عاد الرهان على تحريك ملف الانتخابات الرئاسية في لبنان. هبت موجة تفاؤل جديدة جعلت عددا من السياسيين يضربون موعدا محتملا لانتخاب رئيس. يقول احد هولاء ان “معطيات كثيرة يمكن ان تحمل في طياتها، او على هامشها، ما يدفع باتجاه ملء الشغور في القصر الجمهوري في بعبدا في اواخر شهر آذار.. او حتى اواسط نيسان كحد اقصى”.
يستند هولاء في تفاؤلهم الى قراءة احداث المنطقة وتطوراتها واجندة الدول فيها وفي العالم. ففي 17 آذار تُنجز الانتخابات الاسرائيلية مع ما يرافقها من توتر ومحاولات ابتزاز داخلية وخارجية. بالتالي، سيتيح ذلك بدء ملامسة ملفات المنطقة الشائكة، وقد يكون اسهلها، على صعوبته، ملف الرئاسة اللبنانية.
يتزامن انتهاء الانتخابات الاسرائيلية مع بدء جولة تفاوض جديدة بين ايران ومجموعة الدول الست، لمحاولة انجاز الاتفاق التقني في الملف النووي تمهيدا للعمل على توافق شامل يفترض ان يتم الاعلان عنه في حزيران المقبل. يضيف السياسي إنه “وفق ما يمكن تلمسه من اشارات ومؤشرات فان الامور تتجه الى خطوات ايجابية قد تكون لها ترجماتها في اكثر من قضية عالقة ومنها انتخابات الرئاسة”.
هل يمكن، استنادا الى هذا الكلام، ان يتكرر سيناريو انتخاب الرئيس ميشال سليمان، فيكون للبنان رئيس في الجلسة العشرين التي سيدعو اليها الرئيس نبيه بري؟
يجيب السياسي لـ”السفير” : “اذا حدد موعد الجلسة في أواخر آذار فذلك ليس مستبعدا. لكن على الارجح سنشهد موعدين او ثلاثة بعد، قبل ان يزهر موسم الرئاسة اللبنانية مع بداية الربيع”. ويتمنى ان يحصل ذلك “على البارد”، بمعنى “الا نكون قد اضطررنا الى دفع اثمان التسويات اهتزازا امنيا من اي نوع، في اللحظة التي تسبق التوافق الشامل”.
يتقاطع كلام السياسي مع معلومات لمسؤول حزبي مسيحي يؤكد انه “عاد الحراك والاهتمام مجددا الى هذا الملف. ففرنسا لم ترم اوراقها تماما، والفاتيكان يواصل عبر قنواته الدفع باتجاه تقديم كل الدعم الدولي والتسهيلات من اجل تأمين انتخاب رئيس. ولا شك ان القيادة الجديدة في السعودية لديها الرغبة في انجاز ايجابي في الملف اللبناني، خصوصا بعد ان اطمأنت، على ما تم تسريبه من لقاء الملك الجديد بالرئيس اوباما، من ان الولايات المتحدة لن تنجز اي ملف، خصوصا مع ايران، على حساب السعودية وصداقتها معها. كما ان ايران لا بد من ان تقدم بعض الدلالات عن حسن نواياها، وهذا اسهل في لبنان منه في سوريا او العراق او اليمن مثلا”.
يتابع المسؤول الحزبي “لذا يمكن التفاؤل بامكانية الوصول الى حل قريب ينهي الشغور في سدة الرئاسة. وان الارضية الداخلية مهيأة لذلك. فحوار “حزب الله” ــ “المستقبل”، كما حوار “القوات” و “التيار الوطني” خلقا مناخا يمكن البناء عليه على اكثر من صعيد، وعسى ان تكون الرئاسة حجر الزاوية فيه”.
في موازاة هذا الكم من التفاؤل الرئاسي، يشير المسؤول الحزبي الى ان “الرهان على الايجابيات وتمني المراكمة عليها لا يلغي ان واقعنا اليوم مأزوم. فضوء الرئاسة الخافت الذي يلوح بعيدا يمكن ان تطفئه تطورات امنية دراماتيكية. فنحن مهددون من الشمال والبقاع والجنوب، وحصانتنا الداخلية تزداد تآكلا. واوضاعنا من الهشاشة بما يجعل خضة امنية صغيرة تعيدنا سنوات الى الوراء. لذا فان الربيع الذي نأمل ان تتفتح فيه بذور الرئاسة يحتمل ايضا ان يخبئ لنا وديعة قاسية من الشتاء. وقوتنا هي في تحصين ساحتنا الداخلية وعدم اضافة نقاط خلافية على النقاط الكثيرة الموجودة اصلا ومحاولة التخفيف منها ومن تداعياتها”.