المشهد من مكاتب مجموعة كناري وارف في وان كندا سكوير – أول وأطول ناطحة سحاب في دوكلاندز في لندن – يعد واحدا من أفضل المشاهد في المدينة.
وبالنسبة لأعضاء مجلس إدارة سونجبيرد Songbird، الشركة القابضة التي أصولها الوحيدة هي حصة أغلبية في كناري وارف، ذلك المشهد سيكون مثل تذكير بالاهتمام المذهل بالأصول العقارية ذات الأهمية الكبيرة في لندن.
وكان أعضاء مجلس إدارة سونجبيرد قد التقوا هناك في كانون الأول (ديسمبر)، مع بعض الاتصالات الواردة من الخارج، لأنهم كانوا يواجهون عملية استحواذ من قِبل شركة بروكفيلد Brookfield الكندية وصندوق الثروة السيادية في قطر – وهي صفقة إذا تمت، ستكون الأكبر في سوق العقارات في المملكة المتحدة منذ عشرة أعوام.
بروكفيلد، شركة إدارة الأصول العقارية وهيئة الاستثمار القطرية اتحدّا لإطلاق عرض جريء بقيمة 2.6 مليار جنيه استرليني لشراء محفظة سونجبيرد في كناري وارف، المشتملة على 34 مبنى مكتبيا و300 متجر ومطعم، تخدم العاملين في الحي المالي شرقي لندن، البالغ عددهم 105 آلاف شخص.
وهيئة الاستثمار القطرية تملك في الأصل حصة بنسبة 28.6 في المائة في شركة سونجبيرد، في حين تملك بروكفيلد حصة بنسبة 22 في المائة في مجموعة كناري وارف التابعة.
وفي حال نجح العرض ستكون شركة بروكفيلد وهيئة الاستثمار القطرية قادرتين على إخراج مساهمي الأقلية، وإضعاف هيكل الملكية المتشابك والسيطرة الكاملة على المجموعة.
مجلس إدارة سونجبيرد – الذي يمثل تاريخ الملكية المعقد فيها – لم يعتقد أن العرض كان مرتفعاً بما فيه الكفاية. وكان القرار في يد المساهمين الذين هم زملاء القطريين في سونجبيرد: الملياردير سايمون جليك من نيويورك، وبنك موجان ستانلي، ومؤسسة الاستثمار الصينية.
هل هذا هو الوقت المناسب للخروج من سوق العقارات في لندن؟ لقد كان سؤالاً يلقي بظلال كثيفة على المساهمين الثلاثة هذا الأسبوع.
استثمر جليك أول مرة في كناري وارف عام 1995 – ومباشرة شهد تاجر الألماس السابق الذي تحوّل إلى ملياردير في مجال العقارات كيف عانى حي الأعمال في لندن حين تراجعت العقارات خلال الفترة بين عامي 2000 و2008.
ومورجان ستانلي كان منفتحاً لعملية البيع لأن صندوقه للاستثمار العقاري – الذي أخذ حصة في عام 2004 واستفاد بشكل كبير من عملية إعادة رسملة في عام 2009 – بلغ تاريخ استحقاقه.
في الوقت نفسه، كانت مؤسسة الاستثمار الصينية قد حققت أرباحاً حيثما استطاعت عدة مرات في صفقات أخرى. فهل يرغبون فعلاً في تفويت عملية استحواذ من شأنها منحهم الخروج الفوري، خاصة في هذا الوقت الذي يناقش فيه سكان لندن طول عمر طفرة العقارات في المدينة؟ الجواب كان لا.
ويوم الأربعاء، صُدم عالم العقارات من كشف المساهمين الثلاثة عن دعمهم لعرض هيئة الاستثمار القطرية وشركة بروكفيلد، على الرغم رأي مجلس إدارة سونجبيرد في الأمر. لقد كانت الصفقة مثل عائد كبير على نقودهم – وهي صفقة ربما لا تكون معروضة مرة أخرى قبل أن تتحوّل السوق.
وهكذا أنهى قرارهم مواجهة مثيرة استمرت ثلاثة أشهر بدأت في تشرين الثاني (نوفمبر) عندما تم تسريب أنباء عن الصفقة. ووقتها نفت جميع الأطراف التسريب وأشارت إلى شكوكها في بعضها بعضا.
