قد يتبادر للكثيرين أن الكلمة الأكثر انتشارا» فى المنتدى الاقتصادى العالمى هذا العام «الانكماش»، الوباء « أو «عدم المساواة « لكن الشعار غير الرسمى لدافوس 2015 كان «الحالة» العالمية الجديدة. والتى تشمل البنوك ،الأعمال ، أمريكا اللاتينية، اليابان ، الاقتصاد الرقمي، الطاقة والنمو ، وأيضا مستقبل «حالة» التأمين الصحي.
السبب فى هيمنة «الحالة» على لغة دافوس فى رأى خبراء هو احتمالات انتهاء عصر التكامل الاقتصادى والشراكات الدولية الذى بدأ عام 1989 . و بات واضحا للعيان التحولات الجذرية ، سياسيا» ، اقتصاديا»، اجتماعيا» والأهم تكنولوجيا».تلك التحولات تفرض نفسها على الساحة بما يسفر عن «حالة» عالمية جديدة أمام صانعى القرار فى أرجاء العالم الذين يواجهون شعوبا لا تثق بهم .
فسنة من الكوارث وسوء الإدارة شملت حوادث سقوط طائرات على نحو غامض واختراق معلومات وتلاعبا فى أسعار الصرف الأجنبى وأسوأ تفش لفيروس الإيبولا نسفت ثقة الناس فى الهيئات العامة وقطاع الأعمال.
هذا ما كشف عنه ايضا مقياس إ»يدلمان» للثقة والذى نشر على هامش اتجاهات دافوس والذى أظهر تراجعا كبيرا فى الثقة بشكل عام مع تدنى الثقة فى الحكومات والشركات ووسائل الإعلام والهيئات غير الحكومية لأقل من 50 ٪ فى ثلثى الدول.
وتضم قائمة الأماكن التى يسود فيها الآن انعدام الثقة بين السكان الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وايطاليا وروسيا وتركيا.
والصورة صارخة بشكل خاص بالنسبة لقادة قطاع الأعمال البالغ عددهم 1500 والذين اجتمعوا لحضور المنتدى .
الثقة لم تتراجع بشكل عام فى قطاع الأعمال فحسب ،ولكن الثقة فى المديرين التنفيذيين كأشخاص موثوق فيهم تراجعت للسنة الثالثة على التوالي.
المسح رسم صورة متأرجحة للتكنولوجيا التى تلعب دورا محوريا على نحو متزايد فى حياة الناس، إذ يعتقد غالبية من شملهم الاستطلاع أن الاختراعات التكنولوجية تحدث بشكل سريع جدا بدافع جشع الشركات وليس انطلاقا من الرغبة فى جعل العالم مكانا أفضل.وفى إشارة مثيرة للقلق بالنسبة «لوسائل الإعلام القديمة» تعد محركات البحث على الانترنت الآن محل ثقة كمصدر للأخبار والمعلومات العامة أكثر من وسائل الإعلام التقليدية.
ويرغب المستهلكون فى كل الدول الصناعية الكبرى تنظيما أكبر لقطاع الأعمال ولكن ليس لديهم ثقة تذكر فى أن صناع السياسة سيطورون وينفذون قوانين ملائمة.
ومع حضور حوالى 2500 مسئول اقتصادى وسياسى كان الشعار الرسمى للمنتدى « المشاركة والاهتمام « حيث تركزت النقاشات حول مستقبل العالم فى ظل التهديد الجهادى لأوروبا والتوتر فى أوكرانيا والشكوك التى تلقى بثقلها على اقتصاد عالمى متباطئ.
المنتدى جاء بعد أيام من الاعتداءات فى فرنسا وحملات التوقيفات التى قامت بها وحدات مكافحة الإرهاب فى مختلف أنحاء أوروبا.
التصعيد الأخير فى أوكرانيا واتهامات كييف لروسيا بمهاجمة جنودها كان حاضرا أيضا خلال النقاشات.
وكما يحصل فى كل سنة منذ أكثر من 40 عاما، التقى صفوة العالم فى منتجع دافوس الذى تحول إلى قلعة محصنة، ومحور النقاشات الرئيسى كان الاقتصاد.
فقد خفض صندوق النقد الدولى بـ 0.3 نقطة توقعاته للنمو العالمى فى 2015 (+3.15٪) وفى 2016 (+3.7٪) فيما يسجل الاقتصاد الصينى تباطؤا ويسود الارتياب منطقة اليورو لا سيما بسبب الانتخابات اليونانية المرتقبة اليوم والتى يمكن أن تشهد فوز حزب سيريزا المناهض لسياسات التقشف.
برنامج البنك المركزى الأوروبى لإعادة شراء أسهم لدعم الاقتصاد فى منطقة اليورو، كان أيضا على طاولة المناقشات.
