محمد الشرقي
يُتوقع أن يحقق الاقتصاد المغربي هذه السنة أفضل أداء منذ سنوات طويلة، قد تدفع بالنمو إلى نحو خمسة في المئة، وتحسّن المؤشرات الاقتصادية الكلية بما فيها عجز الموازنة والتجارة الخارجية والمديونية، وذلك بعدما بلغ النمو العام الماضي 2.6 في المئة فقط. وبعدما توقع البنك وصندوق النقد الدوليين أن يراوح النمو بين 4.6 و4.7 في المئة هذه السنة، رفعت «المندوبية السامية في التخطيط» توقعات النمو إلى 4.8 في المئة، بزيادة نحو نصف نقطة عن توقعات الحكومة إلى كانت تشير إلى 4.4 في المئة غداة إعداد الموازنة الحالية.
وقال المندوب السامي أحمد الحليمي إن «الاقتصاد المغربي سيستفيد من موسم زراعي جيد، ومن تنامي الطلب الخارجي على الصادرات المغربية، خصوصاً الصناعية منها، فضلاً عن تراجع أسعار الطاقة والمواد الأولية والغذائية». واعتبر أن «تحسن الطلب في منطقة اليورو يعزز تحسّن ميزان التجارة الخارجية وتدفق الاستثمارات والسياحة».
ويُنتظر أن تبلغ القيمة المضافة في القطاع الزراعي نحو 10 في المئة، ويرتفع الأداء في القطاعات الأخرى غير الزراعية إلى أكثر من أربعة في المئة في مقابل 3.4 في المئة العام الماضي، بما يسمح بإيجاد 170 ألف فرصة عمل جديدة في القطاع الخاص والخدمات، وخفض متوسط معدلات البطالة بنحو 0.2 في المئة إلى 9.6 من إجمالي الفئة النشيطة. ودأبت مندوبية التخطيط على تقديم توقعات أقل تفاؤلاً من الحكومة، وحتى الأسبوع الماضي كانت تراهن على نمو لا يزيد على أربعة في المئة.
واعتبر محللون أن الاقتصاد المغربي بدأ يخرج تدريجياً من الوضع المالي الصعب خلال السنوات الماضية، والذي ارتبط بتداعيات ثورات الربيع العربي والأزمة الأوروبية وارتفاع أسعار النفط، وبات يعتمد أكثر على الصادرات الصناعية والمهن الجديدة في السيارات والطائرات والالكترونيات والتقنيات الحديثة التي صدر منها نحو 100 بليون درهم (10.3 بليون دولار)، وهي قطاعات أقل تأثراً بالأوضاع المناخية مقارنة بالقطاع الزراعي الذي لا يزال يمثل 17 في المئة من الناتج المحلي.
وأتاح تراجع أسعار النفط في الربع الرابع عام 2014 توفير نحو 11 بليون درهم من واردات الطاقة، وخفض أسعار المحروقات في السوق المحلية بنحو 25 في المئة، كما قد يُساعد خفض معدلات الفائدة المرجعية في زيادة الطلب على القروض المصرفية، وتوسيع الاستثمار وتحسين تنافسية الشركات العاملة في التصدير، إذ يكلف الشحن نحو 30 في المئة من قيمة السلع المصدرة.
وتوقعت «المندوبية السامية في التخطيط» ارتفاع استهلاك الأسر المغربية إلى 5.4 من 2.4 في المئة العام الماضي، كما يساهم الطلب الداخلي على السلع والخدمات في زيادة ثروات الناتج المحلي بنسبة ستة في المئة في مقابل 2.8 في المئة، على أن يستقر معدل التضخم عند 0.8 في المئة، مستفيداً من تراجع أسعار المحروقات ووفرة المعروض من المنتجات الغذائية والزراعية، واستقرار أسعار العقار. ويُتوقع أن يستقر مؤشر المديونية المغربية عند 63 في المئة من الناتج المحلي، ويتراجع عجز الخزينة إلى 4.3 في المئة وميزان المدفوعات إلى نحو خمسة في المئة.
وفي المقابل نبهت المندوبية إلى أن الظروف الإقليمية والدولية تتميز بأوضاع جيوسياسية غير واضحة وغير مستقرة، تنذر بتحولات لا يمكن التحكم بها، وتزيد تحديات أمن المنطقة وحالة الضبابية السياسية، داعية إلى مواصلة الإصلاحات الاقتصادية الكبرى لحماية النموذج المغربي من التقلبات.
إلى ذلك أنهى رئيس جمهورية ساحل العاج الحسن واتارا زيارة رسمية إلى مراكش، ترأس خلالها إلى جانب الملك محمد السادس حفل التوقيع على عشرات الاتفاقات الاقتصادية والمالية والاستثمارية بمئات ملايين الدولارات، حيث تعتزم شركات مغربية بناء وحدات صناعية وتجمعات سكنية ومحلات تجارية، وفتح فروع لمصارف تجارية وشركات تأمين وفنادق وخدمات وغيرها في عدد من مناطق ساحل العاج. وكان «البنك الإفريقي للتنمية» قرر إعادة مقره إلى أبيدجان التي انتقل منها إلى تونس قبل سنوات خلال الحرب الأهلية. وترغب المصارف المغربية بالتواجد في هذه المنطقة التي تحتاج تمويلات كبيرة لاقتصادات تنمو بنحو تسعة في المئة سنوياً.