Site icon IMLebanon

ثراء «جوجل» الهائل يشتري لها كثيرا من الأحلام

google
ريتشارد ووترز

مع سعيها إلى مشاريع مثل سيارات بلا سائق وشبكة عالمية من البالونات للوصول إلى شبكة الإنترنت، قد تبدو الشركة كأنها ملعب لعلماء الكمبيوتر، غير متأثرة بالواقع التجاري الطبيعي. لكن داخل شركة جوجل مثل هذه الأوصاف مرفوضة جملة وتفصيلا.

في مقابلة مع “فاينانشيال تايمز” الأسبوع الماضي، قال كريس أورمسون، رئيس مشروع السيارة ذاتية القيادة “لسنا هنا لنكون مصنع ويلي وونكا للشوكولاتة”، مضيفا “نحن هنا لاستكشاف مشكلات صعبة لم يتم التطرق إليها في أماكن أخرى وتحريكها لتصبح منتجات والخروج بها إلى العالم”.

تلك الطموحات عانت لتوها واحدة من نكساتها الأكثر وضوحا. جوجل جلاس – مبادرة النظارات الذكية التي، مثل مشروع السيارة ذاتية القيادة، تعتبر أحد منتجات معمل “جوجل X” التجريبي – تم إرسالها مرة أخرى إلى نقطة البداية في الأسبوع الماضي. وتم تعليق مبيعات النسخة التجريبية المثيرة للجدل، وكذلك تعليق خطط لإخراج أنموذج منقح بسبب إخضاع المشروع لإدارة جديدة داخل الشركة.

ومع مرور وول ستريت بواحدة من أزماتها الدورية بسبب تأثير إنفاق “جوجل” المرتفع في هوامش الربح – بما في ذلك التأثير في مشاريع “الإطلاق إلى القمر” – كان التوقيت سيئا. في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، عندما ارتفعت الإيرادات بنسبة 20 في المائة، وارتفعت تكاليف التشغيل بنسبة 30 في المائة، وقفزت الأبحاث والتنمية بنسبة 35 في المائة.

وعلى الرغم من جهود “جوجل” لتصوير التغييرات في مشروع النظارة الذكية على أنها تطور منطقي لمنتج يسعى نحو وجود تجاري كامل، إلا أنها لم تكن قادرة على إخفاء حجم النكسة. وأصبحت النظارة الذكية بالفعل المعرض الأول للنقاد الذين يتهمون الشركة بتقويض الخصوصية الشخصية لتحقيق مكاسب شخصية.

وخلال مناسبة نظمتها “فاينانشيال تايمز” في الشهر الماضي، وعد إيريك شميت، رئيس مجلس إدارة “جوجل”، بأن تنزل “جلاس 2” إلى السوق قريبا، إلا أن العكس هو ما حدث، إذ إن قرار إخضاع النظارة الذكية لسيطرة توني فاديل، التنفيذي السابق لدى شركة أبل الذي يدير شعبة المنزل الذكي في شركة نيست التابعة لـ “جوجل”، تم اتخاذه فقط في الأيام الأخيرة، وفقا لشخص على دراية بالتغيير. وكانت خطوة فاديل الأولى هي أخذ المنتج مرة أخرى خلف أبواب مغلقة، مع عدم وجود أي خطط لإظهاره علنا مرة أخرى حتى تكون هناك إعادة نظر شاملة في الموضوع.

ومع ذلك من غير المرجح فيما يبدو، أن تحد المعالجة الفاشلة للمرحلة الأولى من مشروع النظارة الذكية – التي تلقت دعما متحمسا من المؤسس المشارك للشركة، سيرجي برين – من طموحات الشركة.

