حذرت عدة تقارير من انتشار ظاهرة الإرهاب الالكتروني داعية الشركات إلي اتخاذ التدابير اللازمة من أجل حماية ملفاتها. فعندما يقع شخص ما رهينة لدي مجرمين تكون الفدية مقابل حياته لكن ما العمل اذا كانت الرهينة ملفات وبيانات هل يتم الرضوخ ودفع الفدية أيضا أم المخاطرة بفقدانها ؟
كشفت تسريبات رسائل البريد الإلكتروني الداخلية والأفلام لشركة سوني في أواخر العام الماضي عن خطورة الاختراقات الإليكترونية .فبالإضافة إلي التفاصيل المحرجة رضخت وسائل الإعلام العملاقة لمطالب الهاكرز التي لم يتم الإعلان عنها حيث تم عرض الفيلم الممنوع .
وقد رصد تقرير لمجلة الايكونومست ارتفاعا» كبيرا» في عمليات السرقة الالكترونية مشيرا» إلي عدم اقتصار انتشارها علي الشركات الكبيرة. ومن النماذج المثيرة قصة المعماري الإيطالي الذي لجأ إلى شركة للأمن الإلكتروني بعد تعرضه لفيروس «الفدية»، (فيروس يعمل علي تشفير كل الملفات ويترك رسالة على الشاشة تطالب بمبلغ كبير مقابل فك الشفرة ) وبعد الفشل في القضاء علي الفيروس استسلم المهندس الايطالي ودفع الفدية لإنقاذ ملفاته وبالفعل تسلم كود الشفرة عن طريق البريد الإلكتروني.
يري مدير مركز الجريمة الإلكترونية الأوروبي أن السبب في انتشار ظاهرة الإرهاب الالكتروني ظهور ال « بيتكوين» ،العملة الافتراضية،التي يتم عادة دفع الفدية بها والتي يمكن استخدامها فيما بعد دون الكشف عن هوية صاحبها كما هو متعارف عليه في الدفع الالكتروني بكروت الائتمان أو الحسابات البنكية التي تمثل خطرا علي المجرمين .
الجدير بالذكر أن معظم الخاطفين الجدد هم من روسيا ،التي لا تهتم سلطاتها بالقبض عليهم، وضحاياهم في كل دول العالم ،وتشير بعض التقديرات الرسمية إلي تعرض 16 ألف شخص وشركة في استراليا للابتزاز الالكتروني خلال الفترة من شهر أغسطس إلي منتصف ديسمبر الماضيين وانه تم دفع 8 ملايين دولار استرالي (7 مليون دولار أمريكي) .
ولكن ليس بالضرورة أن يخضع جميع الضحايا إلي الابتزاز، فأحيانا يرفض الضحية سواء كان فردا أو شركة دفع الفدية خوفا» مما قد يحدث كما هو الحال في الجرائم التقليدية ،ويتم قتل الرهينة بعد الحصول علي الفدية ، فربما لا يحصل الضحية هنا علي ملفاته بعد دفع المطلوب إذا تراجع الهاكر عن فتح الملفات .
ويحرص مبرمجو «الفدية» علي تطوير الفيروس باستمرار حتي يتمكنوا من الافلات من برامج مكافحة الفيروسات . وكان « يورو بول « قد حذر العام الماضي من انتشار الجرائم الالكترونية وقدرة مرتكبيها علي إخفاء أرباحهم موضحا إن البريد الالكتروني ليس وحده مصدر الخطر وإنما الإعلانات المضللة والمواقع المشبوهة التي ينفذ عن طريقها الفيروس إلي الحاسب.
وبحسب خبراء الأمن الالكتروني حتي وقت قريب كان من الممكن للضحية اذا توافرت لديه مهارات تكنولوجية عالية التحايل علي فيروس «الفدية» ، ولكن التطور الالكتروني السريع للهاكرز يتقدم بخطوة عن جهود السلطات المعنية .
ففي شهر يونيو من العام الماضي نجح خبراء «إف بي اي»في السيطرة علي فيروس «كريبتولوكر» – أحد أنواع فيروسات الفدية – وصمموا برنامجا لمكافحته . لكن علي الفور ظهر فيروس «كريبتووال» .وفي سبتمبر تمكنت شركة فنلندية من تعطيل فيروس فدية باسم «تورنت لوكر» ولكن في غضون أسابيع كان مهندسو الفيروس قد عالجوا مواطن الضعف فيه بحيث لا يمكن التغلب عليه.
