باسكال صوما
تعود العلاقات الاقتصادية اللبنانية الصينية الى أيام طريق الحرير الذي كان يربط أوروبا ولبنان ودول شرق آسيا. وفيما قُطع طريق الحرير مع انتهاء زمن الحرير منذ سنوات، تتّسع وجهة العلاقات اللبنانية الصينية، لتصبح الصين أكبر مصدّر الى لبنان، فيما تواجه الصادرات اللبنانية الى الصين عوائق وتحديات كبيرة. ومع انتشار السلع الصينية في الاسواق اللبنانية بشكلٍ كبير، ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين من 413 مليوناً في العام 2001 الى 2300 مليون دولار في العام 2013.
وكان امس، باكورة هذا التطور اللافت للانتباه في العلاقات بين البلدين، مع إطلاق «تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبناني الصيني»، في «مبنى عدنان القصار للاقتصاد العربي»، برعاية وزيري الصناعة حسين الحاج حسن، والاقتصاد والتجارة آلان حكيم.
ويوضح رئيس التجمع علي محمود العبد الله عبر «السفير» ان «الباب مفتوح لانتساب رجال وسيدات الاعمال الى التجمع، من مختلف القطاعات والاختصاصات، والهدف الاساسي هو مساعدة لبنان وتشجيع الصادرات اللبنانية الى الصين وتذليل المعوقات أمامها». ويشير الى ان «الاصناف الاساسية التي يمكن تصديرها الى الصين، وهي الزيت والزيتون والتفاح والنبيذ، هي صادرات واعدة لكنها لا تحظى بالاهتمام الكافي، اذ هناك تجارب خجولة في التصدير الى الصين، وهنا دورنا كتجمّع لمعالجة هذه المسألة وتعبيد الطرق لدخول الانتاج اللبناني الى الصين».
ويتطرّق الى موضوع الاستثمارات الصينية في لبنان، مشيراً الى أنها «تتركّز في اختصاصات جديدة وغير مألوفة، إضافةً الى شركات بناء ضخمة وشركات خلوي وغيرها». ويشدد على دور «السيدات في مجالات الاعمال، إذ يشكّلن حوالي 30 في المئة من مؤسسي التجمّع»، مبرزاً «أهمية الأدوار التي تقوم بها المرأة في مجالات العمل والاقتصاد في الصين».
معاملة تفضيلية
وخلال الحفل، كان لكلمة الحاج حسن أثر الصاعقة، إذ سأل: «إذا كانت الصين أول مصدّر للبنان، فأي مرتبة يشغل لبنان في التصدير الى الصين؟». وطالب بحضور السفير الصيني جيانغ جيانغ «بتطوير العلاقات اللبنانية الصينية انما بالاتجاهين، وليس الاكتفاء برفع الصادرات الصينية الى لبنان وتسهيل عبورها، علماً أن ليس هناك اية عقبات أمامها، فيما البضائع اللبنانية لا تستطيع الدخول الى السوق الصيني». ودعا «التجمّع الى العمل على هذه المسألة، وتحديد سلع معينة والاتفاق مع الحكومة اللبنانية لمطالبة الحكومة الصينية بمنح هذه السلع معاملة تفضيلية، وتسهيل دخولها الى السوق الصيني».
من جهته، شدد حكيم على «أهمية تطوير العلاقات اللبنانية الصينية في ظل الظروف الراهنة، لا سيما مع ارتفاع حجم التبادل التجاري بشكلٍ كبير في السنوات الاخيرة». ورأى ان «فرص تطوير هذه العلاقات عالية جداً وتتماشى مع سياسة وزارة الاقتصاد في تعزيز الديبلوماسية وتسهيل التبادل التجاري».
من جهته، نوّه رئيس «اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان» محمد شقير «بقوّة اللبناني، وقدرته على التفاعل مع أضخم سوق عالمي أي الصين». ورأى أن «تحسين العلاقات وتطويرها لا يتناول الشق المادي وحسب، بل يمتدّ ليشمل تفعيل العلاقات الثقافية وتبادل الخبرات»، مشيداً «بدور المجلس للإضاءة على دور رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين والصينيين».
وعرض رئيس «الهيئات الاقتصادية» عدنان القصار تجربته مع رجال الأعمال الصينيين منذ خمسينيات وستينيات القرن الماضي. وشدد على «أهمية العلاقات اللبنانية الصينية اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً». وأعلن أن «مبنى عدنان القصار للاقتصاد العربي سوف يستقبل في 26 و27 أيار منتدى التعاون العربي الصيني، تحت عنوان «بناء حزام اقتصادي لطريق الحرير».
وأشاد جيانغ «بالعلاقات التاريخية العريقة التي تربط لبنان والصين، وتطوّرها منذ ايام طريق الحرير، بشكلٍ سلس، لا سيما على الصعيد الاقتصادي والتجاري»، آملاً «المزيد من التعاون في المجالات التكنولوجية والثقافية وغيرها».
وقال العبدالله: «لقد دخلت الصين فعلياً في مراحل متقدمة من بناء ما تسميه النهضة العظيمة للأمة الصينية. وعلينا كرجال اعمال ان نبذل جهوداً لمواكبة تطور العلاقات اللبنانية الصينية، اذ يجب ان نعمل على تطوير اعمالنا وتعزيز خبراتنا وتنمية قدراتنا للتمكن من لعب دور في اسواق عالية التنافسية».