ويقول مارك ماهاني، وهو محلل لدى “آر بي سي” للأسواق الرأسمالية “بالطبع ينبغي لهم الاستثمار في مثل هذه المشاريع. ما لا شك فيه أن الأجهزة التي يمكن ارتداؤها ستكون فرصة كبيرة جدا. إذا لم تتمكن من إتقانها على الوجه السليم من المرة الأولى فليس معنى هذا أن عليك أن تتوقف”. لكن النكسة أثارت تساؤلات حول نظام الإدارة والاستثمار في شركة جوجل. وكان قد تم تأسيس “جوجل X” بناء على اعتقاد أن الشركة يمكنها تحقيق قفزات هائلة عن طريق الخروج بأفكار لمنتجات طموحة تبدو مستحيلة من الناحية التكنولوجية، ومن ثم تقديمها تحديا لمهندسي الشركة من أجل تصنيعها.

وهذا على عكس عملية تقوم بها شركة أبل، حيث عمل فاديل في السابق على تصنيع جهاز الآيبود. هناك تخضع التكنولوجيا دائما لتجربة المستخدمين، مع القيام أحيانا بتنقيح النماذج الأولية لسنوات سرا قبل طرحها في الأسواق.

وثارت وول ستريت أيضا للمطالبة بمزيد من الإفصاح المالي حول رهانات “جوجل” الكبيرة في المستقبل، على الرغم من أن لاري بيج، الرئيس التنفيذي، جادل بأن هذا قد يعطي معلومات قيمة للمنافسين. ومن دون مزيد من التبصر، يخشى المستثمرون حدوث نقص في الانضباط.

ولا يوجد حتى اتفاق عام حول سبب إقدام “جوجل” على بعض الرهانات الكبيرة. إحدى وجهات النظر ترى أن دعم أي شيء متصل بالإنترنت – بما في ذلك السيارات – يعد أمرا منطقيا، إذا وفر لـ “جوجل” مزيدا من البيانات والوصول. لكن هذا ليس بالطريقة التي تراها “جوجل”، حيث تبرر المشاريع الكبيرة نفسها بنفسها.

ويقول أورمسون “الأمر ليس مجرد، أنتم يا رفاق تريدون مزيدا من الناس أن يبحثوا عن إعلانات داخل السيارة – هذا ليس صحيحا”. ويضيف “بالنسبة للاري وسيرجي، هما يريدان حقا الخروج بحل لمشكلات كبيرة”. وإحداث “أثر إيجابي هائل في المجتمع” ينبغي أن يؤدي إلى أعمال تجارية كبيرة جديدة، حتى لو لم تتضح إلى الآن طريقة كسب المال. وأصبحت المقارنات مع محاولات “مايكروسوفت” التوسع خارج نطاق احتكارها الرئيسي أمرا من الصعب تجاهله، سواء من المشجعين أو النقاد. ومثلما تضخ “مايكروسوفت” مليارات الدولارات في محرك البحث “بينج” خاصتها، أصبح رهان “جوجل” الكبير على شبكات التواصل الاجتماعي من خلال “جوجل X” ينظر إليه على أنه فشل ذريع.

لكن بينما تعرضت “مايكروسوفت” لانتكاسة أثناء بحثها عن أسواق جديدة، كانت “جوجل” متنبهة أكثر حيال رهاناتها الكبيرة في المستقبل، كما يقول ماهاني “لقد رأيت مزيدا من شركات التكنولوجيا تفقد قيمتها جراء عدم استثمارها في النمو – مثل أمريكا أون لاين، وياهو، وإي باي”.

وأيا كان شعورهم حيال ذلك، لا توجد خيارات تذكر أمام مساهمي “جوجل” سوى المضي قدما. في العام الماضي عزز بيج وبرين قبضتهما على الشركة، بإصدارهما فئة ثالثة جديدة من الأسهم من شأنها أن تمنع إضعاف سيطرتهما الغالبة في أي وقت. ويقول الشخص المقرب من الشركة “أنسب الأمور هو الاستثمار في “جوجل”. إذا كنت لا تريد تحمل تلك المخاطر، تستطيع الاستثمار في شركة أخرى”.