في تصعيد غربي متجدد ضد روسيا، كشفت مسودة اتفاق سيجري التوصل إليه في اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي ان الاتحاد سيمدد العقوبات التي فرضت على روسيا في آذار الماضي بسبب ضمها للقرم لمدة 6 أشهر اُخرى، على أن تُضم أسماء جديدة للأسماء المفروض عليها عقوبات بالفعل، والاعداد لاتخاذ خطوات جديدة.
وسرعان ما تناغمت واشنطن مع حليفتها أوروبا، حيث أعلن وزير الخزانة الاميركي جاك لو في كييف ان الولايات المتحدة ستتعاون مع الاتحاد الاوروبي من اجل تشديد العقوبات الاقتصادية على روسيا بسبب دورها في عودة العنف الى شرق اوكرانيا الانفصالي الموالي لموسكو. وقال للصحافيين ان «خيارنا الاول هو الحل الديبلوماسي الذي سيسمح لنا بتخفيف العقوبات. لكننا مستعدون لبذل المزيد اذا تطلب الامر. ولهذه الغاية سوف نواصل العمل مع حلفائنا لتشديد الضغط على روسيا«.
وفي مقابل محاصرة روسيا، أعلن الرئيس باراك اوباما والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عن قرب «وضع اللمسات النهائية على سلة متينة من الدعم المالي لاوكرانيا« بهدف استقرار اقتصادها الذي بات على شفير الانهيار والذي فقد بحسب كييف 20 في المئة من اجمالي ناتجه الداخلي بسبب النزاع في الشرق وضم شبه جزيرة القرم من قبل روسيا في اذار. وستتسلم اوكرانيا هذه السنة خصوصا ملياري دولار من القروض الاميركية شرط ان تطبق عددا من الاصلاحات، ولا سيما في مجال مكافحة الفساد، بحسب جاك لو.
وفي مواجهة الأزمة المالية العميقة التي تكابدها بسبب ثنائي العقوبات الغربية وتدهور أسعار النفط، أظهرت خطة للحكومة الروسية أمس أن موسكو تنوي إنفاق ما لا يقل عن 2.34 تريليوني روبل (35 مليار دولار) لمساعدة الاقتصاد في مواجهة العقوبات الغربية وانهيار أسعار النفط.
وكشفت الحكومة عن الاجراءات الاولى التي اعدتها لتخفيف آثار الازمة الاقتصادية والنقدية وبينها توفير في النفقات ومساعدات للقطاعات المصرفية والدفاعية والزراعية وكذلك اعادة النظر في معاشات التقاعد.
وجرى تحديد تكلفة 22 من بين البنود الستين التي تتضمنها الخطة، وهو ما يشير إلى أن التكلفة النهائية للخطة قد تكون أعلى بكثير من مبلغ 2.34 تريليوني روبل وهو القيمة الاجمالية لتكاليف البنود التي تم رصد تمويل لها. وقالت الخطة إن تلك التكاليف ما زالت تتوقف على مناقشة الحكومة لها.
وكان وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف، قال اول من امس إن الخطة لن تزيد النفقات الإجمالية في الموازنة بسبب احتياطات الموازنة وتخفيضات في أجزاء أخرى. وسيتم تمويل بعض البنود الرئيسية من صندوق الثروة الوطنية، وهو صندوق سيادي قيمته 80 مليار دولار كانت مهمته في السابق تمويل مشاريع البنية التحتية.
ومن بين الإجراءات التي لها الأولوية يأتي أكبر بند منفرد، وهو برنامج قيمته تريليون روبل لإعادة رسملة المصارف من خلال إصدار سندات حكومية وتم تمويله من الموازنة الفيدرالية للعام الماضي. وتتضمن الخطة برنامجا منفصلا للمساعدة في إعادة رسملة بعض المصارف بقيمة 250 مليار روبل من صندوق الثروة الوطنية. وتشمل الخطة 200 مليار روبل ضمانات حكومية لقروض لازمة «لتنفيذ مشروعات استثمارية« إلى جانب أهداف أخرى وافقت عليها الحكومة منها إعادة هيكلة ديون.
وتهدف الحكومة أيضاً الى خفض «أغلب« خطط الإنفاق بنسبة 10 في المئة في 2015 باستثناء الإنفاق على الدفاع والإنفاق الاجتماعي وسداد الديون بهدف الوصول إلى موازنة لا عجز فيها بحلول عام 2017. وأضافت أن موارد الاستثمار في الموازنة ستتركز على المشروعات التي بدأت بالفعل وسيتم تأجيل بعض المشروعات الجديدة.
