اعلن العميد المتقاعد ريشار داغر لـ”الجمهورية” انه و“بغَضّ النظر عن موقفنا المعارض لتدخّل حزب الله في سوريا وللسلاح غير الشرعي، نعتبر انّ ما جرى هو ردّ الضرورة، إذ إنّ الحزب بات بعد اعتداء القنيطرة في موقف حرِج، فهو من جهة لا يستطيع “ابتلاع” هذا الاعتداء الذي أودى بقياديين كبار له، ومن جهة اخرى لا يستطيع الردّ بشكل ينزلق فيه الوضع في الجنوب الى حرب واسعة او تدهوُر عسكري كبير.
فما جرى إذن هو ردّ الضرورة الذي لا يستطيع الحزب التهرّب منه، وفي الوقت نفسه ردّ محدّد بعناية ومحدود ومتوازن بشكل يوصل فيه رسالتَه بأنّه لن يقف مكتوف الايدي حيال ايّ اعتداء يتعرّض له، وسيردّ وفي الوقت نفسه بدون أن يؤدّي الى انزلاق الوضع في الجنوب أو في غير مكان الى حرب أوسع أو الى تدهور عسكري كبير”.
وعن الرد في مزارع شبعا وليس في القنيطرة، أجاب داغر: “في رأيي لقد ردّ حيث يملك حرّية القرار في الردّ، فهو أوّلاً لا يستطيع التحرّك عسكرياً في القنيطرة من دون موافقة النظام السوري وإيران، وثانياً منطقة الجولان منطقة حساسة وخطرة وأيّ تجاوز للخطوط الحمر فيها يؤدّي الى انفجار واسع، وهنا تصبح القضية اكبر من قدرته على اتّخاذ قرار.
في القنيطرة والجولان هو ليس صاحب القرار، وطبعاً لا يستطيع ايضاً الرد عبر طرفي الحدود لأنّ ذلك سيستهدف مناطق مدنية او سيضطرّ للتسَلل، ما سيؤدّي الى تدهور واسع وضرب للقرار 1701 ، لذلك فإنّ اختيار مزارع شبعا له دلالاته التي تصبّ في إطار ردّ الضرورة المتّزن والمحدود، أي نختار أرضاً لبنانية محتلة كي نردّ، وهذا حقّ طبيعي لنا، وهنا سيعتبر الحزب، كما سينظر الرأي العام الدولي والاسرائيلي الى انّ ما حصل هو ضمن الهوامش “المسموح التحرّك فيها”، ففي المزارع هامش معيّن التحرّكُ فيه مسموح، فيستعمله الحزب ليردّ.
ثمّ هناك أمر آخر للدلالة على ردّ الضرورة، فالحزب استهدف قافلة عسكرية ولم يلجأ الى إطلاق الصواريخ على الداخل الاسرائيلي على مناطق مدنية آمنة كي لا يثارَ الراي العام الاسرائيلي والحكومة الإسرائيلية، فاختار المنطقة التي تحوم حولها علامات استفهام، واختار هدفاً عسكريا يظلّ هامش المناورة معه اكبر.
ولكلّ هذه الاسباب أعتقد انّ الامر سيتوقّف عند هذا الحد، لكن لا أستبعد إذا أتِيحت للحزب الفرصة ان لا يتأخّر في الرد مجدّداً وبشكل محدود، عِلماً أنّ الرد ستكون له هذه المرّة محاذير اكبر، إذ إنّ ردّه شكّل له عند اسرائيل تعادلاً إيجابيا “أي وحدة بوحدة”.