كشفت اوساط ديبلوماسية غربية في بيروت لـ”الديار” عن ظروف جديدة تحيط بالحراك الديبلوماسي الفرنسي من خلال المحادثات المرتقبة لمدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية فرانسوا جيرو مع القيادات اللبنانية، وذلك بهدف عرض تطورات الاستحقاق الرئاسي المتعثر والاطلاع مجدداً على وجهات النظر التي ما زالت متباينة لاجراء انتخابات رئاسة الجمهورية في اقرب موعد ممكن، وفيما يبدو العنوان الاساسي لمهمة الديبلوماسي الفرنسي في العاصمة اللبنانية كما في عواصم المنطقة، اطلاق مبادرة لتسهيل حصول الانتخابات الرئاسية، فان العقدة الاساسية لا تزال خارج الساحة المحلية على حدّ قول مصادر نيابية مواكبة للمبادرة الفرنسية منذ البداية.
وبرأي هذه المصادر فان هامش القرار او الحرية الذي كان متاحاً امام القوى السياسية اللبنانية لانضاج ظروف الاستحقاق الرئاسي، قد بدأ يضيق منذ اللحظة التي انقسم فيها اللبنانيون بشكل كبير ازاء الترشيحات المعلنة وتكرس واقع الارتباط بالعواصم الاقليمية وتالياً الدولية واقفال كل الابواب التي كانت مفتوحة امام تسوية داخلية تكون على طريقة اتفاق الدوحة الاخير وتؤمن ملء الشغور في قصر الرئاسة وتعيد الحياة الى المؤسسات بالحد الادنى من الاضرار الممكنة.
واضافت المصادر ان الظروف الاقليمية وبشكل خاص الصراع في سوريا، قد جعل من القرار الرئاسي في لبنان، قابلاً للبحث الداخلي ولو من حيث الاتفاق على مرشح مقبول من الجميع ولا يحظى بمعارضة اي من القوى الاساسية في فريقي 8 و14 آذار، لكن استمرار التأخير في هذا الاتفاق نزع المبادرة بالكامل الى الاطراف الاقليمية فيما تنشط اكثر من عاصمة اوروبية واخيراً باريس في اطلاق سلسلة من الجهود والمساعي في عواصم المنطقة وآخرها طهران بعد الرياض للبحث عن العوائق التي تمنع تلاقي القيادات اللبنانية خاصة بعد المناخ الحواري العام السائد منذ نحو شهر على الساحة الداخلية.
وفي سياق متصل اعتبرت الاوساط الديبلوماسية الغربية ان الخارجية الفرنسية تنظر الى حوار «المستقبل» و«حزب الله» والى التقارب بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، كنشاط سياسي محلي يهدف الى تحريك عجلة الاستحقاق الرئاسي قبل اي استحقاق آخر كون الانتخابات الرئاسية تشكل المدخل الى انتظام الحياة السياسية في لبنان والسبيل الوحيد لحمايته من الاخطار الكثيرة التي تتهدده وتبقي المظلة الدولية الحامية للاستقرار فوق ساحته وارضه سواء في البقاع أو في الجنوب وهو ما بدا جلياً في الايام الاخيرة عبر الضغط الدولي على اسرائىل لمنعها من العدوان على لبنان. واضافت ان الديبلوماسي الفرنسي الذي كان من المقرر ان يزور بيروت منذ اسابيع، يهدف في جولته الحالية في المنطقة كما في لبنان الى استطلاع المناخات «الحوارية» وعرض ما تحقق خلالها على صعيد الاستحقاق الرئاسي وذلك لجهة التوافق الداخلي خاصة بين الافرقاء المسيحيين حول هذا الملف بعدما برز تقدم في العلاقات ما بين العماد عون والدكتور جعجع في الشهرين الماضيين وقد يسمح بتوقع تحول ايجابي في مواقف الطرفين ازاء المعركة الرئاسية وترشيحهما للرئاسة من قبل فريقي السلطة الاساسيين.