وبذلك، تكون الحكومة قد أعلنت الخطة التي ستكتمل بنودها في الربيع، من أجل تحقيق «التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي«. وتنص على خفض نفقات الموازنة بنسبة 5 في المئة سنويا على مدى 3 أعوام لدعم تمويل الاقتصاد. وهكذا، سيتم تفادي خفض التقديمات الاجتماعية والنفقات المرتبطة بالدفاع والتي تحتل اهمية متنامية في السنوات الاخيرة بدفع من الرئيس فلاديمير بوتين.
ومن دون احتساب خطة مساعدة المصارف التي اعلنت وتم تمويلها منذ نهاية 2014 ولكنها واردة في الخطة مجددا، فإن الاجراءات المعلنة تمثل 1332 مليار روبل (17,4 مليار يورو) وسيتم صرفها جزئيا من الموازنة وانما خصوصا من الصناديق التي اودع فيها قسم من عائدات المحروقات في السنوات الاخيرة.
وتهدف هذه الاجراءات الى «التكيف مع الظروف الجديدة« وحماية الشركات والمواطنين الاكثر ضعفا، كما اوضح وزير المالية انطون سيلوانوف امام اعضاء مجلس الشيوخ. وعرض سيلوانوف رقم 200 مليار دولار على انه كلفة «الصدمات الخارجية« لميزان المدفوعات – عقوبات وتدهور سعر النفط- والتي تمثل «طابعا طويل الامد«.
واضاف الوزير ان «احدى اهم مهماتنا حاليا هي عدم تبذير احتياطاتنا والمتانة المالية التي ثبتناها في السنوات الاخيرة«. وقال ايضا ان «الهدف هو عدم انفاق« هذه الاحتياطات «في غضون عام واحد« مع العلم انها تمثل ما مجموعه 137 مليار يورو.
ومن وجهة نظر اجتماعية، فإن القسم المتعلق برسملة التقاعد سيعاد تقويمه في الاول من شباط الى اكثر من 11 في المئة، اي مستوى التضخم في 2014، الامر الذي سيكلف 188 مليار روبل (2,5 ملياري يورو). وسيتم تخصيص اموال لدعم سوق العمل.
وللمحافظة على تمويل الاقتصاد، ستجري عمليات ضخ سيولة اخرى اضافة الى ما اعلن في خطة اعادة رسملة القطاع المصرفي من اموال عامة تصل الى الف مليار روبل (13 مليار يورو). ويفترض ايضا تخصيص المصارف بما يصل الى 250 مليار روبل (3,3 مليارات يورو) تذهب خصيصا للبنى التحتية اضافة الى منح 300 مليار روبل (3,9 مليارات يورو) لمصرف التنمية (في.تي.بي) لتقديم تسليفات للفاعلين الاقتصاديين.
وتنص الخطة ايضا على انشاء هيئة خاصة بالتسليفات المشكوك في تحصيلها والتي تهدد بالتراكم في حسابات المصارف، في الوقت الذي تواجه فيه هذه الاخيرة هشاشة بسبب انهيار سعر صرف الروبل. واستخدمت بعض الدول الاوروبية مثل هذه الالية في السنوات الاخيرة.
وسيحصل القطاع الزراعي من جهته على 50 مليار روبل (650 مليون يورو) من المساعدات الاضافية، اضافة الى الاموال التي سبق وصرفت لمساعدته على التعويض عن الحصار الذي فرض على المنتجات الغذائية الزراعية الاوروبية والاميركية بسبب الازمة الاوكرانية.
وبين الاجراءات الاخرى، تعتزم الحكومة خصوصا مساعدة قطاع الدفاع للتعويض عن الخسائر التي نجمت عن زيادة الواردات، والمساعدات المقدمة لبعض التسليفات او ايضا مساعدة بعض الخطوط الجوية الداخلية غير المربحة.
وتوقعت السلطات انه اذا بقي سعر برميل النفط على مستواه الحالي، فان اجمالي الناتج الداخلي لروسيا قد يتدهور بنسبة 5 في المئة هذه السنة مقابل نمو مقدر بحدود 0,6 في المئة العام الماضي.
على صعيد متصل، وفي مؤشر على معاناة الشركة من نقص السيولة، قال نيكولاي بودغوزوف نائب وزير الاقتصاد الروسي أمس إن وزارة الاقتصاد تراجع طلبا من «روسنفت» النفطية للحصول على تمويل قدره 1.3 تريليون روبل (19.2 مليار دولار) من صندوق الثروة الوطنية لتمويل 28 مشروعا. وأضاف أنه نظرا للوضع الاقتصادي الصعب فمن المتوقع أن تختار روسنفت والوزارة أهم المشروعات التي تحتاج إلى تمويل.