألماني للسياسة الخارجية، وهو مركز بحوث في برلين، إن «التجزئة مسألة حساسة لبرلين التي كانت بالتأكيد تأمل في نتيجة أخرى» لكنها لا تستطيع «دفع اليونان إلى الهوة».