اللقاء الخامس والأربعين للمنتدى الاقتصادى العالمى حضره حوالى 2500 مسئول اقتصادى وسياسى مثل الايطالى ماتيو رينزى ورئيس الوزراء الصينى لى كه تشيانغ كما حضر الرئيس الفرنسى فرنسوا أولاند أيضا وكذلك رؤساء البنوك المركزية ورؤساء اكبر المجموعات فى العالم من اجل توسيع شبكة علاقاتهم وبحث الشئون الاقتصادية.
وبحسب استطلاع نشر قبل أيام فإن كبرى المؤسسات العالمية مثل صندوق النقد الدولى ورؤساء الشركات الذين استطلعت آراءهم شركة «برايس ووتر كوبرز» هم اقل تفاؤلا من السابق بخصوص العام 2015.
مناقشات قضية الطاقة تركزت حول أسعار النفط المنخفضة وكيفية تأقلم المنتجين والمستهلكين لتذبذبات السوق وهو ما طرح مشكلة للدول المنتجة مع تأثير ايجابى بشكل طفيف على الاقتصاد العالمى بحسب الخبير الاقتصادى فى مؤسسة «آى اتش اس» ناريمان بهرافش الذى قال إن موضوعى الإرهاب والجيوسياسة طغوا على لقاء هذه السنة. والاثنان يشكلان تهديدات جدية للاستقرار السياسى فى أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا».
وتابع «هذه السنة سعت الوفود للحصول على تطمينات حيال موضوعين: أولهما إن الحكومات الوطنية ستتخذ التحركات اللازمة للحد من مخاطر الإرهاب وثانيهما التأكد من إن جهودا كافية تبذل للحفاظ على نمو الاقتصاد العالمي».
شارك الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) عبد الله البدرى فى جلسة النقاش .
حضر المنتدى أيضا عدة فنانين وأمراء مثل الأمير اندرو الذى يواجه فى بريطانيا فضيحة بعدما ورد اسمه فى قضية أخلاقية منذ سنوات عدة.
لأول مرة.. رئيس مصرى يشارك فى دافوس
شارك الرئيس السيسى اول امس فى اجتماع مغلق مع 52 شخصية دولية من رؤساء دول وحكومات ووزراء ورؤساء منظمات دولية، وعدد من الشخصيات العامة.
وناقش الاجتماع الجهود الدولية الراهنة للتصدى لظاهرتى العنف والتطرف، وذلك من خلال تناول عدد من التحديات والمخاطر الأمنية الراهنة الناجمة عن التنظيمات الإرهابية فى منطقة الشرق الأوسط وغيرها، وأوجه التعاون الممكنة بين الحكومات ومجتمع الأعمال والمجتمع المدنى للتصدى لظاهرة تنامى التطرف، وكيفية تمكين صانعى القرار من مراعاة التوازن بين الأمن والحريات المدنية.
وكان الرئيس قد عرض خلال مشاركته فى اعمال قمة دافوس الاقتصادية تطورات خطط الاصلاح الاقتصادى فى مصر والجهود الرامية الى جذب الاستثمارات الاجنبية.
المنتدى فى أرقام :
1971 العام الذى عقد فيه أول منتدى لدافوس
52 مليون دولار يضيفها المنتدى لاقتصاد مدينة دافوس السويسرية
81 مليون دولار يضيفها المنتدى لاقتصاد سويسرا
2.3 مليون شخص يتابعون المنتدى على تويتر
٪27 من المشاركين من الولايات المتحدة
٪10 من المشاركين من بريطانيا
2 ٪من المشاركين من أوروبا
بزنس مهرجان السياسة والاقتصاد
قد يتساءل البعض عن سبب الاهتمام بمنتدى دافوس كل عام. السبب كما يقول خبراء إن فرصة لقاء نجوم السياسة والأعمال هو المهم وليس النقاشات والذى قد يبرر التكلفة الباهظة لحضوره.
وقد نشرت الفاينانشال تايمز تعليق على الزيادة الكبيرة فى رسوم المنتدى هذا العام،قائلة ان هناك مؤتمرات أخرى تقدم نفس الخدمة بسعر أقل .
وتقدر الزيادة فى تذكرة دافوس بمائة ألف فرنك حيث ارتفعت الرسوم السنوية للمنتدى الاقتصادى العالمى من 500 ألف فرنك سويسرى (523 ألف دولار قبل الزيادة الجديدة فى سعر الفرنك) إلى 600 ألف فرنك. هذا يشمل حضور خمسة أفراد لكنه لا يشمل تكاليف السفر والإقامة.
الرسم السنوى يشمل حضور اجتماعات المنتدى الاقتصادى العالمى فى الصين والذى يبلغ رسم الاشتراك به 48 ألف فرنك للوفد الواحد .
الجدير بالذكر أن ممثلى الصحف العالمية لا يدفعون مقابل الحضور لكن كما ذكرت الفاينانشال تايمز ، متوسط تكلفة الإعلان عن مثل هذا المنتدى 440 ألف دولار ومن ثم تكون دعوة الصحفيين استثمارا جياد للقائمين عليه