IMLebanon

أسواق المال الخليجية تتجاهل نتائج الشركات

ArabStockMarkets
زياد الدباس
تزدحم الأسواق المالية في المنطقة خلال هذه الفترة من كل عام بالإفصاحات عن نتائج الشركات ومستويات أدائها عن فترة الربع الأخير من العام الماضي وفترة العام الماضي بأكمله، إضافة إلى الإفصاح عن قرارات مجالس إدارات الشركات عن توزيعاتها السنوية، سواء الأرباح النقدية أو الأسهم المجانية، وموعد انعقاد الجمعيات العمومية السنوية لهذه الشركات.
ولعائدات المساهمين من استثماراتهم في أسهم الشركات المساهمة العامة المدرجة في الأسواق المالية ثلاثة مصادر، الأول الأرباح الرأسمالية الناتجة من ارتفاع أسعار أسهم هذه الشركات في السوق، والمصدر الثاني التوزيعات النقدية السنوية، والمصدر الثالث الأسهم المجانية التي تبادر بعض الشركات إلى توزيعها على المساهمين كل بضع سنوات.
وقرارات توزيع الأرباح السنوية تعتبر من القرارات المالية والاستثمارية المهمة نظراً إلى تأثيرها في قيمة الشركات وخططها الاستثمارية ومدى حاجتها إلى التمويل. وفي المقابل تعطي سياسة التوزيع السنوية لجهة قيمتها ونسبتها، إشارات مهمة للمساهمين والمستثمرين المحتملين إلى قوة الشركات وملاءتها المالية وكفاءة إدارتها وارتفاع سيولتها مع الأخذ في الاعتبار ان قوة التدفقات النقدية وقوة رأس المال العامل تأتيان في مقدم العوامل التي تؤثر في توزيعات الشركات في ظل استمرار تشدد المصارف في منح القروض إلى الشركات في العديد من القطاعات الاقتصادية ما أدى إلى تعثر بعض هذه الشركات.
وصغار المساهمين بالإضافة إلى المضاربين عادة ما يفضلون توزيع اكبر نسبة من الأرباح المحققة تحت شعار عصفور في اليد، بينما يأخذ كبار المساهمين وأعضاء مجالس الإدارة في الاعتبار عند اتخاذ قرارات التوزيع، الوضع المالي للشركات ومدى الحاجة إلى السيولة لتنفيذ المشاريع والتوسعات.
ومصارف أبو ظبي القيادية، مثلاً، وهي مؤسسات تساهم الحكومة بنسب مهمة من رؤوس أموالها، لا تفضل توزيع نسبة كبيرة من أرباحها لقناعة مجالس الإدارة بأن العائد المحقق من إعادة توظيف الأموال الفائضة عن التوزيعات في أعمال هذه المصارف يتجاوز بنسبة كبيرة العائد المحقق لو وظف المساهمون الأموال الموزعة عليهم بأنفسهم، فيتجاوز متوسط العائد على حقوق مساهمي «بنك أبو ظبي الوطني» و «بنك أبو ظبي التجاري» و «بنك الاتحاد الوطني»، مثلاً، حاجز 17 في المئة، وهي عائدات تعتبر قياسية ومنافسة لعائدات الأدوات الاستثمارية الأخرى، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار انخفاض سعر الفائدة على الودائع وانخفاض مستوى التضخم ما يخفض العائد المطلوب تحقيقه من الاستثمار في الأسواق المالية.
ويساهـــم العائد المتميـــز مـــن الاستثـــمار فـــي الأسهم فــــي الحفاظ على القـــوة الشرائية للأموال المستثمرة مع الإشارة إلى ان المصرف المـــركزي الإماراتي، وهو المسؤول عن سلامة القطاع المصرفي وقــــوته، وضــــع حداً للأرباح السنوية الموزعة على المساهمين بحيث لا تتجاوز ما نســـبته 50 في المئة من إجمالي الأرباح المحققة. والشركات المساهمة العامة التي لا تحتاج إلى السيولة عادة ما توزع نسبة مهمة من أرباحها المحققة.
وتفضل نسبة مهمة من المستثمرين الاستثمار في أسهم الشركات التي تحافظ على نسبة التوزيعات وتبادر إلى رفعها عندما تنمو الأرباح باعتبار ان الأرباح الموزعة مصدر دخل لها، بينما يؤدي التذبذب في الأرباح الموزعة ارتفاعاً وانخفاضاً إلى صعوبة احتساب العائد المتوقع تحقيقه. وعزز سخاء معظم الشركات الإماراتية وفي مقدمها المصارف في التوزيعات، سواء النقدية أو الأسهم المجانية، حجم الطلب على أسهمها في الأسواق، خصوصاً من المستثمرين في الأجل الطويل والشركات المساهمة.
وفي السنوات الأولى لتأسيسها عادة ما تحتفظ الشركات بكل الأرباح المحققة بهدف تعزيز رأس مالها العامل لتتمكن من تنفيذ مشاريعها فلا تضطر إلى اللجوء إلى المصارف للحصول على قروض عادة ما تشكل نسبة مهمة من نفقاتها التشغيلية. ولا تسمح القوانين في العديد من أسواق المنطقة للشركات بتوزيع أرباح مصدرها احتياطات الشركات القانونية، بينما تسمح بتوزيع أرباح مصدرها الأرباح المدورة أو الاحتياطات الاختيارية، كما لا تسمح بتوزيع أرباح مصدرها أرباح غير محققة أو دفترية مثل الأرباح الناتجة من إعادة تقويم الأصول والتي لم يجرِ التصرف بها، لذلك تبادر معظم الشركات التي تحتفظ باستثمارات وحققت أرباحاً جيدة من هذه الاستثمارات خلال العام وتنوي توزيع أرباح على مساهميها، إلى تسييل جزء من استثماراتها فتظهر هذه الأرباح في إيرادات الشركات تحت بند إيرادات الاستثمارات. وثمة أهمية للإشارة إلى تفاصيل الاستثمارات المباعة وتكلفة شرائها.
واللافت للانتباه خلال هذه الفترة عدم تفاعل معظم الأسواق المالية في المنطقة مع نتائج الشركات ونمو أرباحها وتوزيعاتها التي فاقت التوقعات في أسواق الإمارات، مثلاً، بعدما كان المحللون أجمعوا على ان موسم الإفصاح خلال هذه الفترة سيكون المحفز المهم لحجم الطلب وتعزيز السيولة في الأسواق. وساهمت التوزيعات السخية في تحسن كبير في مؤشر ريع الأسهم وبالتالي جاذبية الأسعار، لكن عدم التفاعل مصدره عوامل تأتي في مقدمها عوامل نفسية مرتبطة بتحركات وتوقعات سعر النفط خلال هذا العام بعد الانخفاض القياسي في سعره.
ويجب الأخذ في الاعتبار ان سيولة المضاربين التي تشكل ما نسبته 85 في المئة من إجمالي السيولة في معظم أسواق المنطقة لا تلتفت خلال هذه الفترة إلى الأساسيات المختلفة أو التوزيعات المغرية أو نسب النمو المتميزة في صافي أرباح الشركات بمقدار متابعتها التحليل الفني وابتعادها عن التحليل الأساسي إضافة إلى متابعتها حركة الأسواق المالية العالمية ومؤشرات أداء الاقتصاد العالمي. ويُلاحَظ بالتالي تذبذب كبير في مؤشرات أداء الأسواق وأسعار أسهم الشركات المدرجة الذي ساهم في ارتفاع أخطارها وارتفاع التوزيعات التي جرى الإفصاح عنها.