ولم تكُن تلك المرة الأولى التي تعرب فيها بروكفيلد عن اهتمامها بالسيطرة على مجموعة ناطحات السحاب. ففي عام 2004، تفوّق عليها كل من جليك ومورجان ستانلي في معركة استحواذ. وبعد ذلك تم إحباط محاولة أخرى في عام 2009 في آخر لحظة، عندما جلبت سونجبيرد مؤسسة الاستثمار الصينية وهيئة الاستثمار القطرية لتعزيز أسهمها بدلاً من ذلك.
ريك كلارك، رئيس قسم العقارات في بروكفيلد، خاطب هيئة الاستثمار القطرية الصيف الماضي من أجل ضم الصفوف. وظلت علاقة مزدهرة على مدى شهرين. وقدم الثنائي في تشرين الثاني (نوفمبر) عرضا بمبلغ 2.2 مليار جنيه، أو 295 قرش للسهم، لكن تم رفضه بسرعة. وجادل مجلس إدارة سونجبيرد بأن العرض كان “أقل من القيمة الفعلية للشركة بشكل كبير” وانتقل بسرعة إلى عملية تقييم بواسطة جهة مستقلة. وهذا منح سونجبيرد قيمة تبلغ 381 قرشا للسهم، أي 2.8 مليار جنيه.
وكان رد بروكفيلد وهيئة الاستثمار القطرية أن عرضهما كان يُغطي تكاليف إعادة تمويل سندات سونجبيرد ذات الأسعار العالية.
لكن الجانبين لم يدخلا في محادثات – أحال المساهمون المزاودين إلى مجلس الإدارة، في حين أن مجلس الإدارة كرر تركيزه على السعر.
وقبل يومين على انتهاء موعد ـ بموجب مبادئ عمليات الاستحواذ في المملكة المتحدة ـ لتقديم عرض قاطع من جانب بروكفيلد وهيئة الاستثمار القطرية، صاغ الطرفان إعلانين منفصلين. جاء في الإعلان الأول أنهما سيتراجعان، لكن الثاني حمل عرضا نهائيا يبلغ 350 قرشا للسهم، أي 2.6 مليار جنيه. وقبل اتخاذ أي قرار، حدثت تغيرات إدارية كبيرة ضمن هيئة الاستثمار القطرية. وتم بشكل غير متوقع إقصاء أحمد السيد، رئيس الصندوق، وشخص آخر على اطّلاع وثيق بالصفقة.
ووضع ذلك علامة استفهام على استراتيجية هيئة الاستثمار القطرية الخاصة بالعقارات اللندنية. وقال شخص على علاقة بالموضوع: “لم نكن في تلك المرحلة على بينة من أنه سيكون هناك عرض آخر”.
لكن الرئيس الجديد لهيئة الاستثمار، الشيخ عبد الله بن محمد بن سعود آل ثاني، مضى قدما بالصفقة. وفي الرابع من كانون الأول (ديسمبر)، قدمت بروكفيلد والهيئة عرضهما بقيمة 350 قرشاً للسهم.
وسعى مجلس الإدارة إلى إيجاد مشترين آخرين. وكان هناك مشتر آخر لديه رغبة جدية في الشراء، لكن الجدول الزمني الضيق وهيكل الملكية المعقد كانا من الأمور التي صدته عن المتابعة.
وحتى يوم الثلاثاء الماضي لم تكن لدى بروكفيلد أو هيئة الاستثمار أية فكرة أن عرضهما سيفوز. وحين كشف مورجان ستانلي وهيئة الاستثمار الصينية وجليك عن مساندتهم في اليوم التالي، مهد ذلك الطريق أمام المشترين للمضي في خطة التوسع الطموحة في كناري وارف. وجادل مجلس إدارة سونجبيرد بأن التوسع يضيف قيمة إلى الشركة. وإن لم يفعل، فإن بروكفيلد وهيئة الاستثمار القطرية سيشعران بالأسف لشرائهما بسعر أعلى ـ حتى في الوقت الذي يتمتعان فيه بالمنظر من المبنى.