انها ليست حرب أسعار الصرف بين الدول بل هي سياسات نقدية تتجه الى حرب خفض اسعار الفائدة في اضافة جهود دولية حثيثة لتحفيز النمو الاقتصادي. هذا النمو الضعيف والتراجع في الاسعار الذي يدعمه ايضاً ضعف الاسعار في اسواق السلع نتيجة تراجع الطلب. هذا يعني أنّ أمام اليورو اياماً طويلة من المراوحة في دائرة الضعف، الأمر الذي قد يقوده الى مستوى ما دون الدولار، أي الى 0,90 دولار.
وفي حين تتسابق الدول في خفض أسعار الفائدة ويتجه البنك المركزي الاوروبي الى توسيع كبير لسياسات إغراق الاسواق بالسيولة باليورو بحجم يناهز الستين مليار دولار شهرياً، يؤكد الكثيرون انّ الاحتياطي الفدرالي الاميركي سوف يعلن في منتصف العام 2015 الجاري أوّل رفع لأسعار الفائدة الاميركية.
وسوف يؤدي ذلك الى المزيد من الاقبال على شراء الدولار والابتعاد عن الاحتفاظ باليورو، ما سوف يدفع اسعار صرف اليورو نزولاً. هذا اليورو الذي لم يفق حتى الان من الصدمة التي سددها البنك المركزي السويسري عندما سمح للفرنك السويسري بتجاوز سقف 1,20 فرنك لليورو الواحد نزولاً بعد ثلاثة اعوام من التمسّك الشديد بهذا السقف. كما لجأت السلطات النقدية السويسرية الى سياسات اسعار الفائدة السلبية في المصارف السويسرية ويتبعها بذلك الكثير من المصارف الاوروبية.
كل ذلك يرجّح عودة اليورو الى تسجيل مستوى 0,90 دولار الذي كان قد سجّله بين عامَي 2000 و2001، وهذا ما يعتبر منطقياً مع التناقض الكبير بين سياسات كلّ من البنك المركزي الاوروبي والبنك المركزي الياباني من جهة والاحتياطي الفدرالي الاميركي من جهة اخرى.
أمّا انعكاس ذلك على لبنان فسوف يكون ايجابياً عموماً على المستهلك اللبناني، لا سيما انّ لبنان يعتبر دولة تستورد غالبية حاجاتها من السوق الاوروبية، وخصوصاً على مستوى الادوية وشريحة واسعة من البضائع الاخرى.
وفي حين سوف يجد المستهلك اللبناني نفسه اكثر ارتياحاً، فإنّ الصناعة اللبنانية سوف تتضرر نتيجة ارتفاع سعر الليرة اللبنانية المثبت إزاء الدولار مقابل اليورو وغيره من العملات. وهذا الأمر يجعل من البضائع المصدرة اللبنانية مرتفعة الكلفة والثمن، وبالتالي قليلة الجاذبية على مستوى المنافسة في التجارة الدولية.
حركة الاسواق المالية
فتحت الاسهم الاميركية في بورصة وول ستريت أمس على انخفاض، فتراجعَ مؤشر داو جونز بنسبة 0,55 في المئة الى 17672,60 نقطة، ومؤشر ستاندرد اند بورز بنسبة 0,79 في المئة الى 2056,82 نقطة، لكنّ مؤشر ناسداك ارتفع بنسبة 0,16 في المئة الى 4787,88 نقطة.
امّا في المانيا فجاء مؤشر الثقة مرتفعاً للشهر الثاني على التوالي على رغم انّ البورصات الاوروبية تلقّت ضربة من فوز سيريزا في الانتخابات اليونانية، ففتحت الاسهم الاوروبية منخفضة لكنها سرعان ما استعادت أداءها الايجابي مع تزايد الثقة بسياسة طبع النقود التي اعلن عنها أخيراً، فارتفعت الاسهم الاوروبية لاحقاً باستثناء البورصة اليونانية. وفي حين صَوّت اليونانيون ضد الاجراءات التقشفية، الّا انهم ما زالوا متمسكين بالبقاء ضمن دول منطقة اليورو.
وكان اليورو تراجع صباحاً باكراً الى 1,1169 دولار وهو أدنى مستوى له في 11 عاماً مقابل الدولار الاميركي بعد إعلان فوز الحزب اليوناني الذي يناهض سياسات التقشف بعدما كان تراجع الى 1,1088 دولار في التداولات الاولى المبكرة في اليابان.
وتراجعت الاسواق في اسواق السلع، وتحديداً في اسواق النفط والمعادن الثمينة، متضرّرة من قوة الدولار الاميركي في اسواق الصرف، وترافق ذلك مع هبوط قوي للروبل الروسي فتراجع الذهب 1,22 في المئة الى 1278,32 دولاراً للأونصة والفضة 2,06 في المئة الى 17,92 دولاراً.
كما تراجع النفط الاميركي 1,12 في المئة الى 45,08 دولاراً للبرميل ونفط برنت الخام 1,11 في المئة الى 48,25 دولاراً للبرميل.
امّا في سوق بيروت الرسمية فقد سجّل تداول الدولار الاميركي عند مستوياته المرتفعة مقابل الليرة اللبنانية أي 1514 ليرة للدولار الواحد، في حين سجلت الاسهم في بورصة بيروت ارتفاعاً في نشاط محدود عموماً، فزادت أسهم سوليدير (أ) 1,09 في المئة الى 11,07 دولاراً والفئة (ب) 0,54 في المئة الى 10,97 دولارات وأسهم بيبلوس 0,61 في المئة الى 1,63 دولار، وبلوم 0,11 في المئة الى 8,91 دولارات.