الطريف في الأمر أن أسعار الفدية قد انخفضت عن متوسطها البالغ 800 دولار خلال السنوات الثلاث الماضية، وتتراوح ما بين510 يورو ( 650 دولارا) في ايطاليا و275 يورو في فرنسا.
يري الخبراء أن إدراك الشركات لحجم خسائر الجريمة الالكترونية هو أول مراحل العلاج .
كانت سلسلة مطاعم تشيكن فيلا وبنك مورجان ستانلي ابرز الشركات التي انضمت مؤخرا» لقائمة طويلة من الأسماء اللامعة في أمريكا والتي اعترفت باختراق أنظمتها بما يعرض بيانات عملائها للخطر.
ولكن تقدير حجم خسائر قطاع الأعمال والبنوك من القرصنة الالكترونية أمر صعب نظرا لعدم اعتراف الكثيرين لما قد يسببه من إحراج وتضرر سمعة الشركة.
وأخيرا» أطلق الرئيس الأمريكي باراك أوباما حملة جديدة لتحسين مستوي الخصوصية والأمن المعلوماتي عن طريق إلزام الشركات بإبلاغ عملائها في حالة سرقة بياناتهم في غضون ثلاثين يوما» من اكتشاف الجريمة.
الخوف المبالغ فيه من التعرض لهجوم إليكتروني دفع بعض الشركات للإنفاق ببذخ علي حماية ملفاتها أو ربما توجيه إنفاقها في غير محله ،حتى إن البعض قد ينفق 100 دولار لكل 50 دولارا من الخسائر، وبحسب أكبر شركات التأمين الألمانية ، قفز إنفاق الشركات الأمريكية علي التأمين ضد القرصنة الالكترونية من 1.3 مليار دولار في عام 2013 إلي 2 مليار دولار العام الماضى.
ووفقا» لدراسة أجراها مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن فإن الجريمة الالكترونية تكبد العالم ما بين 300 مليار وتريليون دولار سنويا». قد تكون هناك مبالغة في تقدير الخسائر لكن الأمر المؤكد إن القضية مهمة ومتزايدة الانتشار.
تطورات الحرب الإلكترونية بين الصين وأمريكا
نفت الصين الأسبوع الماضي اتهامات بأنها سرقت تصاميم مقاتلات شبح من طراز اف-35 ووصفتها بأنها لا أساس لها من الصحة بعد أن نشرت مجلة ألمانية وثائق سربها المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأمريكية ادوارد سنودن بشأن هجوم الكتروني.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) قد أقرت بأن متسللين استهدفوا بيانات حساسة في برامج دفاعية مثل الطائرة المقاتلة جوينت سترايك اف-35 لكنها أحجمت عن اتهام الصين بأنها وراء الهجوم.
ويقول خبراء الدفاع إن هناك تشابها في عناصر التصميم بين مقاتلات شبح مصنوعة في الصين والمقاتلة اف-35.
ونفى البنتاجون وشركة لوكهيد مارتن التي تصنع الطائرة تسريب أي معلومات سرية أثناء الهجوم الالكتروني.
وكانت مجلة دير شبيجل الألمانية قد نشرت عددا من وثائق سنودن ومنها ورقة حكومية أمريكية على درجة عالية من السرية وتفيد بأن الصين سرقت بيانات بسعة عدة تيرابايت من برنامج اف-35 ومن بينها تصاميم رادار ورسوم تخطيطية للمحرك.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية هونغ لي للصحفيين «إن ما أطلق عليه أدلة تستخدم في توجيه اتهامات لا أساس لها من الصحة للصين غير مبررة على الإطلاق.»
وأضاف أن «الطبيعة المعقدة» للهجمات الالكترونية تجعل من الصعب تحديد المهاجم وأن الصين تريد العمل مع غيرها من الدول لوقف التسلل الالكتروني.
كان الرئيس الأمريكي باراك اوباما قد أعرب عن قلقه إزاء تزايد الاختراقات الالكترونية للمؤسسات الأمريكية قائلا» إن الإرهاب الالكتروني أكبر تهديد للولايات المتحدة .