Site icon IMLebanon

هل ستتأثر تحويلات المغتربين اللبنانيين بهبوط النفط و تباطؤ النموّ العالمي؟

OilDollar
داني حريز

يترقب اللبنانيون بارتياح تراجع اسعار المحروقات بسبب هبوط أسعار النفط العالمية بأكثر من 55% منذ النصف الأول من العام الماضي و يأملون أن تستمر موجة الهبوط لتطال السلع والخدمات التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بالنفط. لكن في الوقت نفسه، تشكل التقارير التي تتوقع استمرار انخفاض النفط في السنوات القليلة المقبلة، مصدر قلق لفئة من الشعب اللبناني التي تعتمد بشكل كلي أو جزئي على تحويلات المغتربين اللبنانيين في الدول النفطية وتخشى أن ينعكس تباطؤ اقتصادات تلك الدول تراجعاً في التحويلات المالية التي يتلقونها.
وتعتبر تحويلات المغتربين شرياناً حيوياً ومهماً للحياة الاقتصادية في لبنان ومن اهمّ مصادر العملة الأجنبية الضرورية لتمويل الواردات ولتغطية حاجات الأسر ولتقليص عجز ميزان المدفوعات.
وتشكل التحويلات حوالى 17% من الناتج المحلي الاجمالي وتقدر قيمتها بـ 7.7 مليارات دولار سنوياً لكن لا يوجد أرقام حول التحويلات التي لا تمر بالقنوات المالية الرسمية ومعظمها من أفريقيا وتقدر قيمتها بملايين الدولارات.
وتشير تقديرات المؤسسات المالية الدولية ووكالات التصنيف الائتماني الى أن النمو الاقتصادي للدول الخليجية سيتباطأ في العام الحالي مع استمرار تراجع النفط (المصدر الرئيسي للدخل في تلك الدول).
ولكن هل سيتأثر لبنان سلباً بالتباطؤ في الخليج؟
يعمل في الخليج أكثر من 400 ألف لبناني القسم الأكبر منهم يرسلون تحويلات مالية الى لبنان، وفي معظم الاحيان تكون هذه التحويلات المورد الرئيس لبعض الأسر.
وتشكل التحويلات من السعودية 50% من اجمالي تحويلات المغتربين (3.8 مليارات دولار)، اذ يعمل في المملكة وحدها حوالى 300 ألف لبناني.
وبما أن السعودية هي اكبر دولة مصدرة للنفط في العالم ويعتمد اقتصادها بشكل كبير على القطاع النفطي، يتوقع الخبراء ان يتباطأ نموها في 2015 اذا استمرت اسعار الخام في التراجع او بقيت عند مستوياتها المنخفضة.
وبالرغم من أن المملكة أكدت أنها ستواصل اعتماد السياسة الاقتصادية والنفطية ذاتها التي انتهجتها في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز، كما اكدت انها لا تعتزم خفض الانفاق العام ستقوم في المقابل بالسحب من احتياطاها النقدية الهائلة التي كونتها في السنوات الماضية للتعويض عن تراجع عائداتها النفطية، غير أن هذه التأكيدات لا تريح بعض الخبراء الذين يتخوفون من ان ترجئ المملكة تنفيذ واطلاق مشاريع جديدة. ولتعويض تراجع ايرادات النفط ستخفض السعودية وغيرها من دول الخليج الدعم على المحروقات وبعض السلع الاساسية وقد تفرض ضرائب على المواطنين والمقيمين الامر الذي سيؤدي الى ارتفاع معدلات التضخم الى اكثر من 6.1% وزيادة تكلفة المعيشة.
ومن شأن تأجيل المشاريع أو الغائها أن يؤدي الى صرف موظفين وعمال لبنانيين وبالتالي سيعودون الى بلدهم لينضموا الى قوافل العاطلين من العمل.
كما أن تأجيل المشاريع سيحرم رجال أعمال لبنانيين فرصاً استثمارية كبيرة في الخليج الأمر الذي قد يؤدي الى تراجع ايراداتهم وتحويلاتهم الى لبنان والتي يُستخدم قسم منها في تعزيز ملاءة المصارف.
وبالنسبة للمقيمين في الامارات والكويت فمن المحتمل أن تكون أوضاعهم أصعب، حيث ان امارة دبي تعتزم رفع اسعار الكهرباء والمياه وتخفيض الدعم عن الوقود وهو ما ينذر بارتفاع الاسعار وزيادة الاعباء المعيشية على المقيمين. وفي الكويت، أقرت الحكومة موازنة تقشفية للسنة المالية المقبلة 2015-2016 تتضمن مصروفات اقل بـ 17.8% عما هو مقرر في السنة المالية الحالية 2014-2015. ويعني ذلك ان الكويت ايضاً ستخفض انفاقها العام و قد يتم ارجاء العديد من المشاريع فيها وهو ما قد يؤدي الى صرف عمال و موظفين لبنانيين.
} التحويلات
من أفريقيا }
تأتي التحويلات من أفريقيا في المركز الثاني بعد التحويلات من دول الخليج. ويستثمر اللبنانيون مليارات الدولارات في الدول الافريقية بشكل عام والنفطية بشكل خاص مثل أنغولا ونيجيريا، أكبر اقتصاد في أفريقيا، والتي تحتضن جالية لبنانية كبيرة.
وتضرر الاقتصاد النيجيري بشدة جراء تراجع النفط في الآونة الأخيرة واضطرت الحكومة الى خفض العملة النيجيرية بنسبة 30% الأمر الذي قد ينعكس سلباً على تحويلات اللبنانيين من هذا البلد بسبب تراجع المداخيل.
ولا تقتصر المشاكل الاقتصادية التي تعانيها القارة السمراء على تراجع النفط، اذ حذر صندوق النقد الدولي من تضرر معظم الاقتصادات الأفريقية بسبب تباطؤ النمو في الصين والرفع المرتقب لأسعار الفائدة في أميركا.
وفي السنوات الماضية تفوقت الصين على الدول الاوروبية في حجم الاستثمارات في أفريقيا، وباتت الاستثمارات الصينية محرك النمو في القارة وقد يؤدي تباطؤ النمو في الصين الى تراجع الاستثمارات في أفريقيا وبالتالي قد يتم تأجيل مشاريع عملاقة الأمر الذي قد ينعكس سلباً على استثمارات اللبنانيين وأرباح الشركات اللبنانية العاملة في أفريقيا.
} تراجع اليورو }
من غير المتوقع أن تستمر حالة الركود في منطقة اليورو في 2015 حيث يتوقع خبراء انتعاش اقتصاد منطقة العملة الموحدة بعد أن قرر المصرف المركزي الأوروبي ضخ تريليون يورو في الجهاز المصرفي في العامين المقبلين بهدف دفع النمو وخلق مئات آلاف الوظائف.
ومن المستبعد أن تتراجع تحويلات اللبنانيين من المنطقة غير أن استمرار تراجع اليورو أمام الدولار من شأنه أن يقلص القدرة الشرائية لتلك التحويلات.
بغض النظر عن مدى تأثر تحويلات المغتربين اللبنانيين بالظروف الاقتصادية الدولية لا بد من أن تعمد الحكومة اللبنانية الى تصحيح أسعار السلع والخدمات المرتبطة بشكل أو بآخر بالنفط للاستفادة قدر الإمكان من تراجع الاسعار عالمياً ولتخفيف الاعباء المعيشية عن المواطن اللبناني.